رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 1 شعبان 1425هـ - 15 سبتمبر 2004
العدد 1645

لماذا العرب وحدهم يتراجعون اقتصاديا؟!
يحيى علامو

كم جميلا أن يحلم المرء ويتوق الى تحقيق حلمه··· وكم عظيما هذا الأمل الذي يجعل طعما لحياتنا رغم قسوتها·· وكم راقيا أن يلمس الحاكم النبض العام لشعبه ويترجمه سلوكا في توجهاته·· ولكن كم من الأحلام انكسرت وكسرت معها كل أمل في التغيير رغم كل الشطط الإعلامي الذي ما انفك يؤكد على مضي ورشة الإصلاحات في تحقيق التنمية المطلوبة وأن الآتي سيكون مبشرا وشاهدا على صدق الأقوال وما حالة شد الأحزمة هذه إلا من أجل تحقيق هذا الهدف·

أعتقد أن المواطن العربي ليس بهذه السذاجة حتى يقتنع بهذه الوعود ولكنه لا يملك إلا أن يصدق لعدم وجود البدائل ولا يملك سوى التعلق بهذا الخيط العنكبوتي المسمى "الإصلاح" ولكن ما جاء على لسان المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي السيد مارك براون في تصريحه لجريدة "النهار" اللبنانية قد لخص كل الأقوال والوعود الرسمية بالإصلاح عندما قال "إن العالم العربي هو المنطقة الوحيدة التي يتراجع مستوى حصتها الاقتصادية وإن المناطق الأخرى تراوح مكانها إذا لم تتقدم بينما العالم العربي يتراجع"·

بالطبع هذا الكلام ليس جديدا علينا فهذا التراجع نلمسه واقعا في حياتنا اليومية ولكن المفاجئ بأننا المنطقة الوحيدة في العالم التي تتراجع، أي أنه حتى قبائل الهوتو والتوكسي سبقتنا اقتصاديا وأصبح شقاؤنا ميئوسا منه·· طبعا أمام هذا الكلام المحبط لا بد من أن يتدفق لدى المرء سيل استفهامي باحث عن إجابة شبه مقنعة، إذ كيف نتراجع ونئن تحت وطأة الفقر والفشل التنموي ومنطقتنا محشوة بالثروات والموارد المختلفة والآثار والموقع الجغرافي المتميز إضافة الى عمليات الخصخصة وتدفق الاستثمارات والمساعدات الخارجية ووعود السلام الوردية ورفع شعار القطرية أولا إضافة الى الفيوض العالية في الميزانيات الوطنية، التي تحققت من خلال الكفاءات الوزارية والإدارية عموما، ومن خلال الشفافية المطلقة·· ومن نفق التقشف الذي "قرقر" البطون ومن النظام الضريبي المتسلط والذي لم يستثن حتى المؤلفة قلوبهم وابن السبيل ناهيك عن المؤتمرات والمهرجانات والندوات والحلقات والدراسات ذات الجدوى الاقتصادية والخطط الخمسية والسداسية والتساعية وارتفاع أسعار النفط وتمادي الغلاء على كل الصعد، والذي أنزل الناس الى ما دون الصفر··· ورغم التغييرات الوزارية المستمرة ورغم سقوط بغداد، ورغم كل هذا وذاك تأتي النتائج بلا نتائج ويزداد المأزق الاقتصادي خطورة بازدياد البطالة واتساع رقعة الفقر حتى تجاوز الخط الأحمر في بعض الدول العربية، رغم كل هذه الإمكانات·· ويعود سبب هذا الفشل برأي السيد براون········· (الى عدم تبني الإصلاح السياسي وتقوية البنية الديمقراطية ويعتقد أن ذلك يبدو مخيفا لحكومات المنطقة)·

لقد وضع السيد براون يده على الجرح فالإصلاح السياسي والاقتصادي لا ينفصلان عن بعض وهما جناحا الإصلاح واختلال أحدهما يعني السقوط وما نلمسه بواقعنا يؤكد ذلك، لأن أكثر الأنظمة العربية بدأت بما يسمى بالإصلاح الاقتصادي بعيدا عن أي إصلاح سياسي يزيل بعض التراكمات الماضية ويؤسس لدولة المؤسسات لكي تكون الملاذ الآمن لأي استثمار فاعل يؤسس لقاعدة اقتصادية تكون أداة للنهوض والتطور تمكننا من اللحاق بمركب العصر·

ولكن ما حدث أن خطوات الانفتاح هذه قد جذبت استثمارات كثيرة، ولكنها تعتبر لا شيء بالنسبة إلى حجم الاستثمارات العالمية وأكثرها هامشية المردود ولا تحقق الهدف التنموي المطلوب، ورغم هذا فهي تسعى لحماية نفسها من خلال العلاقات والشركات الرسمية وليس من خلال منظومة القوانين التي لا تجد من ينفذها ولتضمن التسريبات المختلفة التي تضمن مصالحها·· وهنا تشكلت لدينا منظومة فساد رسمية تستخدم نفوذها أو قرابتها لتلتف على الأنظمة والقوانين لإنجاح شراكتها مستغلة الفراغ الديمقراطي وغياب أي رقابة شعبية على سلوكها مما راكم لدينا الهموم وبتنا بحاجة الى برنامج وطني لإصلاح الإصلاح، وقد لا تكفينا كل أموال الاستثمارات ولا حتى الناتج القومي العام لإنجاز هذه الخطوة لأنها تتعلق بالإنسان وبالأجيال التي ترعرت على هذه السلوكيات ناهيك عن أن الخصخصة جاءت على حساب الاقتصاد، فبلداننا لا تمتلك قاعدة اقتصادية كبيرة تستوعب العمالة الفائضة الناتجة عن الخصخصة ولا نملك برنامجا اجتماعيا يضمن كفافها فازدادت البطالة المتضخمة أصلا وازدادت الأعباء الوطنية فتم اللجوء الى فتح أبواب تصدير العمالة والخبرات الوطنية الى الخارج للتخلص منها وإلزامها من خلال الأعباء الضريبية بإصلاح الإصلاح أيضا·

الإصلاح السياسي يعني التعددية والشفافية وتبادل السلطة وهذه المخاطر لا تمكن السلطة من المجازفة بها لأنها تعني الموت السريري لها وكل ما يمكن فعله هو رتوش ديمقراطية تغير الشكل وتحافظ على المضمون·· وهنا نذكر السيد براون بأن تقوية البنية الديمقراطية يصطدم بعقبة خارجية إضافة الى العقبة السلطوية·· فكل الدعوات الغربية الى التغيير الديمقراطي لم تكن جدية بل هي من ساهم في تصليب عود الفردية عندما غضت الطرف عن كل تجاوزاتها بل وباركتها تحقيقا لمصالحها واليوم عندما انفردت بقيادة العالم لم تعد بحاجة إليها وتبحث اليوم عن نموذج ديمقراطي على مقاسها يستهلك الشعوب ويحافظ على مصالحها دون أي إرادة وطنية حرة تقول كلمتها ودليلنا على ذلك التجربة الديمقراطية الفنزويلية وما حدث لها من حصار لأنها لم تحقق المصالح الأمريكية المطلوبة، فحوربت الى درجة تدبير انقلاب عسكري ضدها ولكن الإرادة الوطنية هناك قالت كلمتها·· ويظل السؤال هل ستسلم من محاولات الإجهاض مستقبلا؟

بلا شك أن التجربة الفنزويلية وقبلها التجربة الجورجية قد أعطت الأمل بأن الحرية هي المخرج والحل للخروج من المآزق وأن إرادة الشعوب هي القوة الحقيقية للأوطان وكل محاولات الإجهاض داخليا وخارجيا قد تحبط الشعوب أحيانا ولكنها لن تقتل الأمل في التغييرالديمقراطي والنهوض القومي·

�����
   
�������   ������ �����
الخيار الديمقراطي بين الرغبة والانتقام
في زحمة الصخب والضجيج تعتكف الحكمة... وتضيع الحقيقة
في دولة المزرعة.. جفاف الضرع شرط لظهور الصحوة
الوعي التنموي شرط لازم للنجاح
الدستور الأوسطي الجديد
منتدى جمال الأتاسي آخر منافذ التهوية
الانتخابات العراقية والديمقراطية الغائبة
الغلوّ في الطرح
آفة الفكر المزمنة
القبول مقدمة مهمة للحوار
كابوسان أحلاهما مرّ
هل استبدال المفاهيم مقدمة لاستبدال الثقافة؟!
الفساد والمناعة الوطنية
الحرية والمناعة الوطنية
لماذا العرب وحدهم يتراجعون اقتصاديا؟!
هل تصلح الرياضة ما أفسدته السياسة؟!
درس في المواطنة يستحق رفع القبعة
نظرة موضوعية الى ثورة يوليو
الصدَّامية والصدَّاميون
هل هي أزمة نظم أم أزمة مصطلح؟!
  Next Page

الحكوميون الجدد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
دولة الشيخ أحمد الفهد:
صلاح مضف المضف
سوالف جحا الكويتي··!:
د· بدر نادر الخضري
تحية احترام للكتاب المناوئين للفساد:
محمد بو شهري
هم يتحكمون بنا:
المحامي نايف بدر العتيبي
"··· و ضرب عنقه"!!:
فهد راشد المطيري
ثقافة مجتمعية!:
عامر ذياب التميمي
عودة الى نفائس الصحن الحيدري:
د. محمد حسين اليوسفي
لماذا العرب وحدهم يتراجعون اقتصاديا؟!:
يحيى علامو
عقدة المؤامرة من جديد:
قاسم حسين عوضü
همسة في أذن البنك المركزي:
عبدالخالق ملا جمعة
7,9 مليون إنسان!:
عبدالله عيسى الموسوي
جنرال المقاهي:
د. سامي عبدالعزيز المانع
شهادات على المهابهاراتا:
حميد المالكي
الموسيقى والدين:
رضي السماك