الكوابيس رغم تفسيراتها المختلفة تؤدي في النهاية الى الاضطراب النفسي للإنسان واستمرارها يؤشر لحالة نفسية غير مستقرة تؤدي الى حالة من الخوف والقلق من مساكنة الليل خشية الهواجس والتهيؤات وغالبا ما تؤدي الى حالة من الصرع· والانتخابات الأمريكية أصبحت كالكابوس على كثير من المناطق في العالم خصوصا منطقتنا العربية لأنها المعنية مباشرة بنتائجها لوقوعها تحت السيطرة الأمريكية بسبب أهميتها الاستراتيجية وهذا ما حدا بهذه الإدارة الى التواجد العسكري فيها لكي ترتبها وترسمها بما يعزز مصالحها المختلفة·
أضحت الانتخابات الشغل الشاغل للمنطقة خصوصا النظام العربي المعني أكثر من الشارع لأنه محور هذه الترتيبات· بسبب افتقاده للرصيد الشعبي اللازم وهذا ما جعله عاريا أمام الضغوط الأمريكية ولذلك لجأ إلى التكتيكات المختلفة والتي لا تخلو من التنازلات باعتبارها البديل والضامن لاستمراره ولهذا تراه منهمكا بالسياسة الخارجية راصدا تحولاتها دون إعارة أي اهتمام للداخل معتقدا أن التجاوب مع الرغبات الدولية ولو تجاوزت الثوابت تعطيه الأمان وتعطيه دورا ما في محيطه الإقليمي نظرا لمصداقيته متناسيا أن هذا الدور سيسحب عندما ينتهي دوره، ولهذا لا نستغرب حالة القلق والأرق الرسمي من النتائج خصوصا أن الشعارات المطروحة مفزعة بعض الشيء· وطبعا هذه الحالة الرسمية يقابلها حالة لا مبالاة وعدم اكتراث في الشارع العربي لأن المرشحين وجهان لعملة واحدة وهما متفقان في الاستراتيجية ومختلفان في التكتيك ولذلك فمسألة الأمن الإسرائيلي وتفوقه النووي ونزعته السارية من الثوابت والسيطرة على الثروات ولو كان احتلالا واعتبار كل عربي ومسلم إرهابيا وطمس هوية المنطقة وإلحاقها بالشرق الأوسط الكبير واسترخاص الدم العربي والتسابق مع إسرائيل على هدره، وتفصيل الديمقراطية حسب مقاس المصالح وتغييب القوانين الدولية والإنسانية أيضا هي من الثوابت ولا ينازعهما أحد في توجهاتهما لأن الطيف السياسي الأمريكي محصور بهذين الحزبين اللذين يمثلان كبرى الرأسماليات في أمريكا وما طيفهما السياسي هذا إلا تعبير عن مصالحهما·
أخيرا لقد رسا المزاد الانتخابي على مجموعة السيد بوش والتي اعتمدت في سياستها على القوة المفرطة في تحقيق أهدافها مما يشكل حولها حزاما من الكراهية إضافة الى تنامي ظاهرة العنف العالمية حتى وصلت الأمور الى اتهام دعاة الديمقراطية بالعمالة للغرب، والسؤال المطروح هل ستنتقل المنطقة من حالة الكوابيس الى حالة الصرع في الفترة الثانية؟! أجيب وبلغة المتشائم الفترة الثانية امتداد للأولى مع بعض الرتوش على الصعيد الفلسطيني ولكن العنف سيتزايد الى درجة الصرع لأن الخلفية الدينية لهذه المجموعة ستجعلها أكثر حدة في التعامل مع قضايانا وستجعلها أكثر انحيازا لإسرائيل وفي هذه الحالة لن تكون هناك مصلحة عربية في هذه السياسة لأنها سياسة إملاءات ومصالح من جانب·
|