رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 يونيو 2006
العدد 1731

الرشوة الانتخابية..
تخريب للذمم ودمار للوطن

بقلم: عبدالله النيباري

تطالعنا الصحف يوميا بأخبار العبث بالعملية الانتخابية والأعمال والتصرفات التي ليست مخالفة للقانون فقط بل يجرمها القانون، لكن القانون، (قانون الانتخابات)، في إجازة مركون على رفوف الحكومة التي لا تقف متفرجة فقط على ما يجري من مخالفات وانتهاكات للقانون فكل المؤشرات تدلل على أنها لا تكتفي بالتغاضي عنها وعدم قيامها بواجبها الدستوري في تطبيق القانون، بل إن هذه المخالفات تحدث برضاها ورعايتها·

الانتخابات الفرعية تجري على قدم وساق وتتابع الصحف حدوثها وتصف الحيل التي تتبع في محاولة للالتفاف على القانون الذي يحظرها وهذه الحيل لا تنطلي حتى على السذج من الناس لكنها مقبولة لدى الحكومة وأما ما ينشر عن إحالة بعض المخالفين الى النيابة فما هو إلا ذرٌ للرماد في العيون لأنها ستنتهي إما بحفظ القضية أو بعدم توجيه الاتهام لعدم توفر الأدلة، ولو كانت السلطة جادة لاستطاعت بما لديها من أجهزة المباحث والمخابرات في توفير الأدلة، فكيف تعرف الصحافة ما يحصل وتنشر بالتفصيل ما يجري بينما الحكومة تقف مكتوفة اليدين كأنها لا ترى ما يراه الناس؟

أما المخالفة الأخرى وهي في الحقيقة كارثة لأنها لا تتوقف عند تزييف الانتخابات فقط بل تتعداها الى تمزيق قيم وأخلاق المجتمع، هذه المخالفة هي الرشوة الانتخابية، واستخدام المال السياسي في شراء الذمم·

الصحافة الكويتية وبالبنط العريض في صفحاتها الأولى تتحدث عن شراء الأصوات، في المنطقة الفلانية الصوت بأربعمئة وأخرى بثمانمئة وثالثة بألف وهكذا تجري الأمور في بورصة الأصوات وحكومتنا في إجازة نسيت أو تجاهلت واجبها في تطبيق القانون الذي لا يحظر فقط ولكنه أيضا يجرّم مثل هذه الممارسات·

استخدام المال السياسي لرشوة الناخبين وشراء ذممهم هو من أخطر الأفعال الضارة سياسيا وأمنيا واجتماعيا وهو في الحقيقة ترك الأبواب مفتوحة لصنع كارثة للبلد· فهو من ناحية تزييف لإرادة الناخبين· فعملية شراء المقعد الانتخابي لا لخدمة الناس ولكن للمتاجرة به، ففي الأخبار أن لجان مجلس الأمة وعلى الأخص اللجان المختصة بالرقابة المالية أصبحت محطة أو مكتباً للمساومة والمقايضة بمعنى "أمشي هذا المشروع لوزارة أو لمؤسسة حكومية لكن بالمقابل تعطوني الشيء الفلاني أو تمشون المشروع العلاني"·

بل إن المساومات والمقايضات تحدث في تكوين اللجان ورئاستها، وأذكر بقضية الأراضي التي ملكت لأشخاص بسعر المتر 10 فلوس ويباع الآن بمئتي دينار، المستفيدون ادعوا بأنهم يملكون 13 نائبا "يعني" اشتروهم أو قايضوهم وامتلكوا مواقفهم وتصويتهم، ولا ننسى قضية الوسيلة وقضية أبو فطيرة وقضية أرض البطاريات وكل هذه القضايا أطرافها نواب ووزراء تاجروا بما ملكوه من سلطة ونفوذ، وهم الآن يستخدمون هذه الأموال التي استحوذوا عليها باستخدام صلاحياتهم البرلمانية أو الوزارية الدستورية لتمويل حملاتهم الانتخابية لشراء الأصوات وتخريب الذمم·

والحكومة حكومتنا وليس حكومة جزر الواقواق لا ترى ولا تسمع ولا تطبق القانون·

أثناء مناقشة مشروع تقليص الدوائر فوجئ عدد من النواب المؤيدين لتقليص الدوائر بنائب معارض للتقليص يفصح بصراحة يحسد عليها وببجاحة لا يحسد عليها بأنه ومجموعته "ربع الحكومة" لن يقبلوا بمشروع الخمس دوائر وأنه دفع لمئة وألف ناخب نقلوا الى دائرته عبر سماسرة ووسطاء ودفع مقابل الصوت خمسمئة دينار بعد التثبت من تسجيلهم، في جدول الناخبين، وهذا المبلغ عند التسجيل فقط، وعند الانتخابات سيكون هنالك دفعة ثانية يعني العملية ابتدأت بـ 600 ألف دينار دفعة أولى وما يساويها دفعة لاحقة، أي ما يجاوز المليون دينار، وتصرف هذا النائب ليس لأنه شجاع وجريء لا يخاف الحكومة، لكنه مطمئن أن الحكومة لن تفعل شيئا بل ستباركه وربما أيضا تكرمت بمساعدته في التمويل من المال العام·

خطورة الرشوة تتجاوز تزوير إرادة الناخبين الى تمزيق نسيج المجتمع الأخلاقي وقيمه فمن يبيع صوته ويرضى بمقايضة ذمته هو عمليا يبيع وطنه·

وإذا كانت السلطة أو الحكومة تستسيغ اليوم وربما تساعد وتمول عملية شراء الأصوات أو إذا كانت تتغاضى عما تقوم به قوى الفساد ومؤسساته الذين سرقوا ناقلات الدولة واستثمارات الأجيال المقبلة، الذين يدفعون الملايين لإسقاط من وقف شوكة في حلوقهم، وإذا استطاع فرد أو شركة شراء 13 نائبا فهناك دول وشركات لديها القدرة أن تدفع عشرات بل مئات الملايين لشراء كتلة من النواب لا تمانع في مقايضة دورها وصلاحياتها مقابل منفعة مادية، فميزانية المشاريع  في القطاع النفطي تبلغ 20 مليار دينار (70 مليار دولار) فماذا يضير أي شركة أو دولة أن تدفع لمن يقبل من  النواب أو الوزراء أن يخون ضميره ووطنه ويوظف نفسه لخدمتهم،  مئات الملايين لضمان تمرير مشاريعهم، وما تدفعه تعوضه برفع سعر المناقصة أو المقاولة %10 فقط لا غير·

والرشوة الانتخابية تأخذ أشكالا مختلفة فهي قد تكون سافرة يعني "كاش" نقدي، أو مستترة مقابل منفعة ما، صغيرة كوظيفة في شركة، دائمة أو موقتة، أو إعطاء خصم على مشتريات أو وعد بتبوء مركز ما أو حصول على وكالة أو مشاركة في "البيزنس" أو صفقة بالملايين،

وما الذي يمنع ما دام الشهية مفتوحة والذمة "كاوتشوك" والقانون يمكن الاتفاق على عدم تفعيله وتطبيقه، وهو في الحقيقة لم يطبق على مدى 43 سنة وعشرة انتخابات، فكيف لا يشجع هكذا وضع من باع ذمته وضميره دون خوف أو حياء على الانضمام لمعسكر الفساد؟ ولكن من يدفع الثمن هو الوطن والمواطن·

القانون الذي وافق عليه واضعو الدستور وصادق عليه عبدالله السالم وأصدره حازم صارم في هذا الشأن، فهو يحظر مثل هذه الأعمال ويجرمها بنصه على أن "كل من أعطي أو عرض أو تعهد بأن يعطي ناخبا فائدة لنفسه أو لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين أو الامتناع عن التصويت، يُعاقب بالحبس أو الغرامة، والعقوبة نفسها تنطبق على من قبل أو طلب فائدة من هذا القبيل لنفسه أو لغيره"·

وحتى اليوم لم يجرم أحدا بسبب استخدام المال السياسي ورشوة الناخبين ولم يحبس ولم يغرم·

ومثل هذه الجرائم تعتبر من الجرائم الكبرى في البلاد الديمقراطية التي لديها دساتير وتحكمها القوانين تحترم وتنفذ وقد سقطت رؤوس كبيرة وعوقبت أشد العقوبات لأن تزييف الانتخابات يؤدي الى تقويض الدستور بل المخاطرة بسيادة البلد وهذا ما تواجهه الكويت وشعبها اليوم في ظل هكذا حكومة، والأمل فقط في إرادة شعبها من أصحاب الضمائر الحرة ممن لا يقبلون أن يعرض دستورهم وديمقراطيتهم وأمن بلدهم وسيادته واستقلاله للبيع أو المساومة أو المقايضة، وأملنا ومراهنتنا على الشباب الذين عقدوا العزم على دحر الفساد وإفساد الانتخابات، سافرا أو مستترا حفاظا على سيادة الوطن ودستوره ومستقبل أجياله·

طباعة  

المال السياسي أداة حلف الفساد (الثلاثي + واحد) لضمان مجلس خانع
البلد مختطفة والسلطة ليست محايدة

 
عندما شعروا بأهمية مشاركة المرأة
الفتاوى سلاح لتحجيم مكاسب النساء

 
في الأمس اعتبروا مشاركتها مخالفة للشرع والعادات
مساع محمومة لكسب ود المرأة

 
الفرعيات رعاية ودعم حكوميان بامتياز
التحرك أتى بعد "خراب البصرة"

 
المال السياسي وسيلته للتحكم في عضوية المجلس
"الثلاثي + واحد" يدير العبث في الانتخابات

 
برسم رئيس لجنة المناقصات المركزية:
مناقصة غريبة تتحول الى ممارسة، وتقدم ناقصة.. وتعترض عليها الشركات

 
بينما تضع اللوم في نقص المياه على المواطن والمقيم
"الطاقة" لديها فائض مياه لا يمكنها الاستفادة منه!!

 
تحليل سياسي
حماس بين خياري التراجع والحرب الأهلية

 
ضابط مخابرات بريطاني سابق:
واشنطن تعد لانقلاب "تدريجي" على الحكومة الفلسطينية وتسليم السلطة الى "فتح"

 
تقي ومظفر ويبقى شامخا
 

 
فئات خاصة
 
اتجاهات