| بينما كان اليهود يحتفلون بعيد إنشاء دولتهم في مايو 1973 كانت كل من مصر وسورية تخططان سرا لشن حرب أكتوبر 73 وعندما أحس الملك حسين بذلك توجه بطائرته سرا للقاء غولدمائير ليخبرها بقرب شن الحرب على إسرائيل فحصلت تعبئة للجيش الإسرائيلي ما لبثت أن توقفت لأن الهجوم العربي لم يحدث، وعندما قرب موعد الهجوم وقع في يد الملك حسين خطة الحرب عن طريق جاسوس له في القيادة السورية فأرسلها الحسين لكيسنجر وموشي ديان وطار مرة أخرى لإسرائيل لتحذير غولدمائير فلم تعبأ له هذه المرة ورجع خائبا، واتخذ العرب قرار الحرب في السادس من أكتوبر بينما كانت أمريكا مشلولة بسبب فضيحة نيكسون في ووتر غيت، وانتصروا بالعبور وكسروا الأسطورة الإسرائيلية، فاكتسب ذلك التاريخ أهمية رسخت فيها مكانة الأردن كحليفة استراتيجية لإسرائيل وأمريكا تحضر من خلالها المفاوضات وتحاك عن طريقها الدسائس للصراع مع إسرائيل·
ولكن بعد ميلاد بؤرة صراع في الخليج تهدد المصالح الأمريكية وإسرائيل متمثلة بإيران، برزت في الخليج دولة تحذو حذو الأردن إلا أنه لا توجد مقارنة بينها وبين المملكة الهاشمية التي تمر ذكرى إنشائها هذا الشهر من عام 1922، فلا مقارنة من حيث الموقع الجغرافي والوضع الاقتصادي ونتائج الصراعات التي أجبرت الأردن على انتهاج سياسة معادية أحيانا لمصالح العرب بسبب عدم ثقتها بمقدرتهم على مواجهة إسرائيل المنفتحة على حدودها وهي ضعيفة·
إذا ما الذي يجعل دولة قطر تكرر النموذج الأردني بتحالفها مع إسرائيل وأمريكا من غير أن تكون هناك مبررات تجبرها على ذلك؟ فالدوحة تملك واحداً من أكبر مخزونات الغاز في العالم ولا تحتاج للمساعدات، والدوحة بعيدة جغرافيا عن بؤر الصراع سواء في العراق أو فلسطين، إلا أنها هرولت بعد إطاحة الشيخ حمد بوالده بشكل محير تجاه إسرائيل وخاصة بعد مؤتمر مدريد خريف 91، فقد التقى وزير خارجية قطر علنا بشمعون بيريز أول مرة عام 93، وهي أول دولة خليجية تتبادل الوفود الإعلامية مع إسرائيل، وفي عام 94 زارها نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، كما حرصت على إبراز مشاركتها في جنازة إسحق رابين عام 95 وفي الشهر نفسه زارها أيضا وفد إسرائيلي لتوقيع اتفاق تسيير رحلات جوية، كما أعلنت الدوحة عام 96 افتتاح قسم لإسرائيل لرعاية مصالحها في قطر خلال اجتماع أمير قطر برؤساء المنظمات اليهودية، وفي مؤتمر شرم الشيخ دعا أمير قطر شمعون بيريز لزيارة قطر التي تمت في إبريل من لعام نفسه وأثمرت على توقيع اتفاقيات تجارية وبيئية وسياحية والربط الهاتفي· وفي نوفمبر 2005 تراجعت قطر عن شرط قيام الدولة الفلسطينية كأساس لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ورفعت مستوى العلاقات معها بعد زيارة وفد إسرائيلي للدوحة·
الدور القطري الشبيه بالأردني بدا واضحا في حرب إسرائيل على لبنان، وتجلى في الوساطة بين بشار والسنيورة حيث وصل الأمير القطري بطائرته للبنان، في حين لم يجرؤ رئيس عربي واحد لفعل ذلك، لولا حماية الطائرات الإسرائيلية له، فذكرنا سموه برحلات العاهل الأردني الملك حسين بطائرته الخاصة لإسرائيل، وفي كلتا الحالتين كانت الحماية إسرائيلية·
إذا، فهل ما تقوم به القيادة القطرية مجرد مراهقة سياسية لقيادة شابة؟ أم أننا يجب أن نحذر الآن من قطر كما تحذرت مصر وسورية من الأردن خوفا من الخيانة في بداية الصراع العربي الإسرائيلي لأن قطر أصبحت صنيعة أمريكية لإستنساخ الأردن بالخليج؟
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان·
bdralbhr@yahoo.com |
