رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 اكتوبر 2006
العدد 1746

رمضان العراق
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

أمسى العراقيون على اختلاف يوم الجمعة 22 من الشهر الفائت، إذ صام السنة مع بقية دول الخليج العربي في اليوم التالي، وانتظر الشيعة في غالبيتهم أمر المرجع الديني آية الله السيستاني لكي يصوموا بعدهم بيومين· وإذا كان هذا الأمر مما ألفوه، بل ألفه جميع المسلمين في اختلافهم على رؤية هلال رمضان وشوال، فإن ما أصبحوا معتادين عليه منذ العاشر من أبريل 2003  هو صوت دوي القنابل والانفجارات وما تحمله من موت وإزهاق لأرواح الأبرياء· فقد حصد تفجير بسيارة ملغومة 35 شخصاً معظمهم من النساء كانوا يقفون على محطة لبيع الكيروسين (الكاز) في مدينة الصدر في غرة رمضان!! وهي ليست العملية الوحيدة في ذلك اليوم، إذ تطول القائمة والمقام لا يسمح بسردها جميعاً·

وتوترت الأجواء السياسية في هذا الشهر بشكل غير مسبوق حينما أعلنت الحكومة العراقية منعاً مطلقاً للتجول شمل المركبات والمشاة، وهو أمر لم تعتد المدينة عليه خاصة في هذا الشهر· وقد اتضح أن أحد حراس رئيس كتلة التوافق الوطني عدنان الدليمي كان يزمع القيام بعملية انتحارية مستغلاً صفته الأمنية· وهو ما دعا ممثل التيار الصدري في المجلس الوطني بهاء الأعرجي إلى شن هجوم بالاسم على رموز تلك الكتلة واصفاً مشروع المصالحة الوطنية بالأكذوبة!! والحق أنه رغم نقاط الاتفاق التي تجمع التيار الصدري مع كتلة التوافق لعل أبرزها مطالبتهم خروج القوات الأجنبية بشكل فوري من العراق، إلا إن ما يفسد ذلك الاتفاق هو صراعهما المرير للسيطرة على مدينة بغداد·

ويهل رمضان هذا وقد غدا العراق "أخطر مكان في العالم" بوصف صحيفة الإندبندنت البريطانية (25/9) ويسجل مراسلها باتريك كوكبورن مشاهداته في محافظة ديالى الواقعة في الشمال الشرقي من العراق حيث ينقل عن أحد قادة الشرطة هناك أن حرباً أهلية فعلية قائمة فيها على قدم وساق أساسها الانتماء المذهبي، والذي يعتقد الكاتب أن جمهورية على غرار جمهورية طالبان قيد التأسيس فيها· ومن المعروف أن سكان ديالى هم خليط من الشيعة والسنة والأكراد· وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الداخلية العراقية أن عدد المهجرين من أحيائهم وقراهم وبلداتهم قد وصل إلى ربع مليون نسمة!!

وليت الصراع الطائفي هو الصراع الوحيد الذي يئن منه العراق، إذ ثمة صراع آخر تدور رحاه ينطلق من أساس قومي بين العرب والأكراد في المناطق الشمالية· فبعد أن أمن الأكراد مدينة كركوك وأصبحت الغلبة لهم، أصبحت الموصل، وهي مدينة تعداد سكانها أقل بقليل من المليونين نسمة معظمهم من العرب مسرحاً لأعمال عنف هدفها السيطرة على المدينة· وتعتمد القوات الأميركية في السيطرة على المدينة على فرقتين من الجيش العراقي يبلغ عديد أفرادها ثلاثين ألفاً نصفهم من الأكراد ( قوات البيشمركة) في حين يسيطر العرب على جهاز الشرطة المكون من 16 ألفاً، والثقة بين القوتين معدومة كما يكتب كوكبورن في عدد آخر من الإندبندنت (27/9) والمشكلة التي قد تتفجر هي حينما سيصوت المجلس الوطني في آخر عام2007 ، على تبعية (المحافظة والمدينة )، فإما أن تلحق بإقليم كردستان (الذي يعيش استقلالاً فعلياً) كما يطالب الأكراد، أو تبقى خارج إطار ذلك الإقليم·

إن هذا الاقتتال الداخلي القائم على أساس طائفي وقومي مدعوماً بتوزيع سكاني بين جنوب شيعي ووسط سني وشمال كردي ليغري ويسهل من عملية الانفصال والتجزؤ تحت مختلف المسميات كالفيدرالية كما هي مطروحة هذه الأيام· وتجزؤ العراق - كما يقول الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع مجلة ديرشبيغل الألمانية  24/9- سيكون مضراً ليس بالعراق وحده بل بكل المنطقة من سوريا مروراً بدول الخليج العربي إلى منطقة وسط آسيا· إنه كمسبحة انفرط عقدها، حيث توجد في كل هذه المجتمعات تقسيمات قائمة على الدين أو العرق، فالتجزؤ إن حدث في واحدة من هذه الدول لا محالة منتقل إلى دولة أخرى وهكذا·

وفي جو الإخفاق الإمريكي من بناء عراق ديمقراطي فيدرالي مزدهر ومع تزايد التوتر والأعمال الإرهابية يتصاعد الجدل في واشنطن حول تقييم احتلال العراق، فقد أظهر تقرير استخباراتي نشرت جريدة النيويورك تايمز أجزاء منه (24/9) يبين  "أن العراق أصبح محط أنظار المتشددين الإسلاميين ونقطة التفاف وقضية يتجمعون حولها في جميع أنحاء العالم"· ويضيف "إن حرب العراق قد ساعدت على تجنيد المؤيدين للحركة الجهادية العالمية·" ورغم أن الحكومة العراقية تحرز بعض النجاحات في ملاحقة الإرهابيين والإيقاع بهم كالقبض على زعيم أنصار السنة في ديالى وحصولها على شريط لأبي أيوب المصري زعيم القاعدة الجديد في بلاد الرافدين إلا إن تلك النجاحات لا تنعكس على الجبهة السياسية بالذات في مسألة المصالحة الوطنية·

إن مشكلة العراق اليوم تكمن في وجود الاحتلال الأميركي على أرضه وفي قواه السياسية التي تتصدرها التيارات الإسلامية، سواء المنخرطة في العملية السياسية أو المقاومة للوضع الجديد· فسيطرت التيارات الدينية على الشارع في بلد تتنازعه التقسيمات المذهبية لا محالة سيؤدي إلى استفحال الخطر الطائفي، فضلاً عن دعوات الأكراد القومية إلى الانفصال· أما الخروج من هذا المأزق فهو استنهاض قوى الفصائل والتيارات الوطنية بطرحها العلماني الداعي إلى خلق عراق حر وديمقراطي وفيدرالي على أسس من الوحدة الوطنية والإخاء القومي·

alyusefi@hotmail.com

�����
   

كلاكيت رمضاني:
يوسف الكندري
رمضان العراق:
د. محمد حسين اليوسفي
أصدقاء الأمس أعداء اليوم:
د. حصة لوتاه
بمقاومتنا نحرر أسرانا:
عبدالله عيسى الموسوي
بين قرطبة ودبي:
ياسر سعيد حارب
في ذكرى رائدة من رواد العمل الإنساني والاجتماعي والسياسي ليلى فخرو:
محمد القديري
التواصل في رمضان:
د. فاطمة البريكي
الفوضى المنظمة:
فيصل عبدالله عبدالنبي
المراقبة المغيبة:
المهندس محمد فهد الظفيري
"والله اللي مكتوب صج"!!:
على محمود خاجه
شريعة المناقصات!!!:
سعاد المعجل
رمضان كريم:
المحامي نايف بدر العتيبي
حل إسلامي لمشكلة المرور:
صلاح الهاشم