رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 محرم 1427هـ - 22 فبراير 2006
العدد 1716

تفجير سفارات الدنمارك والنرويج
د· منى البحر

أساءنا كثيرا نشر إحدى الصحف الدنماركية صورا مشينة ومغلوطة عن نبي الأمة الإسلامية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأساءنا أكثر رفض الجريدة المسؤولة والحكومة الدنماركية الاعتذار لمسلمي العالم عن هذه الإهانة، وهو موقف يتعارض كثيرا مع مبادئ حقوق الإنسان واحترام العقائد الذي تنص عليه الكثير من المواثيق والأعراف الدولية الصادرة من دول الغرب· من هنا يصبح كل ما نشرته الصحيفة الدنماركية وغيرها من الصحف الأوروبية الأخرى من رسوم كاريكاتيرية عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خارجا عن كل موضوعية وعن كل حدود اللباقة، ولا يمكن قبوله تحت أي مسمى أو عرف، بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير·

نحن لسنا ضد ممارسة حرية التعبير، كما كتب باللغة الإنجليزية على إحدى الصور التي نشرتها الجريدة الدنماركية، ولكننا نعتقد أن حرية الرأي هذه يجب أن تكون مقرونة بالحساسية والمسؤولية، ويجب أن تنطلق من احترام الآخرين وما يؤمنون به من معتقدات، وأن تكون موضوعية ولا تكيل بمكيالين، فأين حرية التعبير عندما يكون الموضوع متعلقاً بانكار الهلوكوست "محرقة اليهود"، وهل كان من الممكن أن يتجرأ راسم الكاريكاتير هذا، أو صحيفة يلاندس بوستن، أن يكتبا أو يعبرا عن شيء يمس هذه المسألة؟ أشك في ذلك·

نحن لسنا ضد حرية التعبير والرأي، ولكننا ضد ازدواجية المعايير المتعلقة بحرية التعبير والرأي وضد التجاوزات والتطاول على الآخرين الذي يمكن أن يرتكب بحجة التعبير عن الرأي· نحن ضد الاختزال والتعميم غير الموضوعي·

في المقابل، بقدر ما أساءنا تصرف الصحيفة الدنماركية والصحف الأوروبية الأخرى، أساءنا رد الفعل الذي جاء من بعض المسلمين على مثل هذه الإساءة، والمتمثل في الاعتداء على سفارات الدول المسيئة، لأنه رد اتسم بغير ما يتحلى به المسلمون من أخلاق، فقد كان غير موضوعي وخاليا من أي إحساس بالمسؤولية أو الاحترام للآخرين، رد يسيء للإسلام ونبي الإسلام أكثر مما ينصره ويؤكد وبشدة على وجهة النظر التي حوتها الرسوم الكاريكاتيرية، وهي أن الإسلام دين عنف واضطهاد وأن نبي الإسلام محرض لمثل هذا السلوك·

إن حرق سفارات الدنمارك والنرويج في كل من سورية ولبنان سلوك خارج تماما عن حدود المسؤولية الدينية والوطنية، سلوك منافٍ لأخلاق الرسول وللأخلاق الإسلامية والإنسانية بشكل عام، فقد كان أولى بهؤلاء المتظاهرين أن يتحلوا بسمات وصفات الرسول ويتخذونه أسوة لهم، قبل أن يخرجوا للدفاع عنه· كان الأولى بهم أن يدافعوا عن الرسول بشكل يعكس عدله ويسره ورحمته وسماحته، بعيدا عن التعصب والتشنج، وأن يتبعوا قول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"·

إن سلوك هؤلاء المحتجين لا يختلف عن سلوك راسم الكاريكاتير، فكلاهما غير مسؤول وسلوك خال من أية مصداقية أو موضوعية· ففي الوقت الذي اختزل فيه راسم الكاريكاتير الدنماركي الرسول صلى الله عليه وسلم والأمة الإسلامية كلها في فكرة واحدة مغلوطة، وهي فكرة التطرف والعنف، كذلك فعل هؤلاء المتظاهرون الذين اختزلوا جميع الدنماركيين وجميع الأوروبيين في شخصية رسام الكاريكاتير، الذي على ما يبدو أنه لا يحترم ديانات الآخرين ومعتقداتهم، على عكس الكثيرين من أهل بلده وملته·

إن ما صدر من الصحيفة الدنماركية خطأ مشين لا يختلف عليه اثنان، وقد تمت إدانته من قبل كثير من المؤسسات والشخصيات الأوروبية، وفي المقابل ما قام به بعض المحتجين في بلاد المسلمين أيضا سلوك خاطيء وقد عمل على تشويه سمعة الإسلام وتأكيد كل المغالطات التى يدعيها البعض ضده· لقد كان الأجدر بالمحتجين اتباع مسلك دين الله سبحانه وتعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن"، ومسلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي شهد له ربه سبحانه وتعالى بحسن خلقه "وإنك لعلى خلق عظيم"·

لقد تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء دعوته لكثير من الأذى والاعتداء، ولكنه لم يرد يوماً على الإساءة بالإساءة، وحكايته مع اليهودي الذي كان يلقي بالقمامة على باب بيته كل يوم، وحين لم يلقها قال محمد صلى الله عليه وسلم لزوجه إن اليهودي لم يمر اليوم فلعله قد مرض ومن الواجب زيارته، لهي من أهم الشواهد على سلوكه الكريم المتسم بالخير والدفع بالتي هي أحسن·

لقد كانت دعوته عليه الصلاة والسلام تستند دائما وأبدا إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وبناء عليه، يجب أن نغضب للإساءة التي تعرض لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأن نتحرك لنصرته كرمز ولنصرة ديننا، ولكن يجب أن نقوم بذلك ضمن حدود تعاليم الإسلام وأخلاق الرسول وأن لا ننجرف إلى انفعالات نفسية وعصبية خارجة عن حدود المنطق، بل يجب أن نتصرف بعقلانية وحكمة لنستدل للطريق الصواب الذي سيوصلنا لتحقيق أهدافنا وحفظ حقوقنا وكرامتنا وحقوق وكرامة الآخرين·

إن مثل هذه المواقف المسيئة التي تعرضنا لها قد تحدث اليوم وغدا وفي المستقبل، ونحن كمسلمين وكجزء من هذه البشرية التي تجمعنا بهم الكثير من التفاصيل، يجب أن نتعلم كيف نستثمر مثل هذه المواقف والأحداث بشكل إيجابي وقابل لأن يثمر ثمارا جيدة تصب في مصلحة الجميع· وللحق فإن قرار المقاطعة، وهو قرار منطلق من احترام الذات والذود عن العقيدة وبه شعور بالعزة والكرامة، قرار أتى بثماره وهو قرار منطقي ومعبر عن موقف يحفظ لنا شعورنا بأهمية المواقف التي نتخذها في حياتنا وأثرها في الدفع باتجاه احترامنا كأمة·

albaharm@yahoo.com

�����
   

ما الذي يجري في البورصة؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الحملة على المهرجان.. لماذا؟:
سعود راشد العنزي
إنفلونزا الطيور
...وسياسة التهوين!:
سليمان صالح الفهد
إرث السقيفة!!:
سعاد المعجل
لا إفراط أو تفريط..:
عويشة القحطاني
"خد ما تخذ":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
تفجير سفارات الدنمارك والنرويج:
د· منى البحر
تفعيل المادة(102):
صلاح مضف المضف
المياه أغلى من النفط:
د. حصة لوتاه
منتهى الوقاحة(1):
عبدالله عيسى الموسوي
حكومة اليوم.. وأحفاد الغد:
محمد جوهر حيات
ما هي إلا خواطر(2):
علي غلوم محمد
ليتك لم تتحدث يا موردخاي:
يوسف الكندري
المستقلون عن الأمة!:
مسعود راشد العميري
أسئلة مشروعة في دوائر ممنوعة!!:
عبدالخالق ملا جمعة