رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 19 شوال 1424هـ - 13 ديسمبر 2003
العدد 1606

المرأة وحقـوقهـا!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

هناك كثير من النشطين في حركات الإسلام السياسي الذين لا يتحملون قيام السيدات في الكويت بعرض قضية حقوق المرأة السياسية في المحافل الدولية والمنتديات الثقافية التي يشارك فيها الأجانب، أو في عرض هذه القضية على زوار الكويت من الشخصيات العالمية المؤثرة، وليس غريبا أن يكون لدى هؤلاء النشطاء الإسلاميين مثل هذه المواقف العصبية حيث إنهم يناصبون مسألة حقوق المرأة السياسية في الكويت العداء التام، وهم وقفوا منذ تأسيس الحياة الدستورية في الكويت قبل أكثر من أربعين عاما ضد نيل المرأة حقوق الانتخاب والترشيح للمجالس البلدي أو النيابية·· كذلك وقفت هذه القوى والأفراد ضد تعديلات قوانين الأحوال الشخصية بما يحقق للمرأة المساواة أو على الأقل يرفع عنها الضيم والاضطهاد··· لكن هذه الأوضاع لا يمكن التكتم عليها في هذا الزمن الذي يتسم بالاهتمام الواسع من قبل المؤسسات المتخصصة ومنظمات حقوق الإنسان وزيادة أعداد المهتمين بقضايا المرأة في مختلف دول العالم، بل إن الكثير من الدول الرئيسة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي باتت تصوغ سياساتها الخارجية وعلاقاتها مع بقية دول العالم آخذة بنظر الاعتبار الكيفية التي يتم التعامل في هذه الدول مع المرأة وقضاياها، إن قضية حقوق المرأة السياسية ليست مسألة مستقلة يمكن تجريدها من المسائل الأخرى المتعلقة بالمرأة مثل القوانين المدنية وقوانين الأحوال الشخصية ومواضيع التوظيف والترقية المهنية أو حقوق المواطنة للأبناء، لا تزال قضايا الزواج والطلاق من الأمور المعقدة التي تحرم فيها المرأة من الحقوق الإنسانية وتتحيز القوانين والإجراءات القضائية والإدارية لصالح الرجل في المنازعات التي تنشأ من الانفصال أو الطلاق·· تعاني المرأة في الكويت بعد الطلاق من معضلات إنسانية حقيقية فهي لا تستطيع أن تصدر أوراقا ثبوتية للأبناء حتى لو تولت حضانتهم، كما أن فتح حساب مصرفي لأي من هؤلاء الأبناء القصر لن يكون متاحا، حتى لو قامت هي بتغذية هذا الحساب من أموالها الخاصة، ولقد تزايدت الشكاوى خلال السنوات الأخيرة من هذه التعقيدات، والكثير منها إدارية لا سند قانونيا لها، وذلك نظرا لارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع الكويتي بعد أن تجاوزت نسبتها الأربعين في المئة من حالات الزواج ولا شك أن هذه النسبة المرتفعة تعكس حال عدم الاستقرار الأسري، خصوصا بين صغار السن من المتزوجين، وعدم نضوج الكثير منهم لتحمل تبعات الزواج وتكوين الأسرة والتصدي للأعباء الناتجة عن الزواج·

إن تطور المجتمع الكويتي وبروز دور المرأة في التعليم والعلم خلال السنوات الخمسين الماضية يعكس نتائج التحولات الاقتصادية والاجتماعية لاقتصادات النفط وتحسن مستويات المعيشة، لكن منظومة القيم في المجتمع ما زالت بعيدة عن مستويات التحضر وهي تعكس قيما ريفية وبدوية في معالجتها للمسائل المتعلقة بالمرأة، وقد شهدت السنوات الثلاثين الماضية تدهورا في الموقف المجتمعي من المرأة وخطا المجتمع خطوات رجعية·· تلك التطورات ليست مقصورة على الكويت بل هي تشغل الكثير من البلدان العربية والإسلامية·· لكن ما يفرق بين تلك البلدان والكويت أن معظم البلدان الإسلامية، والعربية منها، تمكن المرأة من ممارسة حقوقها السياسية، وإن كانت شكلية في الكثير من الأحوال، لذلك نجد أن صوت المرأة في تلك المجتمعات يصدح عاليا مطالبا بإنجاز التغييرات في القوانين والأنظمة بما يساعد على إنصاف المرأة ومنحها حقوقها المدنية والشخصية، ويمكن أن أزعم بأن الدور السياسي للمرأة في مصر قد مكنها من إقناع السلطات هناك ومجلس الشعب لإنجاز قانون الأحوال الشخصية أو تعديله بما يسمح لها بخلع الزوج في حال عدم التمكن من استمرار الحياة الزوجية، ولقد كان حرمان المرأة من الخلع مأساة مهمة عانت منها المرأة المصرية نتيجة لتعنت الكثير من الأزواج وإصرارهم على استمرار حياة زوجية تعيسة بكل المقاييس الإنسانية، كذلك استطاعت المرأة في الأردن إنجاز قانون مشابه، وتعديل قانون الجزاء بما يحد مما يطلق عليه جرائم الشرف الذي نتج عنه قتل الكثير من النساء البريئات من دون وجه حق·

وهكذا يتضح أن الحقوق السياسية للمرأة هي أداة للتغيير السياسي والاجتماعي ووسيلة للمرأة لنيل الكثير من حقوقها المهضومة· قد يتوافر عدد من أعضاء المجالس النيابية الذين يتعاطفون مع قضايا المرأة ولكن لا يمكن أن نجد قدرة على الدفاع عن المرأة أفضل من المرأة ذاتها، يضاف الى ذلك أن المرء لا يمكن أن يتوقع أن تتمثل المرأة في المجالس المنتخبة بأعداد كبيرة لكن لكونها تتمتع بالحق في الانتخاب والترشيح فإن الكثير مما لدى السياسيين يضعون بنظر الاعتبار المسائل المتعلقة بالمرأة وكيفية التجاوب مع مطالبتها··· فهل يمكن أن تظل مسألة تجنيس أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين غير ذات أهمية للسياسيين لو كان لدى تلك الكويتيات حق الانتخاب والتأثير في النتائج بشكل أو بآخر؟ إن سلاح الحق السياسي سوف يمكن من دفع أوضاع المرأة الى مراحل متقدمة ويجعلها أكثر حيوية وقدرة على المساهمة في صناعة القرار·

إذا ليس من المستغرب، أيضا، أن تقوم النشطات من النساء بإثارة قضية الحقوق الإنسانية في المنتديات وأمام المهتمين من صناع القرار في الدول الرئيسة الأخرى، أكدت العولمة في عصرنا أن الحقوق السياسية وحقوق الإنسان هي قيم لا يمكن الاختلاف حولها مهما تباينت الأوضاع الثقافية والتراثية في بلدان العالم المختلفة، وهي لا تختلف عن حقوق التعليم والعمل وتحسين مستويات المعيشة، بل إنها مترابطة بها، وإذا كنا نطالب المجتمعات والدول الأخرى بأن تتدخل لإنهاء الاستبداد والتفرقة العنصرية والظلم في مختلف البلدان فإن من حق المرأة أن تسعى للاستفادة من ضغوط الآخرين لإنهاء التمييز الذي تشعر به في المجتمعات التي تعيش فيها، ومن ذلك التمييز في ممارسة الحقوق السياسية،·· لقد تخطت بعض دول الخليج مثل البحرين وقطر وعمان، الكويت في منح المرأة حقوقها في الانتخاب والترشيح بالرغم أن المرأة الكويتية قد تفوقت في مجالات العمل والتعليم مما يعني أنها تستحق أن تحقق ذاتها بالتعبير الحر عن إرادتها السياسية، وما يمكن للمرء أن يطمح إليه أن تتوافق الإرادة السياسية في البلاد بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء وتقر هذه الحقوق السياسية للمرأة في القريب العاجل·

tameemi@taleea.com   

�����
   

من المستفيد؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تركي الحمد!:
إسحق الشيخ يعقوب
قيود الانتماء:
سعاد المعجل
كيف يُصنع المستقبل؟:
يحيى الربيعان
"الاسم عالي و البطن خالي":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
أموال الناس (3):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المرأة وحقـوقهـا!:
عامر ذياب التميمي
لماذا "الكويتية"؟:
د. محمد حسين اليوسفي
المأساة!!:
عبدالله عيسى الموسوي
"تغييـر الدوائـر يحدد هوية مجلس 2007":
يوسف مبارك المباركي
الكويت عام 2050: تعديل الدوائر والناخب الحائر:
خالد عايد الجنفاوي
قراءة هادئة لأعمال الشيخة أمثال التطوعية والبيئية:
د· علي خريبط
الشرطة العراقية·· والمعاناة المزدوجة!:
رضي السماك