رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 يونيو 2006
العدد 1731

ضابط مخابرات بريطاني سابق:
واشنطن تعد لانقلاب "تدريجي" على الحكومة الفلسطينية وتسليم السلطة الى "فتح"

·         مساعدو "ديك تشيني" بحثوا وسائل الانقلاب مع شخصيات فتحوية زارت أمريكا

·         أولى الخطوات "قوات خاصة" بالرئاسة، وحكومة خفية تدعمها مفاوضات عاجلة مع إسرائيل

 

لخص ضابط المخابرات البريطانية السابق "آلستير كروك" التحركات الأمريكية - الإسرائيلية المشتركة لإقامة سلطة فلسطينية موازية لسلطة الحكومة الفلسطينية المنتخبة، تتمركز حول الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تدعمها قوة مسلحة تسليحا جيدا بأسلحة إسرائيلية وخبراء، من أجل إحداث "إنقلاب تدريجي" يعيد مقاليد الأمور الفلسطينية الى شراذم فتح التي لفظها الناخب الفلسطيني، وتقوم هذه "السلطة الفلسطينية" الانقلابية بالتوقيع على عجل على المخطط الإسرائيلي لابتلاع الضفة الغربية والقدس، وشطب قضية فلسطين المركزية أي اللاجئين والاكتفاء بدولة "الجيتو" الفلسطينية، وفي ما يلي نص مقال هذا الضابط البريطاني الذي عمل سابقا مستشارا أمنيا للاتحاد الأوروبي ويدير حاليا "منتدى النزاعات" نشر المقال في مجلة "بروسبكت" عدد حزيران/يونيو 2006·

لا يؤمن أحد تقريبا بأن وضع الفلسطينيين في حالة "حمية غذائية" سيجعلهم أكثر اعتدالا، أو يساعد على بدء عملية سياسية جديدة مع إسرائيل، "الحمية الغذائية" أو "الريجيم" وهو مصطلح اخترعه كبير مساعدي شارون "دوف فايزكلاس"، يشير الى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي القائمة على عزل حكومة حماس ماليا وسياسيا بحيث لا تستطيع دفع رواتب الموظفين أو القيام بوظيفتها كحكومة·

وقد تم اعتماد خطط الضغط هذه بحيث لا تمنح الحكومة سوى خيار واحد هو القبول بالمطالب الأمريكية والأوروبية الثلاثة: الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، وقبول كل الاتفاقيات السابقة منذ اتفاقيات أوسلو التي وقعها الراحل ياسر عرفات، زعيم حركة فتح المنافسة لحماس·

ويشك معظم مسؤولي الاتحاد الأوروبي في أحاديثهم الخاصة بإمكانية نجاح هذه السياسة، إلا أنهم يشعرون بأنهم وقعوا في مصيدة بتبني موقف يفتقرون فيه الى القيادة أو القدرة على الهرب منها، ولا يزال شبح الشلل الذي سببه الانقسام الأوروبي حول العراق يخيم على بروكسل في أي مجال يهدّد بالقطيعة مع الولايات المتحدة الأمريكية·

ولكن بعضا من كبار المسؤولين الأمريكيين لا يخفون حماسهم في إيضاح أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست مهتمة اهتماما كبيرا بتحول حماس الى حركة غير عنيفة، بقدر ما هي مهتمة بإخفاق وانهيار الحكومة التي تقودها حماس· وقد قال الدبلوماسيون الأمريكيون لنظرائهم الأوروبيين بوضوح "إنه يجب أن يعاني الفلسطينيون بسبب خيارهم" (أي انتخابهم لحماس)· ويريدون أن يروا "فتح" تعود الى السلطة، ولو بقيادة شخص مثل "سلام فياض" المهووس بالغرب، وزير المالية الفلسطينية السابق، وموظف البنك الدولي·

من أجل هذا الهدف، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى إنشاء ميلشيا تتكون من 3500  عنصر تلتف حول مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتوسيع هيئة الرئاسة، وتمويلها بأكبر قدر من المصروفات، والقيام بعمل الحكومة قدر الإمكان عبر هذه الرئاسة· هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو خلق حكومة خفية تتمركز حول الرئيس وحول "فتح" التي هي حزبه، كطرف مضاد للحكومة الجائعة حاليا التي تقودها حماس، والتي يأمل المسؤولون الأمريكيون بذلك أن تصبح غير فاعلة وتذوي، وقد تحدث مساعدو نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بصراحة مع زائريهم من "فتح" حول رغبتهم بالقيام "بانقلاب تدريجي" يحمل الى السلطة "فتح" الأكثر إذعانا على ظهر أزمة حاجات الفلسطينيين الإنسانية·

 

كل شيء مرفوض أوروبيا وأمريكيا

 

في أوائل مايو، تحدثت في بيروت مع "أسامة حمدان"، ممثل حماس في لبنان، والعضو البارز في مكتب حماس السياسي، عن الوضع الذي يواجه الحركة، فقال لي "لقد بدأ الضغط الأمريكي لإقامة حصار قبل أن تأخذ الولايات المتحدة أو الأوروبيون وقتا للحكم علينا انطلاقا من أفعالنا" وقال "إن الحكومة الجديدة مبدئيا أحدثت تقدما جيدا في إيجاد بديل مالي من الدول العربية والإسلامية، ولكن الولايات المتحدة لاحقا مارست ضغطا هائلا على النظام المصرفي العربي لمنع الآخرين من تحويل أية أموال عبر نظام المصارف التجارية الى أي مصرف في فلسطين· الناس سيعانون، بالإضافة الى أن إسرائيل تحتجز الدخل الفلسطيني من الضرائب الذي يقارب 60 مليون دولار شهريا وتقيد منافذ الحدود، ومثل هذه الأعمال تشكل خطورة على حياة الاقتصاد الفلسطيني الداخلي"·

وأوضح "حمدان" أن الحكومة تعرف أن حجم القطاع الحكومي المتضخم بحاجة الى تخفيض وهناك حاجة لوضع حد للفساد، وهما إجراءان سيخفضان الميزانية تخفيضا ملموسا، ولاحظ أن حماس قد عرضت مقدما على الاتحاد الأوروبي الشفافية في مصروفات الحكومة، والرغبة في تقديم كل حساباتها الى مدقق مستقل· إن الفلسطينيين، كما يرى، بحاجة الى أن يكونوا أكثر اعتمادا على أنفسهم في الجانب الاقتصادي وفي جانب إيجاد حل لإنشاء دولة فلسطينية على حد سواء· وقال إن المشكلة كانت هي كيفية الانتقال من الاعتماد الثقيل على التمويل الأوروبي الى اعتماد أكبر على النفس من دون خلق المزيد من العاطلين عن العمل بين موظفي السلطة الفلسطينية البالغ عددهم 160 ألفا، لم يدفع لأي منهم منذ شهرين، فهناك ما يقارب ربع السكان الفلسطينيين البالغ عددهم 3,9 مليون نسمة يعتمد مباشرة أو بشكل غير مباشر على هذه الرواتب·

وحماس لا تريد أن تقايض الاعتماد على أوروبا بالاعتماد على الحكومات العربية، ولكن في كلا الحالتين، لا تستطيع الحكومة التحرك نحو اعتماد أكبر على النفس من دون نوع من أداة تمويل·

في الأوضاع الراهنة، يتنبأ البنك الدولي بأنه مع نهاية هذا العام، سيعيش %67 من الناس في المناطق الفلسطينية في حالة فقر مدقع (الحياة بأقل من دولارين في اليوم) بزيادة %44 عما كان عليه الحال في العام 2005، والأولوية لدى حماس الآن هي ودفع رواتب موظفي الحكومة، ولكنها تتطلع أيضا الى الدول العربية لتمويل مشاريع، مثل بناء مساكن للناس في غزة، يمكن أن تستوعب فائض العاملين في القطاع العام· ومشكلتها هي أنه بالرغم من أنها ضمنت تعهدات بالتمويل من مصادر إسلامية بديلة، إنها لا تستطيع إيجاد مصرف راغب في إجراء التحويلات المالية خشية أن تتخذ الخزانة الأمريكية ضده إجراءات قانونية·

 

قناة تمويل للتخريب

 

في العاشر من شهر مايو، وافقت اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة وروسيا) على تقديم مساعدة طارئة لحكومة حماس، على أن تمر عبر قنوات آلية اقترحها الاتحاد الأوروبي· إلا أن هذه المبادرة، مع أن الفلسطينيين رحبوا بها، ليس من المحتمل أن تفعل أكثر من إبقاء المؤسسات الفلسطينية على حافة الانهيار، فهي لن تحل مشكلة عدم قدرة حماس على تحويل الأموال التي جمعتها من الدول العربية والإسلامية الى الحكومة· بالإضافة الى أن هذه المساعدة ستجرى قناتها عبر رئاسة "فتح" لا عبر وزارة المالية في حكومة حماس، وبهذا ستبقي على التوتر بين الطرفين المتنافسين·

الأصل في هذا الموقف هو أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يصران على أن لديهما واجبا أخلاقيا في ضمان أن لا تصل أموال دافعي الضرائب في بلادهم الى حكومة يصفانها حسب تصنيفهما بأنها "إرهابية"·

ويبدو أنهما الآن يوسعان هذه الحجة لتشمل أموالا من البحرين وقطر· ولكن هل فكرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بتبعات انهيار كامل للمؤسسات الفلسطينية؟ "حمدان" ليس قلقا من أن الأزمة قد تقلب الرأي العام الفلسطيني ضد حماس، فقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن حركة حماس زادت شعبيتها بنسبة خمس نقط منذ انتخابات يناير، مع هبوط شعبية "فتح" بمقدار 3  نقط· قال "حمدان": "الشعب يعرف أن حماس ليست هي من يعمل ضده، ويعرف أن الضغط يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية· ويعرف في الوقت نفسه ويفهم الدور الذي تلعبه قلة من الفلسطينيين لا تقبل واقع التغيير عبر عملية ديمقراطية"·

هذه الأزمة ألقت بعبء غير مسبوق على قيادة الخارج بحيث لم تترك لها سوى وقت ضئيل للتفكير باستراتيجية طويلة المدى· المكتب السياسي للحركة، وقاعدته بيروت لأسباب أمنية، يظل هو المسؤول عن رسم السياسة العامة مع الوزارة في "رام الله" التي تتمتع بقدر من الاستقلال الذاتي معقول في نطاق التوجهات التي يضعها المكتب السياسي والأعضاء المنتخبون، ويبدو أن التوترات الأولية بين المكتب والوزارة قد تم تجاوزها، ولكن لن يكون مستغربا إذا نشأت مرة أخرى·

نقطة التركيز الآن هي البقاء· ويفسر "حمدان" السبب الذي يجعل سياسة الولايات المتحدة في تمرير المساعدة الى عباس بالغة الضرر بالقول "إن محاولة خلق حكومة موازية يهدد بتقويض كل المؤسسات الفلسطينية، وقد يضر بالوضعية كلها· فلن يكون بإمكان أحد معرفة من هي الحكومة الحقيقية، وسيلقي كل طرف اللوم على الطرف الآخر، ولن يكون هناك طرف فلسطيني، بل طرفين متنافسين ومتحاربين ولن يظل تأثير هذا النزاع الداخلي محصورا في فلسطين، بل سيؤثر على المنطقة كلها"·

 

الطبخة العاجلة

 

قد يقول متهكمون بأنه ليس لدى إسرائيل ما تخسره في حالة نشوب نزاع فلسطيني داخلي، ولكن من ناحية عملية يبدو أن الكثير من المسؤولين الإسرائيليين ليسوا متحمسين لهدف الخط المتشدّد في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يحاول إعادة "فتح" الى السلطة، لأنهم يعتقدون أن "فتح" متشرذمة ومنقسمة الى إقطاعات شخصية، وهذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها الولايات المتحدة الأمريكية أكثر إسرائيلية من الإسرائيليين·

الرئيس الفلسطيني وحفنة من قادة "فتح" مشغولون في هذه الآونة في تقديم عرض لإسرائيل بوجود إمكانية "طبخة عجولة" لمفاوضات لمدة ستة أشهر حول كل قضايا الوضع النهائي المتعلقة بدولة فلسطينية· وستطرح النتيجة للاستفتاء عليها من قبل الفلسطينيين، مما يعني عمليا تجاهل حماس والحكومة· والرئيس عباس مقتنع بأن "كتلة السلام" بين الفلسطينيين ستصادق على النتيجة من كل قلبها، ولكن يبدو أن الإسرائيليين ليسوا مقتنعين بأن عباس الذي يعتبرونه ضعيفا، يمكن أن يخرج بأي اتفاقية، وهم أقل من عباس اقتناعا بأن الفلسطينيين سيصادقون على أي عرض يحتمل أن تعرضه إسرائيل عليهم، والحقيقة هي أن الإسرائيليين ليسوا مقتنعين أنهم يريدون شريكا فلسطينيا على الإطلاق، فالمزاج العام هو مزاج النزعة الانفرادية· وسيمر رئيس الوزراء الجديد "إيهود أولمرت" بوقت صعب في محاولته إقناع زملائه في التحالف، وبخاصة حزب "شاس" (الحزب اليهودي الأرثوذكسي) بالمضي معه في الانسحاب من جانب واحد، وهناك شهية ضئيلة تجاه محادثات الوضع النهائي، ولا يوجد الكثير من الحماس الجماهيري حتى لخطة "أولمرت" تحديد حدود إسرائيل النهائية، على ظهر انسحاب جزئي من الضفة الغربية، والكثير من الإسرائيليين يشعرون أنه حتى لو صادقت الولايات المتحدة الأمريكية على انسحاب جزئي الى "حدود نهائىة"، فإن مثل هذا التصريح لن تكون له شرعية حقيقية، فهم يتوقعون أن يرفض العالم على نطاق واسع هذا الإجراء·

 

أولويات حماس

 

بعد الانسحاب من غزة في السنة الماضية، تحدثت مع عدد من مراسلي الصحف الإسرائيليين السياسيين المتمرسين، وكانوا محزونين لأنه ظهر أن لا شيء تغير نحو الأفضل بعد صدمة اقتلاع المستوطنات، فمازال العنف في غزة، وصواريخ "القسام" تتساقط في إسرائيل، وبدا أن الفلسطينيين لم يعودوا بعد الآن يذعنون للأهداف الإسرائيلية التي تستهدف إقامة دولة فلسطينية محدودة· وكان هؤلاء المعلقون يشكّون في أن انسحابا محدودا من الضفة الغربية سيحدث تحوّلا حقيقيا في موقف بلدهم الاستراتيجي·

ولكن يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستتجه نحو انسحاب جزئي مستقل من الضفة الغربية في الوقت الحالي على الأقل، ومن أجل القيام بهذا، فهي تفضل وجود "حماس" لا "فتح"، لأن الانخراط في عملية مع الرئيس عباس سيقوض الزعم بأن الانفراد ضروري "لأنه لا يوجد شريك فلسطيني"، وعلى خلاف "فتح"، لا تريد "حماس" التفاوض على حل حزئي ويمكن بسهولة أن تلصق بها صفة أنها "ليست شريكا"· وبالنتيجة، يتصور بعض الإسرائيليين أن لحماس مصلحة مشتركة في الانسحاب الإسرائيلي، وبذلك قد يؤدي هذا الى نوع من "التفاهمات"·

وكما تعرف إسرائيل، تعتبر "حماس" كل انسحاب من أراض فلسطينية نصرا، وبخاصة أنه يتم من دون تقديم مقابل ، وستترك هذه الإمكانية المتوقعة لحماس فرصة التركيز على مدار سنة أو سنتين مقبلتين، على لب هدفها في توفير حكم كفؤ للفلسطينيين· ويضع "أسامة حمدان" أهمية إقامة حكم القانون والنظام للفلسطينيين، وتحديدا حل الصدامات بين "حماس" وشراذم "فتح" في الخطوط التالية: "لقد بدأ إسماعيل هنية (رئيس الوزراء الفلسطيني) بالعمل، وهناك علامات مباشرة بأنه سينجح في تأمين الوضع الداخلي، وبدأت بعض الجماعات الأخرى، مثل لجان المقاومة الشعبية بالعمل مباشرة مع وزارة الداخلية، وتم تعيين منسق جديد للأمن، يمتلك شعبية كبيرة ودعما واسعا بين كل الجماعات المسلحة"· وحسب أقوال "حمدان" فإن أولوليات "حماس" الأخرى هي إصلاح الوضع الأمني، وإنشاء رقابة قضائىة فعالة على الأجهزة الأمنية، وقبل كل شيء، جعل البرلمان أداة محاسبة وسيطرة على كل المؤسسات والوزارات الفلسطينية·ومنذ العام 2003، لم تقم "حماس" بأي هجوم مباشر في إسرائيل، وبدلا من ذلك ركز جناحها العسكري على أهداف داخل المناطق المحتلة، وقد حافظت "حماس" طيلة عام على عدم التصعيد من جانب واحد، أو التهدئة، وكانت "الجهاد الإسلامي" هي الحركة التي قامت بالهجوم الانتحاري في تل أبيب في شهر إبريل الذي أدى الى موت 11 إسرائيليا، كرد على مقتل عدد من قادتها في وقت سابق، وفي رد فعل تجاه الهجوم واجه نقدا واسعا، رفض الناطق باسم "حماس" إدانة الجهاد الإسلامي، وصد بذلك أي مجسات نبض أوروربية مترددة نحو التدخل، ولكن "حماس" أرادت الإشارة بوضوح الى أنها لن تكون شرطي إسرائيل في المناطق، فقد تعلمت من تجربة "فتح"، وهو أن إدانة مثل هذه الهجمات علنا كان يجلب ضغطا أمريكيا وإسرائيليا لاعتقال أعضاء الجهاد الإسلامي، وهو شيء لم تكن مستعدة لفعله في ظل خطر تجنّب المزيد من الجماعات المسلحة التعامل معها· وتعرف "حماس" أيضا أنه إذا بدأت باعتقال الفلسطينيين، فسترسل إسرائيل قوائم باعتقال المزيد من الفلسطينيين، وقد أثبتت هذه القوائم التي أرسلت الى عرفات فور إعلانه رئيسا في العام 1993، أنها تسببت في تآكل مصداقية "فتح" وشرعيتها تآكلا عميقا، إلا أن اللغة التي استخدمتها "حماس" لم تكن مختارة بعناية، وقد تكون إسرائيل قد فهمت الإشارة، إلا أنها كانت مضرة على صعيد خارجي·

 

لماذا العداء الأردني والمصري الرسمي؟

 

تمثل "حماس" و"فتح" موروثين مختلفين اختلافا كبيرا من التفكير الإسلامي، فقد تطلعت "فتح" الى المجتمع الدولي للمساعدة في موازنة العلاقة غير المتساوية مع إسرائيل، بينما يعتمد نهج "حماس" الإسلامي على المصادر الداخلية لقاعدتها الانتخابية من أجل الحفاظ على ثباتها، ولكن "حماس"، على النقيض من النظرة الشائعة، لا تؤمن بفرض الشريعة على الفلسطينيين، أو أي أحد آخر، وقد قيل هذا علنا، وهي لا تسعى لإقامة دولة إسلامية من الأعلى تفرض أعراف السلوك الإسلامي لا يعيش فيها مسلمون حقيقيون، إنها تفضل هدف إقامة دولة يسكنها مسلمون مؤمنون تطبع أولوياتهم المختارة بحرية المجتمع بطوابعها بدءا من المستوى الأدنى، فإذا حكم المسلمون على "حماس" بأنها ناجحة، فإن هذا النهج سيغير وجه الاتجاه الإسلامي وسيفعل أكثر مما فعلته أي مبادرة أخرى في ميل بندول الساعة بعيدا عن الجماعات الثورية التي تستهدف بعث بنى إسلامية صارمة وفرضها، وسيكون الالتزام بالإصلاح جذابا في نظر الرأي العام في مختلف أنحاء المنطقة، وهذا هو ما يمثل الطبيعة الثورية لانتصار "حماس" الانتخابي، ويفسر عداء قادة مثل مبارك المصري والملك عبدالله الأردني لحركة "حماس" فهم يستطيعون رؤية ما يعنيه هذا بوضوح كامل·

ويبدو من المرجح أن "حماس" ستواصل رفض الاعتراف بإسرائيل، على الأقل حتى يتضح الشكل النهائي لاتفاقية، ولكنها ستكون براغماتية (أي عملية) في إشارتها الى أنها تسعى الى دولة على أرض احتلت في العام 1967، وأنها لا تسعى إلى أي تدمير لإسرائيل وقد وضع "مروان برغوتي" أحد قادة "فتح" والشيخ النتشة من "حماس" وكلاهما في السجن في إسرائيل، بيانا مشتركا يشير الى أن دولة فلسطينية مستقبلية ستقوم على الأراضي المحتلة في العام 1967 فقط·

السياسات الغربية تعاني من المتاعب في مختلف أنحاء الشرق الأوسط· ويرد الغرب على هذا الوضع برفض واسع للحديث مع التيار الأسرع نموا في الشرق الأوسط، أي التيار الإسلامي، ولكن على الاتحاد الأوروبي أن ينتبه الى كلمات "إفرام هاليفي" مستشار أرييل شارون السابق، وأحد رؤساء جهاز الموساد السابقين، فقد انتقد منذ وقت قريب إصرار إسرائيل على أن تعترف "حماس" أولا بالدولة اليهودية كشرط مسبق لأي محادثات، وألح "هاليفي" بدلا من ذلك على القول بأن على إسرائيل أن تعترف بحماس أولا· وتنبأ بأنها إن فعلت هذا "فإننا سنشهد أشياء لم نشهدها من قبل" وهذا تلميح واضح الى محادثات بين إسرائيل وحماس، وستكون هذه بداية جيدة·

طباعة  

المال السياسي أداة حلف الفساد (الثلاثي + واحد) لضمان مجلس خانع
البلد مختطفة والسلطة ليست محايدة

 
الرشوة الانتخابية..
تخريب للذمم ودمار للوطن

 
عندما شعروا بأهمية مشاركة المرأة
الفتاوى سلاح لتحجيم مكاسب النساء

 
في الأمس اعتبروا مشاركتها مخالفة للشرع والعادات
مساع محمومة لكسب ود المرأة

 
الفرعيات رعاية ودعم حكوميان بامتياز
التحرك أتى بعد "خراب البصرة"

 
المال السياسي وسيلته للتحكم في عضوية المجلس
"الثلاثي + واحد" يدير العبث في الانتخابات

 
برسم رئيس لجنة المناقصات المركزية:
مناقصة غريبة تتحول الى ممارسة، وتقدم ناقصة.. وتعترض عليها الشركات

 
بينما تضع اللوم في نقص المياه على المواطن والمقيم
"الطاقة" لديها فائض مياه لا يمكنها الاستفادة منه!!

 
تحليل سياسي
حماس بين خياري التراجع والحرب الأهلية

 
تقي ومظفر ويبقى شامخا
 

 
فئات خاصة
 
اتجاهات