رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 17جمادى الآخر 1424هـ-16 اغسطس 2003
العدد 1590

ضوء في آخر النفق!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

في ظل الأوضاع المربكة في أكثر من موقع في العالم العربي يلمح المرء، أحيانا إشارات تطمئن بأن هناك إمكانيات لتطورات إيجابية، ولقد جاءت تصريحات حسين الخميني، من العراق كأحد تلك المؤشرات، حيث جاءت هذه التصريحات لتؤكد أهمية تبني الفكر السياسي الديمقراطي المعاصر ونبذ القيم التي أدت إلى استيلاء رجال الدين في إيران على الحكم، كما أنه ذكر بأن ولاية الفقيه تؤكد الديكتاتورية الثيوقراطية هناك، وقد تجاذب مع السلطة في إيران لوضع الأمور أمام الشعب الإيراني من خلال استفتاء على طبيعة نظام الحكم، يضاف إلى ذلك أن حسين الخميني أكد بأن من يطالب في العراق باستنساخ النظام الإيراني لم يتعلم شيئا من فشل تلك التجربة في موطنها والمعضلات التي خلقتها في إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في أوائل عام 1979، وعندما تأتي هذه التصريحات من حفيد الإمام الخميني ومن النجف في العراق، فإن ذلك يعني أن هناك وعيا بأن الأنظمة الاستبدادية، مهما كانت هويتها الفكرية والعقائدية، لا يمكن أن تخدع الناس بنجاعتها مهما طال الزمن·

قد تكون التطورات على الأرض في العراق مازالت بعيدة عما ينشده الطامحون لنظام ديمقراطي هناك، لكن هناك ما يؤكد بأن الأمور تسير، وإن ببطء، نحو تحولات نوعية، صدر في العراق حتى الآن أكثر من 200 صحيفة، ربما هناك ملاحظات كثيرة حول قيمتها الثقافية، مما يعني أن الشعب العراقي مستعد بعد أكثر من ثلث قرن من الديكتاتورية للانطلاق في التعبير عن وجهات نظر متباينة، كما أن قيام المنظمات المجتمعية والأحزاب السياسية يؤكد بأن إمكانية تطوير المجتمع المدني متوافرة إذا توافر دستور يؤكد الحريات التنظيمية والثقافية، ومما يطمئن أن تلك المنظمات هي تنظيمات مدنية لا تملك مليشيات مسلحة وهي تعمل من أجل الاستفادة من الديمقراطية للتعبير عن وجهات نظرها، وإن أمكن الوصول إلى السلطات من خلال آليات العمل الديمقراطي، كذلك فإن تعابير الاحتجاج التي سادت كانت في أغلبها سلمية الطابع، وهي إما تكون مطلبية معاشية أو سياسية تهدف لتعديل القرارات التي تصدر عن قيادة التحالف··

لا ريب أن المشوار للوصول إلى الديمقراطية في العراق أو أي من الدول العربية الأخرى قد يستغرق وقتا طويلا إلا أن المرء لابد أن يثمن التطورات  الجارية على الأرض، وإذا كان الحكم في سورية لازال يرفض تحديث البنية السياسية والهيكل الاقتصادي بما يتوافق مع العصر الحديث، فإن الاحتجاجات حول الممارسات غير الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان هناك تشير إلى درجة من التحدي بين صفوف الشعب، وما الاحتجاجات على معاملة النائب مأمون الحمصي إلا دليل على نزعة المواجهة مع الإجراءات المتعسفة، كذلك فإن ما حدث بعد إغلاق المجلة الساخرة "الدومري" لصاحبها على فرزات، رسام الكاريكاتير المشهور، يعني بأن هناك تململا في أوساط الشعب السوري يدفع الإصلاحيين في النظام لمواجهة الحرس القديم من أجل إنجاز التطورات التي تعطلت بفعل مقاومة أصحاب المصالح من أطراف ذلك الحرس القديم، كذلك فإن التحولات الجارية في دول الجوار، وبشكل خاص العراق، قد تشجع عملية الإصلاح في سورية ولا شك في بلاد الشام، وهذا يتطلب عقليات جديدة تسعى لإنجاز تسوية مشرفة يمكن بعدها التفرغ لمشروع تنموي يضع سورية في مصاف الدول المتطورة وبما يستحق الشعب السوري·

وإذا كانت الأعمال الإرهابية التي حدثت في بلدان المنطقة خلال هذا العام تمثل هاجسا للكثير من المراقبين إلا أنها نبهت الكثير من الأنظمة السياسية، في المغرب والمشرق إلى أنها مستهدفة بصرف النظر عن محاولتها استيعاب، أو مهادنة، أصحاب الفكر التكفيري والمتشددين منهم، وتمثل تلك الأعمال تحديا للواقع السياسي وقدرته على معالجة الكثير من الأوضاع التي تولد التطرف والإرهاب والعنف، فهناك مشكلات البطالة ومخرجات التعليم والأنظمة التعليمية ذاتها التي تكرس قيم التطرف والكراهية ورفض الآخر، كل ذلك يعني أن ثمة خللا في الأوضاع بما يتطلب معالجات جذرية واسعة النطاق، وقد بدأت الحكومة السعودية في مواجهة هذه المخاطر على أكثر من صعيد أمنيا وثقافيا، وبدأت تعمل من أجل فتح حوار وطني مستمر لمواجهة استحقاقات الإصلاح والتغيير، كذلك الأمر في المغرب حيث كانت البلاد مستهدفة من التطرف والإرهاب وبدأت الحكومة باتخاذ خطوات جادة للانعتاق من التخلف ومعوقات الديمقراطية·

هذه المؤشرات والتطورات تستلزم مراجعات لواقعنا في مختلف المجالات والعناية بالشباب الذين يمثلون وقودا للتطرف في مجتمعنا نتيجة للفشل الذي يواجهونه في حياتهم نظرا للتراجع في مستويات المعيشة وانعدام فرص العمل الحقيقية، ومما لا لبس فيه أن مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات شابة بفعل التطورات الديمغرافية وارتفاع معدلات النمو السكاني مما يفرض تبعات ثقيلة على الأنظمة السياسية ويؤكد أهمية المواجهة باقتدار· لقد ثبت الآن دون التباس أن معركة التنمية لم تبدأ حتى الآن بسبب انغماس الأنظمة في معارك أهدرت قضايا التنمية، كما أن غياب الديمقراطية وفشل الأنظمة التعليمية قد عززا نزعات التخلف في المجتمعات العربية وعطل التواصل مع الحضارة الإنسانية، وعلينا أن نتجاوز هذه المعضلات سريعا·

 

tameemi@taleea.com

  

 

�����
   

رموز الطاغية في الإمارات:
المحامي نايف بدر العتيبي
حدث مبشر:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
ضوء في آخر النفق!:
عامر ذياب التميمي
في ذكرى 2 آب:
يحيى الربيعان
لا بد من وقفة:
د. محمد حسين اليوسفي
شرار والبلدية:
علي الكندري
تجنيس أبناء الكويتيات:
د. جلال محمد آل رشيد
وماذا بعد الهدنة؟!!:
عبدالله عيسى الموسوي
حكومة تكنوقراط عراقية لا حزبية سياسية:
حميد المالكي
إشكالية "التبرعات" والأعمال الإرهابية:
رضي السماك
ملف التجنيـس ما له وما عليه:
عبدالمنعم محمد الشيراوي