لم تهتم وسائل الإعلام المصرية بحدث أراه بالغ الأهمية وآمل أن يكون بشرى خير، فقد أعلنت الهند والبرازيل وجمهورية جنوب إفريقيا تكوين منتدى تجاري بينها بغرض "دعم التجارة فيما بينهما وتوحيد آرائها السياسية خلال محادثاتها مع الدول الغنية"، ويأتي تحت هذا العنوان أمور محددة، فهذه الدول الثلاث تعمل فعلا على توثيق علاقاتها التجارية، وعلى سبيل المثال زاد حجم التجارة الثنائية بين الهند والبرازيل خلال السنوات الثلاث الماضية بما يتجاوز الضعف، بينما زادت التجارة بين البرازيل وجنوب إفريقيا بنسبة %85، والأمر الثاني هو استهداف الدول الثلاث إصلاح مجلس الأمن، وتخصيص مقاعد دائمة للدول النامية، وصرح الرئيس البرازيلي بأن التكتل الثلاثي سوف يتعاون مع الصين وروسيا لجذب اهتمام مجموعة الثماني "الدول الصناعية الكبرى" لمواجهة حالة ضعف الاقتصاد العالمي وضرورة تطوير وتنشيط الأمم المتحدة·

وحتى ندرك أهمية هذا الحدث نشير الى مكانة أعضائه، فقد أدت الدراسات المستقبلية التي تديرها "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" التي تضم أساسا الدول الغربية واليابان، الى توقعها لأوضاع العالم في عام 2020 أن كلا من الهند والبرازيل ستكون في مصاف الدول الكبرى، فالهند وطن لأكثر من سدس سكان الأرض وقد قطعت في التنمية شوطا كبيرا ويمثل تكوين رأس المال الثابت "أو العيني في مقابل الاستثمار المالي" %24 من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتل الصناعة التحويلية %27 من هذا الناتج في حين أنها تمثل %79 من الصادرات، كما أنها تملك قاعدة علمية وتكنولوجية وعمالة عالية التأهيل مكنتها من منافسة الولايات المتحدة في "الاقتصاد الجديد" أي صناعة المعلومات والاتصالات، وأخيرا حقق هذا القطر الذي ما زال يعاني الفقر والأمية معدل نمو بلغ متوسطه في الفترة 2000-1998 معدل %5,9 سنويا·

أما البرازيل فعدد سكانها 173 مليونا، وكان معدل تكوين رأس المال الثابت %21، وتمثل الصناعة %36 من الناتج المحلي الإجمالي، والصادرات الصناعية %59 من إجمالي الصادرات، وواضح أن هذا التكتل الوليد حرص على تمثيل إفريقيا منذ البداية ووقع الاختيار على جنوب إفريقيا "استبعدت أكثر دول إفريقيا سكانا وهي نيجيريا، 120 مليون نسمة لفساد الدولة والاقتصاد وتوالي الانقلابات، والنزاعات العرقية"، ويسكن جنوب إفريقيا 43,5 مليون فقط، ولكن من ناحية أخرى تمثل الصناعة %31 من الناتج المحلي الإجمالي، وصادراتها %54 من إجمالي الصادرات·

وقد حرص ممثلو الدول الثلاث على تأكيد عزمهم على ضم دول أخرى من العالم الثالث تتماثل أحوالها مع تلك المميزة للمؤسسين·

ألا يذكرنا هذا الحدث باجتماع نهرو وعبدالناصر وتيتو في يوغوسلافيا الذي وجه الدعوة لتجمع الدول غير المنحازة لأي من طرفي الحرب الباردة·