رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23 رجب 1424هـ - 20 سبتمبر 2003
العدد 1595

ثقافة بائسة!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أشار أحد أعضاء وفد رابطة الأدباء الكويتية، الذي زار عددا من الدول العربية المشرقية، أن الوفد قد حظي باستقبال متميز في تلك الدول، وأن الأدباء والمثقفين فيها يتوقون للقاء زملائهم الكويتيين، وليس لدي من شك بأن ما ذكره صديقنا العزيز هو الحقيقة، كما أن هؤلاء الإخوة العرب يتمتعون بالحرص على تقديم صورة جميلة عن مشاعرهم، لكن ما أثارني هو ذلك الموقف غير المفهوم من عدد من الأدباء الأردنيين الذين شجبوا موقف رئيس رابطتهم نظرا لاستقباله الكويتيين الزائرين، والذين حُملوا من أولئك الأردنيين بأنهم سبب مآسي هذه الأمة من المحيط إلى الخليج·

 وغنى عن البيان أن مثل هذا الموقف يعبر عن ثقافة متأصلة التزمت بإيديولوجية سياسية تتوافق مع الشمولية الفكرية والاستبداد السياسي ومعاداة الآخرين، وليس أدل على ذلك من موقف اتحاد الأدباء العرب ومواقفه المتصلبة ضد الكثير من المثقفين العرب، وكأن ذلك الاتحاد فرعا لحرب سياسي حاكم في إحدى الدول العربية وليس منتدى للمثقفين الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرارا في مواقفهم ورؤياهم، غير أنه من المستحيل أن يصل إلى منظمات المجتمع وقياداته في الدول الشمولية من هو حر في التفكير أو يكون متسامحا ثقافيا·

ولو كانت هناك مساهمات ثقافية متميزة للكتاب والأدباد العرب لتحمّلنا ذلك الاستبداد الفكري، لكن لا توجد مؤشرات تؤكد أن العرب قد تمكنوا من منافسة الآخرين في الإنتاج الفكري والثقافي·

لا نستطيع أن ندعي بأننا نضاهي الإسبان أو الإيطاليين أو حتى الأفارقة في نتاجهم الثقافي، وقد يجد المثقفون العرب الجادون صعوبات مهمة في تسويق نتاجهم، حيث الانكباب على كتب السحر والشعوذة والخزعبلات، وكذلك انخفاض مستويات القراءة إلى حد كبير في أوساط الشعوب العربية· وبالرغم من الكم الكبير من الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية في الكثير من البلدان العربية، لايجد المرء إقبالا على تلك الدوريات، وإذا كان هناك من يقرأ الصحف اليومية، فإن مستوى الاهتمام بالمواضيع الجادة أو التحليلات يظل متواضعا·· ومما لا ريب فيه أن مثل هذه الوضعية تجعل من صناعة الثقافة غير  مجدية، ولا تمكن العاملين فيها من الرقي والتقدم أو الدفع للإنتاج والإبداع الفكري، وهناك تساؤلات عن الأسباب الكامنة لهذه الحال الثقافية التي أدت إلى التسطيح والابتذال الفكري، وهي لابد أن تكون أسباب كثيرة ومتنوعة وربما معقدة·

لا يقتصر فقر النتاج الثقافي العربي على المساهمات المباشرة، ولكن هناك ضعف في الترجمة من اللغات الحية في منطقة من العالم لا يجيد معظم أفراد شعوبها اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية·· وقد ذكرت بعض التقارير الأممية أن ما ترجمه العرب في ألف عام من كتب يترجم الإسبان ما يقابله بالعدد في عام واحد، وهذا دليل واضح على البعد عن الحضارة الإنسانية وثقافتها المتنوعة، ومن نافلة القول إن استيعاب العلوم والآداب وفروعها لا يمكن تحقيقه دون التعرف على مساهمات الأمم الأخرى من خلال الإصدارات والكتب، كذلك فإن الأعمال الأدبية التي تصدر في البلدان الأخرى تتطلب إما معرفة باللغات الأصلية أو ترجمتها للغة المتلقي، ومما لا شك فيه أن التواصل مع المجتمعات الأخرى لابد أن يتم من خلال الاطلاع على الروايات وقراءة الدوريات والمجلات، لكن في ظل التراجع الفكري والثقافي في البلدان العربية لا يجد المرء ذلك الاهتمام المناسب بالترجمات ووسائل إيصال نتاج الثقافات للقراء العرب·

لكن، ما هي الأسباب التي تدفع إلى هذا البؤس الثقافي في البلدان العربية حتى تلك التي اتسمت بالتحضر منذ نهايات القرن التاسع عشر، مثل مصر وسورية ولبنان والعراق؟ فتش في الأوضاع السياسية التي تحولت منذ خمسينات القرن الماضي إلى حياة شمولية نتيجة لسيطرة العسكر على الحكم وجلبهم معهم أحزابا فاشية متطرفة·· ولقد جاءت الانقلابات لتؤكد هيمنة الثقافة المتخلفة المعادية للتحضر بسبب التكوينات الاجتماعية لقادة الانقلابات وقيادات الأحزاب الحاكمة·· كما أن هؤلاء أوجدوا طغيانا سياسيا كاسحا لا يسمح بالرأي الآخر ولا يتسامح مع المعارضين، ليس فقط في الميدان السياسي ولكن حتى في ميادين الأدب والمسرح والسينما والبرامج التلفزيونية وغيرها، هؤلاء قاموا بوأد إمكانات تطوير التعليم النوعي الذي يؤكد القدرات الذاتية للفرد، وأوجدوا أنظمة تعليمية تسعى لتخريج أعداد كبيرة من الجامعات ومن المؤسسات التعليمية دون اهتمام بنوعية التعليم وصلاحيته للحياة المهنية للمتخرجين·

إن التحولات الاقتصادية والتقنية، والتغيرات في وسائل الاتصالات، والازدهار الإعلامي في العالم لابد أن تؤثر في العالم العربي، لكن ما نراه من استهلاك لهذه التطورات المتنوعة لم يسعف الثقافة العربية بطريقة إيجابية، هناك انتشار للفضائيات العربية وتزايد في البرامج الحوارية، بيد أن المنحى الذي تتجه له هذه البرامج يؤكد تكريس قيم التخلف والفكر الشمولي، والدليل على ذلك المنهاج الذي اتخذته هذه الحوارات بشأن العراق وما جرى فيه، لابد أن تكون الجهود جادة لإحداث نقلة نوعية في استخدام وسائط الثقافة، وهذا يحتم على العدد القليل من المثقفين العرب الذين مازالوا يتمتعون بفكر عقلاني متوازن للحرث في أرض قاحلة ويتحملون أقرانهم لأمد طويل حتي يمكن لهم أن يتواصلوا مع الجماهير الواسعة في البلدان العربية، لاريب أن المسألة الثقافية تمثل الحجر الأساسي في العملية التنموية على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وإذا لم تحرر القيم الثقافية من قيود التحجر والشمولية لن نستطيع أن نحقق الأهداف التنموية·

    tameemi@taleea.com

 

�����
   

العلاقات الإيرانية - الفلسطينية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حق الإنسان في الحماية من الاعتقال والحجز التعسفي:
المحامي د.عبدالله هاشم الواكد
ثقافة بائسة!:
عامر ذياب التميمي
وقائع ملحمة ذوبان الجليد
المستقبل المشرق بين الشعبين الشقيقين:
حميد المالكي
من يتحمل المسؤولية··؟!:
على محمود خاجه
هواة الإسلام:
صلاح مضف المضف
كفاكـم خلطا للأوراق:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
تأملات في سياساتنا عربياً:
د. جلال محمد آل رشيد
لنفهم طبيعة الصراع:
عبدالله عيسى الموسوي
واجبنا تجاه الشعب العراقي:
علي الكندري
في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر 2003:
يحيى الربيعان
"سوبر ستار": مركز جذب سياسي جديد Pop Idol:
خالد عايد الجنفاوي
المملكة وطن الاستقـرار:
المحامي نايف بدر العتيبي