رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 ربيع الآخر 1425هـ - 26 مايو 2004
العدد 1629

المنطقة والمستقبل!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

تحت عنوان المنطقة والمستقبل نظمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي ندوة استضافت خلالها عددا من الشخصيات العربية والأجنبية للحوار حول مسائل العراق وإيران والخليج والشرق الأوسط، وبالرغم من التنظيم المعقول والضيافة السخية من قبل منظمي الندوة إلا أن الندوة ضمت شخصيات متباينة الفكر والثقافة والتوجهات ولم تتمكن الندوة من التوصل إلى قناعات محددة بشأن مستقبل المنطقة، فهناك من شارك وهو يؤمن بضرورة قيام نظام ديمقراطي ليبرالي في العراق يكون مسالما في محيطه وعلاقاته طبيعية وسليمة مع دول الجوار في حين استضافت الندوة من يحن لنظام ديكتاتوري فاشيستي تحت مسميات قومية بائدة·· كيف يمكن  إذاً التوصل إلى قناعات فكرية واضحة المعالم؟ ليس المطلوب التجادل والتحاور بدعوى تنوع التوجهات بقدر ما أن المطلوب هو رسم سياسات واضحة لمستقبل العراق بعيدا عن الضبابية، ولا يعني ذلك فقدان التعددية لكن هذه التعددية يجب أن تكون في إطار المتوافقين على نظام ديمقراطي وليس نظاما شموليا·

إن التنوع الفكري يجب أن يكون في الحوار حول أساليب الإدارة الديمقراطية وطبيعة النظام الفيدرالي المنتظر وشكل الاقتصاد الحر والعلاقة بين الدين والدولة ودور العراق في عملية التنمية في هذه المنطقة من العالم·· كذلك يجب أن يفهم أن علاقة العراق بالدول الرئيسية الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى لابد أن تكون صحيحة وإيجابية بحيث يستفيد العراقيون من الدعم السياسي والاقتصادي لهذه الدول وقدرتها على توفير الأمن والاستقرار في البلاد·

أما مسألة إيران فإن القضية أكثر تعقيدا، حيث نجح المحافظون في تحدي إرادة الشعب الإيراني وتجنيد الانتخابات الأخيرة، بأشكال متعددة، لصالح مرشحيهم مما يعني أن إيران ستكون في حالة مواجهة مع الآخرين، سواء دول الخليج أو الأمريكيين وغيرهم، في سبيل بسط نفوذها على دول الجوار واستبعاد الإصلاح السياسي عن أجندة الحكم في إيران·· لاشك أن الجناح المحافظ في إيران يريد أن يساهم في صياغة النظام السياسي القادم في العراق وهو لذلك يعمل على تحدي الأمريكيين هناك من خلال وسائل متنوعة وقوى كثيرة، لكن هذه المحاولات ستواجه مقاومة من العراقيين، أغلبهم على الأقل، ومن الأمريكيين الذين لا يريدون نفوذا لإيران في العراق وبالتأكيد لا يودون رؤية نظام قائم على غرار النظام السياسي في إيران، حيث يحتل رجال الدين مركز الثقل في صناعة القرار· وتأتي المماحكات بين إيران وعدد من دول الخليج مثل الكويت والإمارات والبحرين لتضيف صراعا مهما في المنطقة لابد من إدارته بحكمة من قبل الخليجيين حتى لا تتأثر أنظمتها بحسابات المحافظين في إيران ويعقد علاقاتها مع الأطراف الدولية ذات النفوذ في هذه المنطقة من العالم·

إن دول الخليج ستظل بحاجة لتطوير علاقاتها السياسية والأمنية مع الولايات المتحدة وحلفائها إلى أمد طويل وحتى تتأكد من أن دول الجوار تسعى حقيقة للسلام والتنمية وليس لبسط النفوذ والسيطرة·

بعد ذلك تأتي مسألة العلاقات بين دول الخليج والغرب ومما لاشك فيه أن هذه العلاقات بين دول الخليج والغرب ظلت جيدة على أمد عقود طويلة وتأكد التحالف بين الغرب والخليج بعد الغزو العراقي للكويت واحتلالها على مدي سبعة أشهر ثم تحريرها من قبل قوات أمريكية وحليفة، لكن ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر "أيلول" عام 2001 أدى إلى خلق مشكلات أساسية في هذه العلاقات وكما هو معلوم أن انخراط الكثير من الشباب الخليجي، كالسعوديين وغيرهم، في منظمات إسلامية متطرفة وإرهابية معادية للغرب عموما، وللولايات المتحدة تحديدا، طرح تساؤلات مهمة في الدول الغربية حول طبيعة المجتمعات الخليجية وأنظمتها السياسية والتعليمية ومنظومة القيم الثقافية التي وفرت البىئة المناسبة لتخريج هذه العناصر المتطرفة والتي حملت السلاح وانخرطت في فرق الانتحار ضد المصالح الغربية، كيف يمكن تجاوز هذه المشكلات دون التعاون بين الأطراف ذات الصلة لإصلاح الأنظمة السياسية والتعليمية وتبني قيم ثقافية وإعلامية تخلق آفاقا للتعاون بدلا من التخلف والعزلة؟ هذه التحديات تلزم حكومات دول المنطقة وفعالياتها الثقافية والسياسية للحوار حول الإصلاح الاقتصادي والسياسي وتطوير علاقاتها مع الغرب بما يمكن من إيجاد قاعدة صلبة للتعاون لما في ذلك  من مصالح مشتركة لجميع الأطراف·

تظل بعد ذلك مسألة السلام في الشرق الأوسط، هل يمكن أن يتحقق السلام في ظل الأوضاع القائمة في إسرائيل وغياب دور السلطة الفلسطينية وتعثر المسارات الأخرى؟ إن مما لاشك فيه أن معالجة الصراع لابد أن تتزامن مع إنجاز مشروع إصلاحي شامل في الشرق الأوسط وبالرغم من معارضة الأنظمة الحاكمة والكثير من المثقفين العرب للمبادرة الأمريكية بشأن برنامج الإصلاح في الشرق الأوسط الكبير إلا أن عجز هذه الأنظمة وهؤلاء المثقفين عن طرح مبادرات إصلاحية يحتم عليهم الاستفادة من الطروحات الأجنبية للإصلاح·

وإذا كانت المبادرة في الوقت الحاضر أمريكية فإنها ستكون دولية بعد الاجتماع المزمع في يونيو "حزيران" المقبل للدول الثماني الرئيسية في الولايات المتحدة·· وهكذا يصبح من الضروري اعتماد الإصلاح الديمقراطي من قبل القمة العربية، قد يكون هذا من باب التفاؤل الجامح لكن ليس هناك بديلا للديمقراطية والإصلاح على المستويات الإدارية والاقتصادية وإذا أردنا أن نتجنب كارثة العنف والتطرف فإنه يجب أن نجد الأساليب الناجعة لخلق مواطنين مؤمنين بالتحضر والتسامح وقبول الآخر·

كذلك لابد من تطوير آليات التفاوض لإنهاء الصراع بين العرب والإسرائيليين بدلا من الاستمرار في دوامة العنف والانتحار والتشدد، وهنا يأتي دور الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل من أجل إنجاز مشروع خارطة الطريق بما يحقق قيام دولة فلسطينية مستقلة وفي الوقت ذاته حل القضايا العالقة على المسارين السوري واللبناني بما يعزز قرارات الأمم المتحدة المتصلة بإنهاء الاحتلال ومن ثم الصراع·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

آخـر وقـفة
(قمة) التراجع المنظم:
د·أحمد سامي المنيس
الالتزام الدستوري:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الغبار الأنجلو – أمريكي:
سعاد المعجل
ألا يستحق الحياة؟:
محمد بو شهري
التجربة الفردية بين "العيب" و"الحرام"!:
فهد راشد المطيري
المثالب الديمقراطية:
يحيى الربيعان
شكرا·· الشيخ صباح أوقف الفحش الفكري!:
بدر نادر الخضري
"وسعوها في قريش تتسع":
عبدالخالق ملا جمعة
الإصلاح الإنساني
من الخارج أفضل من الداخل:
فيصل العلاطي
المنطقة والمستقبل!:
عامر ذياب التميمي
الكويت والديمقراطية:
المحامي نايف بدر العتيبي
العرب والديمقراطية:
د. محمد حسين اليوسفي
الإرادة الدولية تتحدى أمريكا:
عبدالله عيسى الموسوي
أيها الإرهابيون·· بأي إسلام تدينون ؟:
المحامي د.عبدالله هاشم الواكد
المقاومة·· مقارنات ودروس:
د. جلال محمد آل رشيد
المجموعات السيادينة وأزمة الهـوية الوطنية:
خالد عايد الجنفاوي
أضواء على مهمة الأخضر الإبراهيمي في بغداد:
حميد المالكي
قدسية العلم الوطني:
رضي السماك