لا أعرف لمَ تتم ردود الفعل الحكومية تجاه ما يجري في بلادنا، وحوالينا، وفي العالم كله باستجابتين اثنتين فقط لا غير: الاستجابة الأولى تكمن في التهوين، والأخرى: تتبدى في التهويل! خذ - عندك - مثلاً·· مجرد مثل: موقف وزارة الصحة بخاصة، والحكومة الرشيدة بعامة، من مرض إنفلونزا الطيور، فمنذ أن نشر أول خبر عنه وتواتر - من ثم - بتقادم الأيام هنا وهناك، كان رد فعل الصحة مطمئناً هادئاً مهوّنا من المخاطر المحتملة مستقبلاً! وكأننا جزيرة معزولة عن العالم، أو محميّة بأسوار من المناعة التي لا يمكن أن يقتحهما سرب شارد من الطيور الربيعية القادمة من موطن البلاء والمرض!
· منذ سنوات عديدة: زعمت بأن طلاب ثانوية "كيفان" يدخنون السجاير جهاراً نهاراً في الساحات، والأروقة والملاعب، و"بيوت الأدب" كرمكم الله· وتماديت في الزعم بالقول: بأن هذه الفعلة في سبيلها إلى أن تكون ظاهرة في كل المدارس الثانوية للبنين! وقد انبرت وزارة التربية يومها: بالرد الجاهز على "مزاعم" العبدلله، والمتضمن إنكارها لشيوع الفعلة، وأنها مجرد حالات فردية شاذة تم احتواؤها· والبلية أنها لم تكتف باجترار الاستجابة التقليدية التهوينية، التي باتت أسطوانة مشروخة، ولم تعد صالحة لأي استعمال ذي جدوى! بل لاذت بالصمت تجاه الانتقادات الموجهة إليها بالموضوع ذاته!
إن الحجة التي نعتمد عليها عادة في هكذا موقف: تقول إن القيمين في الوزارة - أي وزارة - لا يرغبون في ترويع الناس وإثارة قلقهم· ومن هنا تجد أن كل ما صدر عن الجهات المختصة بشأن إنفلونزا الطيور يتم بعزف أسطوانة التهوين المشروخة!
والآن: أصبح الوباء جارنا! ويمكن أن يقتحم العباد، ويسكن البلاد على حين غرة، فهل نتشبث بموقف التهوين واللامبالاة والاتكالية؟!
والذي حدث الآن، جراء هذا الموقف السلبي، أن السكان في حالة بلبلة وقلق، وإشاعات تترى في ظل غياب التوعية والتوجيه والإرشاد·و··· كل ما من شأنه احتواء المرض ومحاصرته·
وحين تقع الواقعة - لا سمح الله - لا معنى مطلقا لأي موعظة ونصيحة تنهال على المواطنين والمقيمين، لأنه - بداهة - ليس من الحكمة ادعاء الحكمة إثر وقوع البلية· والأفضل لمن يزأر بها ويهتف: أن "يبلها ويشرب ميتها" ولا بأس على ميتها إذا وافاه الأجل نتيجة سياسة التهوين، وخطة عدم ترويع السكان سىئة الذكر·
إن ممارسة وثقافة وسياسة إدارة الأزمات غير حاضرة في حياتنا السياسية والإدارية "البيروقراطية"! الحافظ الله ياكويت! ونعم بالله سبحانه لكن الحافظ جل شأنه: أمرنا بالأخذ بالأسباب كما يعرف كل قارىء، لكن وزارة الصحة تردد النشيد "الحافظ الله يا كويت" باتكال خطير لا يعرف آثاره الخطيرة سوى: الحافظ سبحانه! حسبنا الله ونعم الوكيل! أما وكيل وزارة الصحة فنقول له و "النعم" إذا حضر الدواء قبل الفلعة! ساعتها: نقول له: ونعم الوكيل!· |