الأخطار من حولنا كثيرة، ففي الماضي كان خطر النظام العراقي البائد قائما، وقبله كانت الأطماع العراقية تشكل تهديدا لوجود وبقاء الكويت بدءا من العهد الملكي ومرورا بالعهد الجمهوري، وبعد القضاء على نظام الطاغية صدام حسين خيل لنا أن الخطر قد زال والأطماع ذهبت إلى غير رجعة، لكن الأمور تسير على نحو غير ذلك، بعد مرور عام من سقوط الطاغية برزت بعض الأصوات من بعض الأحزاب العراقية التي مازالت ومهما حاولت إخفاء ما بداخلها تجاه دولة الكويت إلا أن عقولها وعواطفها تحن للماضي ولغسيل المخ الذي مورس عليها من قبل آلة الإعلام والتربية البعثية طيلة نصف قرن ولم تستطع الفكاك فيه، فالكويت على المستوى الرسمي والشعبي ومهما حاولت جاهدة التقرب من الشعب العراقي وتقديم العون والدعم وطي صفحة الماضي البغيض إلا أنها لا تسلم من الهمز واللمز والإساءة بطرق مباشرة وغير مباشرة من قبل أطراف تعتبر أن الإساءة للكويت هو سبيلها في تحقيق أهدافها المستقبلية في العراق، فالوطن عندما يتعرض للتهديد من نظام دكتاتوري يعلم الجميع بإجرامه وعنجهيته وفقدان مصداقيته يكون الأمر مختلفا أما إذا جاء التهديد والإساءة من نظام لم تتضح معالمه بعد ويحاول التلبس بالديمقراطية والتعددية ومدعوم من دولة عظمى، فهنا مكمن الخطورة!

الكويت كوطن صغير مجاور لبلدان كبيرة لم يتمكن من الصمود طوال العقود الماضية إلا بسبب أنه يمثل نموذجا مختلفا عما حوله، وعندما يتحول الشبيه لما حوله يفقد مصدر تميزه وتفرده، لأنه ليس الأقوى ولا الأكبر بالمساحة والسكان ولا يملك قوة ردع، إن الديمقراطية التي تمثل حكم الشعب لنفسه بواسطة ممثليه المنتخبين هي السد المنيع والسور الواقي لوجود الوطن والواجب والمواطنة تحتم على الشعب الكويتي بجميع شرائحه الوقوف صفا واحدا لتمكين هذا النظام والمنهج من الاستمرار والسيطرة ومعالجة كل سلبياته وإخفاقاته بحيث نصل إلى دولة متميزة وسباقة ومتفردة لتطبيق هذا النظام الإنساني المتميز بل المغالاة في التطبيق، فلن نسلم ولن نضمن سيادتنا في الحاضر والمستقبل مالم نتمكن من التأكيد على كوننا شعبا له هوية يؤمن بالمبادىء الديمقراطية والتعددية ويحترم حقوق الإنسان ويخلق له حيزا في فضاء العالم المتقدم·

nayef@taleea.com