حان وقت الوقوف موقتاً لالتقاط الأنفاس بعد سنة مليئة بالأحداث الجسام التي كان لها بليغ الأثر على حالتنا النفسية والعصبية· هذه السنة التي لم تنته، وجزء من السنة الفائتة كانا من السنوات الكبيسة على منطقتنا بما حوت من أحداث سياسية ستؤثر بعيداً في تطور المنطقة برمتها، وتحدد ملامح سيرها إلى مدة طويلة من الزمن·

هذه الأحداث التي جرت حولنا كان وقعها كبيراً على أمزجتنا ونفسياتنا وأعصابنا ولعلنا نختار حدثين كانا هما الأبرز في تأثيرهما علينا من ناحية تفاعلنا معهما، أما الأول فهو حدث إقليمي كانت الكويت مركزاً له، وهو حرب العراق، في حين كان الحدث الآخر محلياً داخلياً وهو انتخابات مجلس الأمة في يوليو الماضي ونتائجها المرة بالنسبة للقوى الوطنية التقدمية·

أما تطورات أحداث العراق فقد بدأت من منتصف العام الماضي حينما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بإرسال جنودهما وآلياتهما وطائراتهما إلى منطقة الخليج العربي والكويت على وجه التحديد، فكان المرء يلاحظ كثافة تلك الآليات وهي تعبر طرق الكويت وبالذات طريق الدائري السابع متجهة إلى الشمال، أي إلى الجبهة العراقية، وفجأة أصبحت الكويت جبهة حرب بكل ما تعني الكلمة من معنى·

وفي هذا الإطار جرى الحديث عن استعدادات الدولة لمواجهة أي طوارئ وبالذات في حال تعرض الكويت للهجوم بأسلحة كيماوية، وكان ذلك كفيلاً برفع درجة التوتر عالياً، تمثل باستعداد السكان للحرب، وتخزين الأغذية والمياه والاحتياط للحرب الكيماوية، وما أن اندلعت الحرب حتى كانت الكويت مرمى لصواريخ صدام وما كانت تثيره من ذعر وبالذات صافرات الإنذار التي لم تكن تأبه بسكون الليل ولا بضجيج النهار· وبعد زوال نظام صدام، مازلنا ننتظر بفارغ الصبر عودة الهدوء والسكينة إلى الشارع العراقي، ليبدأ رحلة البناء والتنمية وليقطف ثمار زوال النظام الاستبدادي البائد، ولينعم بالأمن والرخاء·

الانتخابات الكويتية كانت حدثاً آخر شد أعصابنا واستنزف كثيراً من طاقاتنا وكانت نتائجه مخيبة لآمالنا، فعدم فوز عناصر أساسية كان لها باع طويل في العمل الوطني المتمثل ببناء دولة القانون والنظام كان لطمة لكل العاملين المخلصين من أجل رفعة هذا البلد وشعبه، إذ ما تتميز به الكويت منذ أكثر من أربعة عقود هو ديمقراطيتها ومشاركة شعبها في القرار السياسي، وهو مكسب مازالت بعض شعوب المنطقة تتطلع إليه، وهذه النتيجة المحزنة التي تؤرق كل مخلص، تدعونا للمثابرة وتطوير أساليب العمل والتواصل مع الآخرين·

نتوقف قليلاً عن الكتابة، بعد هذه السنة الحبلى بالأحداث لنسترجع نشاطنا في أقرب فرصة· وإلى لقاء قريب·

alyusefi@taleea.com