كتبت غادة إسماعيل:
شكل مجلس الأمة لجنة للتحقيق في التهم التي وجهها عدد من النواب حول ممارسات إدارة العلاج في الخارج في أثناء الحملة الانتخابية، وتداول النواب في الأمر مع وزير الصحة الذي نفى علمه أو توقيعه على أي من تلك المعاملات غير القانونية، وقد وعد النواب بتقديم ما لديهم من أدلة على اتهاماتهم بتوجيه خدمات الإدارة لصالح عدد معين من المرشحين الى اللجنة·
وعلى الرغم من أهمية تشكيل تلك اللجنة إلا أن هناك من يراهن على احتمال فشلها في تحديد المخالفات بشكل دقيق وتوجيه تهم محددة ليس الى الموظفين الذين مرروا تلك المعاملات فقط بل الى الذين أعطوهم الأوامر الشفهية والتعليمات المحددة لكنها غير مكتوبة بينما كانت هي الأساس الذي تعتمده الإدارة لاتخاذ القرارات بذلك الشكل·
ويقول عدد من المتابعين لهذا الأمر أن الأوامر الشفهية والتعليمات قد تصل، إن توفرت الحماية للموظفين، الى أطراف كانت هي التي تدير عملية الانتخابات وتسخر لها جميع مقدرات الحكومة من أجل إنجاح مرشحين بعينهم·
كما نشرت الصحف ونشرنا نحن في "الطليعة" أدلة لا تزال متوفرة لمن يرغب في الحصول عليها من أعضاء اللجنة بينا فيها كيفية التلاعب من أجل ضمان الحصول على الصوت الانتخابي للمواطن الذي من المفترض أن يستفيد من تلك المعاملات من دون الالتزام بالموافقة النهائية للعلاج في الخارج، ومن تلك الوسائل المستخدمة لخداع المراجعين تحديد موعد المراجعة بتاريخ لاحق ليوم الانتخابات، وإعطائهم كتب موافقة من دون تحديد الجهة الباعثة للمريض (وزارة الداخلية أو الدفاع)، بل وصل الأمر في إحدى المعاملات أن تم تبرير قرار الموافقة بأنه اتخذ بناء على موافقة اللجنة المختصة، ومن سرعة سلق تلك القرارات لم ينتبه موقع المعاملة بأن الكتاب قدم في شهر مايو بينما قرار اللجنة الذي استند إليه قرار الإدارة كان في شهر مارس!!! أي أن اللجنة كانت تعلم بأن المواطن سيتقدم لطلب العلاج في الخارج فوافقت على طلبه قبل تقديمه بشهرين!!! ناهيك طبعاً عن تلك المعاملات التي وقعت من دون رأي اللجنة المختصة·
اللجنة البرلمانية إن تابع عملها النواب بشكل صحيح وحددوا إطار البحث بشكل دقيق ومنحوا الموظفين وغيرهم ممن يتقدمون لهم بالمعلومات السرية الكافية كي لا يتعرضوا للأذى من قبل المسؤولين الكبار، فإنها ستتمكن من رسم خريطة للفساد الذي استغل كل شيء في البلاد وقع تحت يديه من أجل تضبيط الانتخابات·
كما أن المتابعين يتوقعون من اللجنة أن تسمي الأشياء بمسمياتها ويتوقع المتابعون أن يشمل بحث اللجنة البرلمانية العلاقة الوثيقة بين جهاز خدمة المواطن وإدارة العلاج في الخارج، فالجهاز كان هو الفلتر الذي تمر عليه المعاملات ويحدد ما يمكن أن يمرر وما يجب أن يحذف في الأدراج، والجهاز كان هو الجهة التي تهيمن بالكامل على قرارات العلاج في الخارج قبل أن تتحول الى وزارة الصحة عندما كان لدى مسؤولي الجهاز قائمة بالنواب الذين لهم حظوة وعدد المعاملات التي يسمح بالموافقة عليها لكل منهم· لذا يفترض المتابعون لهذا الأمر قيام اللجنة البرلمانية بتحدي الدور الذي قام به جهاز خدمة المواطن في هذا التلاعب في مقدرات البلاد·
