| لم يعد أمر "الإصلاح" مقصورا على مثلث السلطة الاقتصادية المستقر فوق مستوى الحكومات القومية "البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية" منذ جاء راعي البقر الأمريكي ليعامل شعوب العالم الثالث كقطعان البقر بيد تحمل "الكرباج" وأخرى تحمل المسدس أو البندقية وصاح مقرراً إما أن تنفذوا الإصلاح السياسي كما تحدده أمريكا وإما أنتم في معسكر الشر بين أنصار الإرهاب وأعداء الحضارة الإنسانية (أي بلغة المستعمرين الأوروبيين الأوائل في وصف سكان العالم الثالث)، ونجد - والحمد لله - نصا عربيا فيه جوانب الإصلاح الأمريكي متكاملة ألا وهو ما يسمى "بوثيقة الاسكندرية" التي حشد العشرات من الحكام والمثقفين ومن أولئك الذين يسعدهم أن يصرحوا بأقوال فيها استفزاز واضح للمسؤولين أو لقوى اجتماعية ذات وزن تعبر عن ثورتهم المكتومة ثم يخرجوا سعداء راضين عن أنفسهم وعن منظمي المؤتمر، ولا يهتمون حتى بقراءة دقيقة للوثيقة·
وهذه بعض الملاحظات الجوهرية على نص "وثيقة الاسكندرية":
1 - الوثيقة التي قيل إنها تركز على الإصلاح السياسي تخصص لهذا الموضوع صفحة واحدة ثم تسرع الى "الإصلاح الاقتصادي" وتغطيه ثلاث صفحات، وتتميز الأمور التي نوصي بها بالوضوح والتحديد، وبعضها معروف وكان محل مناقشات كثيرة، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإصلاح السياسي هو الوجه الثاني لمطالب البنك الدولي كما أشرنا إليه في الأسبوع الماضي·
2 - والمثال الناطق بذلك هو "تشجيع برنامج الخصخصة بما في ذلك القطاع المصرفي، وتقليص الاستثمارات الحكومية، وإلغاء حقوق الاحتكار الحكومية" وأترك لشعبنا تحديد رأيه في الخصخصة في ضوء تجربة السنوات العشر الماضية·
3 - ومثال آخر "الاتفاق على إطار ملزم لتحديد التجارة في الخدمات بين الدول العربية والخدمات تشمل أعمال البنوك وشركات التأمين والمهن الحرة من أطباء ومحامين ومحاسبين ومهندسين استشاريين·· إلخ، ومعنى التحرير أن يتمكن أي مواطن أن ينتقل من دولته الى دولة أخرى - دون أي تدخل من حكومة تلك الدولة - وأن يمارس مهنته بالشروط المطبقة نفسها علي مواطنيها·
4 - وثالثا: "يشمل الإصلاح الاقتصادي جميع التشريعات والسياسات والإجراءات التي تسهم في تحرير الاقتصاد الوطني والتسيير الكفء له وفقا لآليات السوق بما يمكنه من الانتعاش والازدهار وبما يسهل تكامله مع الاقتصادات الإقليمية "أي إقليم الشرق الأوسط الكبير·
لقد سارعت الخارجية الأمريكية بتزكية وثيقة الاسكندرية ودعوة الناس لقراءتها أكثر من مرة ورأت فيها الطريق الملائم لمنطقة الشرق الأوسط وللعرب بالتحديد· إن الأمر خطير وأحسب أن المكتب السياسي لحزبنا يخصص لمناقشته الوقت المطلوب، ولي عودة بشيء من التفصيل الى مضمون "وثيقة الاسكندرية" ولكنني بالقطع ضد هذا الإصلاح·
|
