رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

سبع سنوات أخرى
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

"لا شيء سيتغير نتيجة هذه الانتخابات" قالها أحد الموظفين اليمنيين المتقاعدين من الذين عقدوا العزم على عدم الذهاب إلى صندوق الاقتراع لمراسل الجريدة الأميركية كرستيان سينس مونيتور (20/9) وأضاف: "لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية عربية، والديمقراطية التي عندنا ما هي إلا وهم"!! ربما كان هذا المواطن على حق، ذلك أن لا أحد كان يتوقع أن تدويراً للسلطة كان سيأخذ مجراه، كما هي الحال في الديمقراطيات العريقة، بل لا أحد كان يتوقع أن تكون المنافسة حقيقية بين الرئيس علي عبد الله  صالح، الذي يحكم اليمن منذ 28 سنة، وبين المهندس فيصل بن شملان، الذي كان وزيراً للنفط في العام 1995 واستقال احتجاجاً على استشراء الفساد في الحكومة·

ومع ذلك، فهذه الانتخابات قد جرت تحت سمع وبصر 350 مراقباً دولياً وقرابة 45 ألف مراقب محلي، وقد قيمت كبيرة المراقبين الدوليين الأوروبيين البارونة نيكلسون أوف وينتربون سير المراحل الأولى للانتخابات، أي مرحلة الدعاية والإدلاء بالأصوات بأنها "لبت إلى حد كبير المعايير الانتخابية الدولية وتمت في جو ديمقراطي نسبياً" وبالتالي - كما تقول - "منحناها تقدير جيد إلى جيد جداً"· ( البي بي سي 24/9) ولعل ما يدعم رأي المراقبين الدوليين أن المرشح علي عبد الله صالح قد حاز على %77 من أصوات الناخبين في حين كانت نسبته في الانتخابات السابقة التي جرت في العام 1999  أكثر قليلاً من %96·

ولا شك أن الانتخابات الأخيرة قد شهدت تنافساً شديداً خاصة أنها لم تكن انتخابات رئاسية فقط، بل كانت أيضاً لانتخاب مجالس المحافظات الواحد والعشرين والتي رشح لها1612  شخصاً للفوز ب431  مقعداً فضلا عن التنافس على مجلس المديريات وعددها 333 وتنافس على مجالسها 6896  مرشحاً· ولليمن مجلس نيابي منتخب يضم301  نائباً ولم تفلح المرأة اليمنية في الوصول إلى سدته في آخر انتخابات أجريت له في العام 2003· ونسبة المشاركين في الانتخابات الأخيرة تجاوزت بقليل %65 من جملة المقيدين في السجلات الانتخابية وعددهم يفوق التسعة ملايين· ولو صدقت أرقام البي بي سي فإن نسبة مشاركة المرأة اليمنية في التصويت قد فاقت نسبة الرجال لتصل إلى 3.9  مليون ناخبة·

ومهما تكن طعون المعارضة في صحة الانتخابات ونزاهتها، فإنه لا خلاف على أن الرئيس علي عبد الله صالح يحظى بشعبية عريضة لعل أبرز مرتكزاتها تحقيقه للوحدة بين شطري اليمن، وكانت تلك الوحدة حلماً راود جميع اليمنيين ودعت إليه جميع ألوان الطيف السياسي بما فيه الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن منذ استقلالها عن بريطانيا في العام 1967· وقد تحققت تلك الوحدة سلمياً في البداية في مايو1990 ثم بقوة السلاح في العام 1994· وقد وضعت تلك الوحدة الأرضية الفعلية لعملية تنمية حقيقية في بلد أصبح مساحته أكثر من نصف مليون كيلومتر مربع· بيد أن تلك التنمية تتطلب جهداً حقيقياً من رأس السلطة في محاربة الفساد واستخدام موارد الدولة المحدودة استخداماً رشيداً·

وستكون الانتخابات ونتائجها والديمقراطية كنظام قليلة النفع لسكان اليمن البالغ عددهم أكثر من واحد وعشرين مليوناً ونصف والذين يعتبرون أفقر فقراء العرب حيث يعيش أكثر من %45 منهم تحت خط الفقر بدخل لا يتجاوز للفرد 900 دولار في السنة، وحيث معدلات الزيادة السكانية تفوق الثلاث والنصف سنوياً، أقول، سيكون ذلك النظام غير ذي جدوى إن لم تحسن القيادة السياسية استخدام موارد البلد الشحيحة الاستخدام الأمثل وإيجاد مصادر أخرى للدخل كالسياحة مثلاً حيث تتمتع اليمن بمناظر طبيعية خلابة وبطقس معتدل في الأجزاء الشمالية وهي فوق هذا وذاك تمتلك شواطئ طولها يربو على الألفين كيلومتر·

وتأتي موارد الدولة حالياً من النفط الذي تنتج منه390  ألف برميل يومياً تقريباً فضلاً عن احتياطي يبلغ أربعة بلايين ونصف برميل· ولعل زيادة أسعار النفط الحالية قد عدلت ميزان مدفوعات اليمن في العام 2005 لصالحه ببليون ونصف· وتمتلك اليمن احتياطياً للغاز الطبيعي يقدر ب479 بليون متر مكعب· واليمن السعيد أرض زراعية بيد أن كثيراً من أراضيها الصالحة تهدر في سبيل زراعة القات، الذي هو فضلاً عن أنه مادة مخدرة تعيق الإنتاج والنشاط، فإن زراعته تستهلك نصف كمية المياه المخصصة للزراعة·

وتواجه اليمن مشكلات عديدة أخرى تحد من تطورها وتجعل تلك العملية صعبة· فنسبة الأمية فيها مرتفعة تتجاوز نصف سكانها، ولا زالت الولاءات القبلية معيقاً لبسط سلطة الدولة بشكل فعلى على كل ربوع اليمن· وهناك تذمر من أهل الجنوب بسبب الإحساس بالتمييز فضلاً عن انتشار التطرف الديني الذي يمتزج بالقوى القبلية وبالتالي يصعب محاربته· على أن تلك الصعوبات وإن كانت تمثل تحديات للسلطة اليمنية بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح، غير أن تلك القيادة أصبحت بوضع سياسي أقوى بتجديد شرعيتها بواسطة الاقتراع الشعبي العام الأمر الذي يمكنها من تذليل تلك الصعوبات انطلاقا من أرضية صلبة مدعومة بزخم شعبي عارم·

alyusefi@hotmail.com

�����
   

قوس التطرف:
سعاد المعجل
زمانان ما بين هدى وليلى:
د. محمد عبدالله المطوع
الفساد وذاكرة المجتمع:
محمد بو شهري
لاحاجة إلى حوار بين الأديان:
فهد راشد المطيري
ماكو فايدة:
على محمود خاجه
فراش الوزير "وزير":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
نواب الأمة كل وهمّه:
المهندس محمد فهد الظفيري
كارثة الغزو.. كلاكيتزز ثاني مرة:
صلاح الهاشم
سبع سنوات أخرى:
د. محمد حسين اليوسفي
رمضان ومفارقات الزمان:
د. لطيفة النجار
عام الهزيمة والإحباط في إسرائيل:
عبدالله عيسى الموسوي
في ما أثاره حارس العقيدة من جدل:
منصور مبارك
كاميرات في حفلات الزفاف:
د. فاطمة البريكي