رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 19 شوال 1424هـ - 13 ديسمبر 2003
العدد 1606

قراءة هادئة لأعمال الشيخة أمثال التطوعية والبيئية
د· علي خريبط

لنبدأ هذا المقال بحكمة صينية قديمة تعود الى أكثر من 5000 سنة، حيث تقول هذه الحكمة: "عندما تنتقد (بضم التاء) يكون من المهم أن تلاحظ نفسك وتراجعها، فإذا كنت قد عملت خطأ ما فالنقد صحيح، وإذا لم تكن قد عملت الخطأ فالنقد في غير مكانه، وإذا كان النقد في الوقت نفسه صحيحا فلا يوجد هناك سبب للشكوى، وإذا لم يكن كذلك فلا يوجد به أي ضرر لأن مراجعة النفس هي الأمر المهم"·

في الحقيقة تعرضت الشيخة أمثال الأحمد الجابر الصباح خلال الأسبوع الماضي لنقد من كتاب عدة مشهود لهم بالطرح الواعي ومن ضمنهم محمد مساعد الصالح، وشملان العيسى وأيضا من جريدة "الطليعة" وذلك على خلفية تصريحها المتعلق في "حقوق المرأة السياسية والبيئة" والذي نقل عنها وتفضلت به خلال لقاء صحافي عند زيارة السيدة هيلاري كلينتون الخاطفة لدولة الكويت، والتي علق عليها كل من رئيس مجلس الأمة الكويتي "وكما نشرت الجرائد" بقوله بأنه لم يكن لديه علم بزيارتها، وأيضا كما ذكرت الشيخة أمثال بأنه قد تمت دعوتها لاستقبال السيدة كلينتون قبل ساعات عدة من وصولها للكويت، وهذا النقد والذي ظهر بهذه الصورة كان موجودا ولكنه مختف وظهر الآن للعيان، وسوف يستمر هذا الوضع إذا لم تقم الشيخة أمثال بعمل "بروسترويكا" تصحيحية لمسيرة جمعيتها التطوعية، والتي وبرأينا المتواضع تعكس واقع عمل مؤسسات المجتمع المدني في مجتمعاتنا والتي هي غالبا غير متجذرة وهي تكون موجودة بوجود من يقودها·

والحقيقة أن تعرض شخصية مثل الشيخة أمثال لمثل هذا النقد قد يكون غير مقبول من الناحية المعنوية وذلك كونها ذات وضع خاص لكونها أخت سمو أمير البلاد، وأيضا رئيس مجلس الوزراء ولم تتعرض لنقد كهذا منذ أن قامت بدور واضح في المقاومة الكويتية أثناء الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت في الثاني من أغسطس من عام 1990، ولكن مجتمع الكويت مجتمع مفتوح جبل على الديمقراطية منذ نشأته وكرس ديمقراطيته ونظمها المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح والذي هو بحق من ضمن كوكبة مميزة من الأمراء الذين حكموا الكويت والذي كان له بعد نظر كبير في تنظيم الكويت بما فيها تنظيم تملك وتخطيط الأراضي وحتى تنظيم نشاط عمل الأسرة التجاري، ومن يقبل أن يكون له دور في المجتمع بشكل بارز وواضح فبكل تأكيد سوف يتعرض للنقد، وأنا شخصيا لا أرى أي نوع من الضرر في النقد ما دام يصب في القناة الصحيحة، ومع إيماني الشديد بأن أفراد الأسرة الحاكمة هم إحدى شرائح المجتمع الكويتي المهمة والتي تملك الحق كغيرها من الشرائح الاجتماعية الأخرى في ممارسة مختلف الأنشطة المختلفة بما فيها الأنشطة التطوعية، إلا أنني أرى أنه من الحكمة وكما يرى البعض أيضا من الأسرة الحاكمة أن يتم الأخذ بعين الاعتبار التخفيف من الظهور والمشاركة الاجتماعية وترك المجال وإفساحه لمنظمات المجتمع المدني وأن يكون دور أفراد الأسرة الحاكمة هو الرعاية والدعم الرمزيين، وكما يحدث في الغرب، وبهذا الشكل فهم يشاركون في فعاليات المجتمع ولكن بعيدين كل البعد عن التجريح·

يعود أول لقاء شخصي - عملي لي مع الشيخة أمثال الأحمد الجابر الصباح الى أقل من 3 سنوات حيث كنت قد كتبت مقالا في جريدة "القبس" الكويتية حول وجود مخلفات إسبستوسية كثيرة على شاطئ السلام وضرورة إزالتها، والاسبستوس كما هو معروف مادة مسرطنة وخاصة لمن يتعرضون له أثناء عملهم وخصوصا في مهنهم المختلفة سواء في التصنيع أو الإزالة، ومع معرفتي بأن الأنابيب هي إسبستوسية من الشكل العام والمظهر واللون إلا أن المنهج العلمي يتطلب التأكيد، حيث تم أخذ عينة وأرسلتها الى مختبر في المملكة المتحدة وهو مختبر متخصص في فحص الإسبستوس وأكد لي بأن العينة هي إسبستوسية·

وقد تبنت الشيخة أمثال والأخ الدكتور محمد الصرعاوي مدير عام ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبيئة الموضوع وتمت دعوتي لاجتماع كبير في منزلها في منطقة الشامية، وكان الحضور كبيرا ويمثل كل قطاعات الدولة حيث تم وضع خطة تم فيها إزالة جميع الأنابيب الإسبستوسية بالاشتراك مع فريق الغوص الكويتي والهيئة العامة للبيئة والإدارة العامة للإطفاء وبلدية الكويت والداخلية وآخرين، وتم العمل بشكل يومي ودؤوب كانت فيه الشيخة أمثال تحضر وتجلس تراقب وعلى مدى 3 أيام أعمال الإزالة حتى تم في آخر يوم تنظيف الساحل برمته من الإسبستوس وأصبح مقبولا من ناحية حماية الصحة العامة·

وعندما قررنا في "اللجنة الوطنية لحماية البيئة البحرية" والتي كنت أرأسها وهي مجموعة متكونة من غواصي "منظمة ناوي الأمريكية العالمية" في التفكير في رفع المخلفات الحديدية من الأقواع القريبة من سواحل ومياه الجزر الكويتية وذلك بالتعاون والتعامل الأصيل مع فريق الغوص الكويتي الذي يرأسه الأخ وليد الفاضل حيث حصلنا أيضا على دعم معنوي منها وأيضا على مساندة الهيئة العامة للبيئة وشركة إيكويت ووزارة الصحة·

وبرأيي الشخصي المتواضع كمختص في أمور البيئة وفي الخوض والعمل في العمل التطوعي في أثناء غزو الكويت وفي العمل التطوعي البيئي منذ كارثة حرق الآبار والى الآن، أن الشيخة أمثال قد بدأت عملها التطوعي بشكل صحيح وكان التوقع بأنها سوف تكون هي المحور الذي سوف يلتف حوله المثقفون والواعون بأهمية العمل التطوعي وأن يتم دفع مثل هذا الأمر الى الأمام وبقيادتها، ولكن خلال سنة منذ بداية العمل أخذ يدور حديث كبير ونقد خفي حول الأمور التي تحدث والقيام مثلا بالتعليق غير الصحيح على أناس كان لهم دور أساسي في العمل التطوعي في الكويت، وتطور الأمر مع حدوث كارثة نفوق الأسماك الثانية حيث اختلط "الحابل بالنابل" وأخذت التصريحات الأدبية والفنية تختلط من دون أن يكون هناك دور مهدئ، ومنذ تلك اللحظة تضاءل الأمل لدي في قيام ووجود حركة بيئية تطوعية متطورة تخدم بيئة الكويت· ومنذ تلك الفترة نقل لي الكثيرون قلقهم والطلب مني للتطرق للموضوع من أجل وضع إطار صحيح له والعمل على تصحيحه، ولقد أتى موضوع "حق المرأة السياسية والبيئة" في الوقت المناسب لنبدي رأينا المنطقي حول الدور المطلوب من الشيخة أمثال وجمعيتها التطوعية القيام به وخصوصا أنه ومنذ فترة ليست بقصيرة هناك كلام كثير يدور حول الجمعية التطوعية وعن المسار التطوعي والذي خرجت عن إطاره وهناك انتقادات كثيرة توجه له، ونحن متأكدون بأن مثل هذه الانتقادات قد لم يصلها أو قد وصلها ولم تبد رأيا حولها·

هناك مسؤولية تاريخية تنصب على الشيخة أمثال تتمثل في ضرورة أن تحافظ على الجسم التطوعي الكويتي وتعمل من ضمنه، فمن خلال تجاربنا المتواضعة في العمل السياسي والتطوعي منذ أيام الحركة الطلابية والى الآن فإننا نرى أن خطوات الجمعية التطوعية الفنية والإدارية غير محسوبة بدقة ونعتقد  أن مثل هذا الأمر سوف يصيبها بضرر معنوي كبير منه وقد بدأ جزء منه الآن مع الانتقادات التي بدأت توجه للجمعية التطوعية والشيخة أمثال·

والملاحظات التي سمعناها على عمل الجمعية التطوعية تنصب في الآتي:

1 - رغبة الجمعية التطوعية في احتكار العمل التطوعي، وهذا برأيي المتواضع صعب جدا وخصوصا أن هناك شخصيات تطوعية وجمعيات عمل تطوعية قديمة مثل جمعية الهلال الأحمر الكويتي والجمعية الثقافية النسائية الاجتماعية وآخرين ويكون من الصعب تجاوزها وتجاوز أعمالها التاريخية، ويكون التنسيق معها والتعامل معها هو أمر مهم ورئيسي·

2 - قيام البعض في الجمعية التطوعية بانتقاد أعمال تطوعية أخرى بما فيها عمل تطوعي كبير قمنا به لحماية جزيرة أم النمل من دون أي سبب وجيه، وأيضا انتقاد عمل جماعة الخط الأخضر، لا لسبب إلا من القلق من وجود جماعات تطوعية أخرى تقوم بعمل تطوعي يشعر تجاهه بأنه خطر على نشاطات اللجنة التطوعية·

3 - عدم وجود مستشارين ذوي قدرات فنية متعددة يوجهون أعمال اللجنة التطوعية بأن الشخصية السياسية من الصعب أن تتبع وتتطلع على الأمور الفنية بدقة مهنية وحرفية وأن تتخصص بها وذلك لطبيعة مشاغلها وارتباطاتها الاجتماعية والسياسية وهذا ليس قصورا منها ولكنه متعلق في طبيعة الالتزامات الواقعة عليهم، لذلك يكون إطلاق التصاريح دون التأكد من صحتها الفنية هو أمر قد يأتي بمردود سلبي على المدى المتوسط والبعيد·

4 - تولد شعور لدى كثيرين بعدم العدل في التعامل مع جمعيات النفع العام غير المشهرة حيث إن اللجنة التطوعية قد أشهرت ووفرت لها جميع الإمكانات الشعبية والرسمية في حين أن هنالك جمعيات على لائحة الإشهار منذ سنين طويلة وبعيدة·

5 - المبالغة في القيام بالنشاطات الإعلامية للأعمال التطوعية من حيث التركيز على الدعاية والإعلام وبشكل يتم فيه تسخير كل الأجهزة الرسمية لتغطية عمل من المفروض بأنه يكون عملا تطوعيا بسيطا لا يسعى الى "الضياء" الإعلامي الحكومي·

6 - شعور البعض بعدم العدل في إعطاء الجمعية التطوعية الحق لنفسها في حضور اجتماعات رسمية في الدولة ومناقشة الأمور الفنية ذات العلاقة وخصوصا أنها لجنة تطوعية، في وقت لا تتمتع أي جمعيات نفع عام أو تطوعية في الكويت بمثل هذا الحق ولو بمقدار وجيز·

7 - وصول حد المجاملة والتهافت من قبل البعض لحد غير مقبول بالطلب من الشيخة أمثال في أن يتم إلغاء أعمال اللجان التطوعية الأخرى وأن يتم البقاء فقط للجنة التطوعية، وهو أمر ليس فقط غير مقبول إلا أنه يثير القلق من المبالغة في المجاملة والتي لن تؤدي إلا الى المزيد من المساهمة في التفر وعمل الانشقاق الداخلي في الجسم التطوعي الكويتي بكل مجالاته·

8 - أصبح من غير المعروف الطابع العام لتوجه اللجنة التطوعية فهل هي "لجنة تطوعية أم رسمية" فمن جهة هي ذات طابع جمهوري وشعبي ومن جانب آخر فهي تتمتع بدعم رسمي من دون أي حدود·

في نهاية هذه المقال نطلب من الشيخة أمثال أن تتريث في أعمالها ومسيرة عملها التطوعي وأن تتوقف قليلا وأن تقوم بعمل تقييم جدي لنشاط جمعيتها التطوعية وكيفية تطويره الى الأفضل من أجل الكويت ومجتمعها وأجيالها الحاضرة والمقبلة·

�����
   
�������   ������ �����
 

من المستفيد؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تركي الحمد!:
إسحق الشيخ يعقوب
قيود الانتماء:
سعاد المعجل
كيف يُصنع المستقبل؟:
يحيى الربيعان
"الاسم عالي و البطن خالي":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
أموال الناس (3):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المرأة وحقـوقهـا!:
عامر ذياب التميمي
لماذا "الكويتية"؟:
د. محمد حسين اليوسفي
المأساة!!:
عبدالله عيسى الموسوي
"تغييـر الدوائـر يحدد هوية مجلس 2007":
يوسف مبارك المباركي
الكويت عام 2050: تعديل الدوائر والناخب الحائر:
خالد عايد الجنفاوي
قراءة هادئة لأعمال الشيخة أمثال التطوعية والبيئية:
د· علي خريبط
الشرطة العراقية·· والمعاناة المزدوجة!:
رضي السماك