رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 8-14 شوال 1423هـ الموافق14-20 ديسمبر 2002
العدد 1556

مأزق وتحديات!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

تواجه النخبة المثقفة وتلك العاملة في الحقل السياسي وقضايا الشأن العام في البلدان العربية تحديات حقيقية في صياغة خطابها السياسي· ولا يمكن أن نستثني أحدا من هذا المأزق، الأمر ينطبق على قوى اليسار والتيار القومي العربي وحركات الإسلام السياسي، وكذلك الحال مع القوى الديمقراطية الليبرالية حديثة العهد·· وإذا كان اليسار قد واجه أزمة حقيقية في محاولاته إثبات جدارته الفكرية وملاءمة برامجه السياسية والاقتصادية منذ بداية نشاطه في بلدان الوطن العربي منذ تأسيس الأحزاب الشيوعية والاشتراكية العربية في عقد العشرينات من القرن الماضي فإن أزمته ازدادت حدة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وبعد التحولات التي جرت في بلدان أوروبا الشرقية·· كما أن الأحزاب اليسارية العربية، ومنذ تأسيسها، لم تحاول أن تطور خطابا مستقلا عن توجيهات المراكز الفكرية للثقافة الاشتراكية، سواء في الاتحاد السوفييتي السابق أو بعض بلدان أوروبا الشرقية أو غيرها من مراكز أساسية ولذلك لم تطور نظرية اقتصادية اشتراكية تتوافق مع متطلبات الأوضاع السائدة في البلدان العربية، أو تتوافق مع قيم هذه المجتمعات النامية ذات الإرث القيمي شديد التعقيد·· بل إن بعض التطبيقات التي جرت في بعض البلدان العربية مثل الجزائر واليمن “الجنوبي” جاوزت المعتقدات المستمدة من الفكر الماوي في محاولة لنسخ بعض التجارب التي جربت في الصين الشعبية، وأحيانا تجارب التسيير الذاتي في يوغسلافيا السابقة·

أما التيار القومي فقد اندفع، منذ الثورة العربية الكبرى التي اندلعت ضد الأتراك العثمانيين في نهاية الحرب العالمية الأولى، باتجاه هدف توحيد البلدان العربية دون الأخذ بنظر الاعتبار التباين في الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية· وقد توج هذا التيار في نهاية الخمسينات الوحدة بين مصر وسورية في ظل قائد سياسي تمكن من استقطاب الجماهير وهو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر·· لكن تلك الوحدة لم تعمر طويلا نتيجة لمحاولة القفز على الواقع الحي في البلدين، وفي الوقت ذاته قيام السلطات الناصرية بكبت الحريات وتطويق العمل السياسي بالأساليب البيروقراطية والبوليسية وإلغاء تراخيص الأحزاب السياسية ومصادرة مصالح الفئات الثرية من رأسماليين وأصحاب أراض زراعية وغيرهم· وإذا كانت القضية الفلسطينية، وما زالت، تمثل الهم الأساسي لهذا التيار في نضالاته فإن التشدد في معالجة القضية أضر بها الكثير، وفي ظل الضعف العربي والتشنج وغياب الشفافية أدت إدارة العناصر المحسوبة على هذا التيار لحدوث أكبر هزيمة في التاريخ العربي الحديث والتي تمثلت بما أطلق عليه بالنكسة في يونيو “حزيران” 1967·

ومما لا شك فيه أن هزيمة حزيران قد أنعشت آمال الإسلاميين الذين تمثلوا آنذاك بحركة الإخوان المسلمين، بشكل أساسي، وحاولوا طرح خطاب سياسي بديل يمكن، حسب اعتقادهم، من تأطير العرب والمسلمين والعمل على انتشال الأمة من كبوتها المفجعة· لكن جرت أمور كثيرة بعد تلك الهزيمة، خصوصا بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر في سبتمبر 1970 حيث تولت قيادة سياسية اهتمت بإنهاء الإرث الناصري في مصر وبناء علاقات دولية مختلفة، من الصحيح أن الرئيس السادات قد تمكن من تحريك قضية احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة، وخصوصا سيناء، بفعل حرب أكتوبر 1973، وبعد ذلك اندفاعه للصلح مع إسرائيل في مبادرة 1977 إلا أن نتائج كامب ديفيد في عام 1979 لم تؤد الى سلام عربي إسرائيلي، كما خطط له في تلك الاتفاقات·· لذلك فإن التيار الإسلامي الذي استفاد من المصالحة مع النظام الحاكم في مصر منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي عزز من تواجده في بلدان عربية رئيسية مثل مصر وسورية والأردن وتونس والسودان والجزائر والمغرب، ناهيك عن دول الخليج التي وفرت الرعاية والمال لأقطاب مهمين من هذا التيار منذ الخمسينات من القرن الماضي·

بيد أن العقود الثلاثة الماضية أدت الى هيمنة ثقافية ومجتمعية للتيار الأصولي في البلدان العربية، ويمكن أن يلمس المرء ذلك من المظاهر المتفشية في التعليم وبعض الأنظمة المصرفية وأشكال البشر، ذكورا وإناثا·· بل إن الهيمنة المباشرة على الحكم قد تحققت في السودان، وإيران، وإن كانت دولة غير عربية، حيث اتضحت تأثيراتها في بعض المجتمعات العربية، هذا ناهيك عن الهيمنة غير المباشرة في دول عربية كثيرة، سواء كان ذلك التيار متصالحا مع النظام الحاكم أم لم يكن·· ونعود الى موضوع التعليم حيث تمكن الإسلاميون من مد سطوتهم على مقدراته وأنتجت أجيالا كثيرة اعتنقت هذا الفكر وقيمه بشكل أو بآخر·· ولا يمكن أن تكون أحداث 11 سبتمبر 2001 إلا نتاجا واضحا لتلك الهيمنة الثقافية والتي عانت منها المجتمعات العربية، والإسلامية أيضا، بل إن التيارات الإسلامية التقليدية فقدت السيطرة على قوى متطرفة تجاوزتها بمطالبها السياسية وأساليب نضالها واتباعها الطرق المعتمدة على العنف والإرهاب·

إن هذه الحقائق التي تراكمت على أرض الواقع تتطلب من مختلف التيارات البحث عن القصور في أساليب عملها وكذلك الخلل في خطاباتها السياسية، ومن ثم كيف يمكن الانعتاق من هذا الواقع الصعب والتقدم بفكر جديد يتوافق مع قيمها الثقافية وفي الوقت ذاته يكون صالحا لإنجاز تنمية سياسية ومجتمعية في بلداننا العربية·· ولا يجوز إلغاء أي طرف من جانب طرف آخر فليس هناك من يستطيع أن يملك الساحة السياسية بمفرده، أو أن يعتقد بأنه صاحب الحقيقة النهائية، بل إن المطلوب من هذه القوى الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية أن تطور مفاهيمها للعمل السياسي والتوجيه الثقافي بما يتوافق مع روح التسامح والاستفادة من تجارب الآخرين·· كما أن هذه القوى يجب أن تحدد قناعاتها بالديمقراطية، والتعددية وقيم تداول الحكم والسلطة·· وإذا كانت هذه القوى، ربما كلها أو أغلبيتها، خارج إطار السلطة والحكم فإنها يجب أن تثبت جدارتها للحكام والمحكومين بأنها تستطيع أن تساهم في انتشال الأمة من مأزقها وتواجه التحديات العصرية على أسس عقلانية وتؤسس لعمل سياسي حديث مثل ما هي عليه الحال في البلدان الديمقراطية المستقرة·

�����
   

خطوات على طريق النهاية··:
عبدالله عيسى الموسوي
صدام والتراجع التكتيكي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ثورة حاكم!!:
سعاد المعجل
ماذا يتوقع المواطن من بيان الحكومة القادم؟:
عبدالرحمن محمد النعيمي
الأسرى القضية الغائبة:
عادل عبدالله
اعتذار صدام حسين لشعب الكويت!!:
يحيى الربيعان
اعتذار غير مقبول:
المحامي نايف بدر العتيبي
مأزق وتحديات!:
عامر ذياب التميمي
صح النوم يا أمريكا!!:
د. محمد حسين اليوسفي
عدم الإيمان بالديمقراطية:
يوسف مبارك المباركي
قراءة في القرار 1441:
د. جلال محمد آل رشيد
متى يرتقي الإعلام الخليجي إلى الحدث العراقي؟:
حميد المالكي
التنمية الخليجية المشوهة:
رضي السماك