يظن البعض مخطئا أن الكويت بلد التجار وأن نسبة التجار فيها مرتفعة وفي الواقع أن الكويت تعاني من نقص في التجار الحقيقيين فمن يطلق عليهم مجازا تلك التسمية هم ليسوا كذلك وإنما هم وكلاء منتجات عالمية تسابقوا في مرحلة الطفرة الاقتصادية للحصول عليها وتكديسها لدرجة أن بعضهم يجهل عدد الوكالات التي يملكها والبعض الآخر يمتلك وكالات لا يستخدمها ولكنه يحتكرها كي لا يستحوذ عليها منافس من الكويت، وتقاس أرصدة هؤلاء في البنوك بحجم وكالاتهم وأهميتها، وبإمكانك معرفة ثروة أي منهم بمجرد معرفة نوع الوكالات التي يحتكرها وعدد السنوات التي احتكرها·
التجارة الحقيقة تكمن في الصناعه فهل لدينا تاجر يصنع المشروبات الغازية؟ أوتاجر يصنع السيارات؟ أو تاجر اشتهر بسلسلة مطاعمه؟ معظم تجار الكويت كسالى وفضلوا استخدام منتجات الغير على ابتكار منتجات جديدة قد تتعرض للخسارة لذا فإن رحلاتهم لا تهدأ واقتناصهم للوكالات العالمية يصل إلى حد التنافس البشع وعندما يموت الوكيل الرئيسي في الكويت فإن أبناءه وورثته يتقاتلون في المحاكم وويخاصم الأخ أخاه وتنفصل الزوجة والولد عن عمه والأخت عن أمها من أجل تركة الوكالات وقد تسبب جشع هؤلاء الوكلاء “بتنشيف” مصادر الرزق عن الآخرين والسيطرة على معظم الوكالات العالمية، وتأكيدا لهذا يقول “شباز” وهوهندي مقيم في الكويت وتخصص في اقتناص الوكالات لأحد التجار الكويتيين إنه استطاع احتكار 350 وكالة دولية في الكويت لأجل "معزبه" الذي لا يستخدمها نهائيا ومن جانبه يقول بزيع وهوتاجر كويتي شاب بأنه سئم البحث عن فضلات الوكالات في الأسواق العالمية فلم ينل شيئا يستحق الذكر فبادر لزيارة الوكلاء المحتكرين وطالبهم ببيعه بعض الوكالات التي لا يستخدمونها ولكنهم رفضوا فعرض عليهم إدارتها وتشغيلها وأخذ نسبة من الأرباح وكان له ما طلب·
وقد نجم عن تجارة الوكالات في الكويت آثار وخيمة على المستوى الاجتماعي لبقية أفراد الشعب إذ تحولوا من تجار منافسين إلى مواطنين مستهلكين نظرا لتغير مستوى المنافسة من بضاعه بمقاييس محلية إلى بضاعه بمقاييس دولية وبنظام الاحتكار فأحس صغار التجار بالضياع فتلاشوا بمرور الزمن واتسعت الهوة بين أفراد الشعب وتلاشت الطبقة الوسطى وازداد الغنى ثراء وقبع المواطن البسيط بالأقساط والأغرب من هذا أن بعض التجار أطلقوا شعار المنتج الوطني على منتجاتهم المصنعة بوصفة غربية وبإدارة آسيوية وبأرض حكومية وأرباح تصب في جيوبهم وطالبوا المواطنين بدعم المنتج الوطني وهم في الواقع أكثر من يحارب الوطنية، وفي هذا الصدد يقول عبدالمحسن وهومهندس شاب " تقدمت بطلب لتعييني في معظم المصانع التي اشتريت من منتجاتها وحثثت أهلي على الشراء منها فكان ردهم علي هوالتجاهل وكان أكرمهم ردا تاجر في الخمسينات من العمر إذ طلب مني الدخول إلى مكتبه وقال لي بأنه بإمكانه تعيين ثلاثة آسيويين بالراتب نفسه الذي أتوقعه فقلت له “بس أنا منتج وطني” فقال لي كلمة من حرفين لا أستطيع ذكرها·
almelhem@taleea.com |