رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 19 شوال 1424هـ - 13 ديسمبر 2003
العدد 1606

تركي الحمد!
إسحق الشيخ يعقوب

حنين التراث، حنين القديم (···) يحتضنك برفق، يضمك يأخذك الى حنين قلبه ويغيب بك حنينا متيما في حنينه: تجاه "دواعيس" المحرق العتيقة، حتى يلج بك في بوابة مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة الذي يتنفس التراث ويعيش ذاكرة التراث يجدده ويتجدد فيه·

الوجوه التي حفرت كلماتها الإنسانية والفكرية، على مدار سنوات في نشاطات ثقافية وفكرية شكلت مساهمات جادة في ضمير الثقافة الإنسانية البحرينية، وأعطت بعدا فكريا رائدا في الخليج والجزيرة العربية·

والمتتبع لرموز الثقافة والفكر، الذين استضافهم مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة، على مدار نشاطاته الثقافية يدرك أهمية الطبيعة الواعية التي يتمتع بها هذا المركز المميز والقائمين على تنفيذ سياسته المتألقة وعيا وريادة والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على مسؤولية الترسل الثقافي والفكري الإنسانيين المناطة بهذا المركز·

***

دخل المركز بسيطا طيبا سهلا ممتنعا واثقا، القاعة العطشى المكنوزة بأجساد الرجال والنساء تطلب رشفة ماء معرفة العلاقة بين الإسلام والليبرالية·

أخذ مقعده بسيطا متواضعا واضحا نقيا شفيفا كالماء (···) حرك أوراقا أمامه بأصابع كفيه، خشخس صوتها هامسا، أمام حضور مطبق الصمت كأن الطير لا يفارق رأسه·

كانت نظارته الطبية تماوج دوائرها البلورية أنوار القاعة الساطعة وكانت عيونه تتوقد ضياء يماوج حضورا مفعما بوهج التلقي·

هذا الأسمر القصير النحيف الأنيق القادم من أصقاع جزيرة العرب الملوّح بشمسها والمحموس بهجيرها والمضرس بعنائها·· هذا القصيمي المناكف المشاكس لجمود النص المتعلق بأهداب الشمس والمهموم برغيف الإنسان وحرية الاختيار (···)

وجهه الأسمر الفاتح الملموم، ميال للطول وتقاطيعه تميزه بصرامة متسامحة، أنفه الرقيق المبروم ينزوي تحت أرنبته شارب فاحم·· يقوس شفتين رقيقتين ملمومتين مطبقتين متسائلتين!!

الشفة كالعين تشف هوى النفس وتبوح أسرارها!! مغاليق أسرار العين في ضيائها والشفة أيضا مغاليق أسرارها في ضيائها هل رأيت شفة مضيئة؟!

أحسب أن ضياء عيونه تضيء إلمامة شفتيه أو أن المامة شفتيه تضيء ضياء عيونه!!

تركي الحمد الذي عرفناه في "العدامة" و"الشميسي" و"الكراديب" كان يلوح لي باكرا، من كتاباته في "اليمامة" صادقا واعدا مجددا·· مثابر البحث والتنقيب والذي تابعه منذ بداياته الإبداعية الأولى يدرك كم هو متسق التوثب·· يشق عبور الذات واقعا عقلانيا ممنهجا حتى بلغ شأوا واثقا وهو يضع أصابعه على واقع تخلفنا!

ها نحن - يقول - نكرر أنفسنا في السؤال ذاته·· وفي النص ذاته!!

إذا كنا في النص ذاته ولا نستطيع أن نغادره لا يمكن إلا أن ندور على أنفسنا ونكرر سؤالنا ضمن النص ذاته، نحن في تاريخ مقيد بنصوص جامدة خرافية التدوين··

لقد كانت موضوع ورقته "الليبرالية والإسلام" هل هو يضرب في تيه المستحيل؟ وكان السؤال بديهيا أضاء شفاه الكثيرين كيف تتم المزاوجة، بين الإسلام والليبرالية؟ من يحرك من؟ هل الإسلام الراسخ في العقول والنفوس والمشاعر منذ مئات السنين، يحرك الليبرالية أم الليبرالية الطارئة على مجتمعاتنا تحرك الإسلام؟

كيف تتم المزاوجة أو كيف تتم المداخلة أو المدامجة؟ من يحدد من؟ هل الإسلام يحدد الليبرالية أم الليبرالية تحدد الإسلام؟!

وهل الأمر انتقائيا ننتقي شيئا من الإسلام وشيئا من الليبرالية؟ ولا أحسبه يميل الى "المكنكة" يضع حساباته التحليلية وفقا لموازين ميكانيكية بل أراه يجدل نظرته الإسلامية ويضعها في سياقها التاريخي يحاول زحزحتها من إطار نصها التاريخي·

موت النص في سكونه وفي جموده كل شيء في الحياة يبور وينتهي بما فيها الأديان إذا لم تتحرك وتتجدد تبذل وتضمر ويذهب ريحها ليس هناك نصوص ثابتة الصلاحية في كل الأزمنة والأمكنة·

النصوص تحرك العقول أم العقول تحرك النصوص؟

المشكلة كما يراها الحمد: "تجمد العقل العربي وأصبح غير قادر على التعامل مع المتغيرات والمستجدات"·

العقل يصبح جثة خرافية هامدة إذا استبد به كفن النص، جمود العقول من جمود النصوص·· النصوص التي تحمل قدسية البقر تشكل توابيت أبدية لعقول حنّطتها خرافات وشعوذات وأساطير النصوص··

كيف يمكن قراءة الدين ونصوصه قراءة ليبرالية كما يدعونا إليها الدكتور تركي الحمد؟ ما مضامين الليبرالية؟ هل هناك مضامين ليبرالية تتسق مع مضامين الدين الإسلامي؟ إذا كانت الليبرالية تدعو الى الحرية والفردية والتسامح فهذه ثلاثية يختزنها الدين الإسلامي منذ مئات القرون وأزعم أن هذا منطق قد يدخلنا في إشكالية هل هي الحرية ذاتها والفردية ذاتها والتسامح ذاته؟ أم حرية وفردية وتسامح ولكنها تأخذ مقاييس وقيماً وأخلاقاً إسلامية، مغايرة بمدلول حريتها وفرديتها وتسامحها صفات الليبرالية الثلاث، أم أن الحرية والفردية والتسامح لا يمكن تجزئتها، والتلاعب بمقاييس قيمها وفقا لنصوص متجمدة؟

وهل يمكن أسلمة الليبرالية أو لبرلة الإسلام؟

وأحسب أن كتم عنق الزجاجة بالنصوص الدينية يدخلها في متاهة الخروج من نفق والدخول في نفق آخر (···) وطالما أن القرآن حمال أوجه فلا مفر من مقاصد متأسلمي الإسلام السياسي إلا بالدعوة الى تكريس العلمانية وتشريع فصل الدين عن السياسة·

ويدعو الحمد - عن حق - الى ضرورة قراءة متعددة ومختلفة للنص الديني وكسر مقدسات القراءة الواحدة، لماذا يغلقون النصوص قسرا وهي نصوص مفتوحة والقرآن حمال أوجه لماذا يشكلونه في وجه متطرف متشدد إرهابي الغلوائية؟ لا أحد يريد أن يخرج على النص الحر المستنير المتسامح بل الخروج من النص المقيد للإبداع والحرية والليبرالية والحداثة والديمقراطية والتعددية النص الذي يحفظ كرامة المرأة والرجل على حد سواء في الحقوق والواجبات·

لنتجاوز احتكار النصوص ونقوم بأعمال إشاعتها وفتحها بحرية أمام العقول المستنيرة في المجتمع لقد كان الدكتور الحمد حريصا أن يوصل الي جمهوره مقاصد قيم الحرية والديمقراطية والتعددية التي يمكن قراءتها والاستدلال بمفاهيمها الإنسانية في صلب النص القرآني خلاف أولئك الذين يريدون طي النصوص في طيات العمائم وهفهفة اللحى، ويؤكد الحمد أن هناك مفاهيم ليبرالية تترسّل بطبيعة قيمها الأخلاقية والسلوكية في كثير من النصوص القرآنية المتعلقة بحرية العقيدة مثل: "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" أو "وما أرسلناك عليهم حفيظا" أو "لا إكراه في الدين" أو "لكم دينكم ولي دين" أو "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" الخ ·· الخ·

وأشار الحمد بأن أولئك الذين يركبون أهواء السياسة يذهبون لأدلجة القرآن لأغراضهم الوجاهية ومصالحهم السياسية ويديرون ما تحمله النصوص القرآنية من أوجه، الى وجهة ميكافيلية إسلاموية سياسية ولا يتورعون في خلط التحريم بالتجريم في العقاب·

دون التمييز بين عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، فما هو حرام يحمل عقوبة آخروية، أما الجرائم فعقوبتها دنيوية ويؤكد الحمد بأن حادثة المطربة اللبنانية "نانسي عجرم" مثال واضح على الخلط المتعمد بين التجريم والتحريم·

تركي الحمد·· لتتمجّد فيك إنسانية الوطن من أجل وطن ديمقراطي متعدد متجدد يقبل حرية الآخرين في حرية نفسه·

�����
   

من المستفيد؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تركي الحمد!:
إسحق الشيخ يعقوب
قيود الانتماء:
سعاد المعجل
كيف يُصنع المستقبل؟:
يحيى الربيعان
"الاسم عالي و البطن خالي":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
أموال الناس (3):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المرأة وحقـوقهـا!:
عامر ذياب التميمي
لماذا "الكويتية"؟:
د. محمد حسين اليوسفي
المأساة!!:
عبدالله عيسى الموسوي
"تغييـر الدوائـر يحدد هوية مجلس 2007":
يوسف مبارك المباركي
الكويت عام 2050: تعديل الدوائر والناخب الحائر:
خالد عايد الجنفاوي
قراءة هادئة لأعمال الشيخة أمثال التطوعية والبيئية:
د· علي خريبط
الشرطة العراقية·· والمعاناة المزدوجة!:
رضي السماك