المنامة - الطليعة - خاص:
أثار اعتقال السلطات البحرينية للسيد عبدالهادي الخواجة المدير التنفيذي لمركز البحرين لحقوق الإنسان موجة من الاستياء في أوساط المهتمين بمتابعة الإصلاحات البحرينية التي بدأت مع بداية حكم الشيخ حمد بن عيسى ملك البحرين والتي تمثلت بخطوات انفتاح على المجتمع البحريني وخطوات أخرى نحو الإصلاح السياسي·
وقد استنكرت الجمعية البحرينية للحريات العامة ودعم الديمقراطية "سياسة التضييق على الحريات العامة ومصادرة الرأي الآخر وتكميم الأفواه التي تجلت في مجموعة القوانين المقيدة للحريات العامة والتي تعد متخلفة عن مسيرة الإصلاح وكان أفضحها قانون الجمعيات السياسية (المقيد للعمل السياسي) الذي صدر مؤخرا ثم توج بسجن نائب رئيس مركز حقوق الإنسان في البحرين عبدالهادي الخواجة إثر مشاركته في ندوة جماهيرية عن الفقر في البحرين"·
كما أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن "استيائه البالغ" من ذلك الاعتقال واعتبره انتهاكا صارخا لحرية الرأي والتعبير "واستمرارا لتراجع الإصلاح في البحرين"، ودعا المركز السلطات البحرينية للإفراج الفوري وغير المشروط عن الخواجة والتوقف عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية في البحرين وكان المركز قد أقام ندوة موسعة عن الفقر والآثار الاقتصادية في البحرين إلا أن وزارة الداخلية أغلقت نادي العروبة الذي استضاف الندوة واعتقلت نائب رئيس المركز بحجة أن الندوة لم تكن مرخصة من قبل الوزارة·
ملك البحرين من جانبه أبدى عدم رضاه عن الندوة التي رأى فيها انحرافا وإثارة للفتنة ومسا بالعائلات والدول الشقيقة مبينا أن بعض الندوات في الآونة الأخيرة استغلت أجواء الانفتاح وحرية التعبير وانحرفت عن أهدافها الوطنية على حد تعبيره، كما يبين أن من يستغل هذه الندوات بهذا الشكل "ليس معنا في المشروع الإصلاح ومسيرة التنمية الوطنية"·
من جانبها اعتبرت الجمعية البحرينية للحريات العامة أن اعتقال الخواجة يمثل تراجعا خطيرا في مرحلة الإصلاح مبدية استغرابها من ازدواجية موقف الحكومة البحرينية التي قالت إنها "في الوقت الذي كان وزير الخارجية البحريني يلقي كلمته أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة والتي تحدث فيها عن الإصلاحات والمشاركة الشعبية في البحرين كانت أجهزة الدولة مستنفرة بكل طاقاتها لمنع ندوة جماهيرية تعبر عن واقع النقد المأساوي في البحرين"·
وأضافت الجمعية "أن هذه التصرفات غير المدروسة من قبل حكومة البحرين في التعاطي السلبي مع مؤسسات المجتمع المدني وعدم احترام المواطن في حق التعبير عن رأيه فضلا عن حقه في المشاركة واختيار حكومته لهي هدم لكل محاولة إصلاح وتطاول مفضوح على أبسط الحقوق المقرة دستوريا ودوليا وأبسط مفردات الديمقراطية"·
ودعت الجمعية البحرينية للحريات في ختام بيانها الذي صدر بتاريخ 26 الجاري بالمطالبة بالإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة وتجميد العمل بالقوانين القامعة للحريات العامة، وناشدت المنظمات الحقوقية التدخل لصالح دعم جهود الإصلاح في البحرين·
جدير بالذكر أن السلطات البحرينية على الرغم من الخطوات الإصلاحية الواضحة مقارنة بما كان عليه الوضع في العهد السابق إلا أنها ما زالت تضيق بممارسة المواطنين لحرياتهم وحقوقهم وبالذات إن طالت ممارساتهم تلك الخطوط الحمر التي تتمثل بصلاحيات الحرس القديم الذي لا يزال يهيمن بشكل واضح على الأمور في البلاد، وإن هذه السلطات قامت في أكثر من مرة باعتقال ناشطين في مجال حقوق الإنسان حيث اعتقلت في شهر مايو الماضي عشرين ناشطا دعوا للتوقيع على عريضة تحث السلطات للقيام بإصلاحات دستورية، كما منعت انعقاد مؤتمر سنوي لجمعية العمل ومنعت ضيوف المؤتمر من دخول البحرين، ناهيك أيضا عن التراجع الذي حدث بعد الموافقة على الميثاق الوطني الذي استخدم لتقليص صلاحيات المجلس الوطني وتعديل الدستور البحريني خارج إطاره الدستوري بشكل أدى الى مقاطعة مجموعة من التجمعات السياسية للانتخابات التي تمت على أساس الدستور الجديد·
يذكر كذلك أن الإصلاحات البحرينية تمثل قفزة نوعية في أسلوب تعامل الحاكم مع شعبه إلا أن الرغبة الشعبية في الإصلاح وجدت الكثير من المعوقات الناتجة عن إجراء تغييرات شكلية بينما بقي المسؤولون عن كثير من ممارسات العهد السابق في مواقعهم المؤثرة جدا في اتخاذ القرار وربما حدت من رغبات الإصلاحيين في السلطة وخارجها، وتخشى الأوساط المتابعة للوضع البحريني أن تستمر هذه التراجعات عن الإصلاح بحجج لا تنسجم والانفتاح العالمي على هذه الحقوق·
