هم يفتحون حدودهم ويغضون النظر إن لم يكونوا يسهلون المرور والعبور لدخول العراق، وهؤلاء العابرون والمارون هم من يقوم بجل العمليات التفجيرية والتخريب والقتل والعمليات الانتحارية، هم لا يريدون أن يستقر العراق ولا يريدون للديمقراطية والتعددية والحرية النجاح ولا يرغبون أن يكون للأكثرية رأي وللأقلية احترام وفق الدستور والقانون، هم لا يريدون النجاح للمشروع الأمريكي في ما يخص تطبيق ونشر الديمقراطية ليس لأن الأمريكان أعداء إنما لأن نجاحهم يعني أن العراق سيصبح بلدا ديمقراطيا، وبالتالي بؤرة إشعاع في المنطقة قد يصدر نموذجه لهم، إذا هم يخافون من المستقبل المأمول لهذا البلد الحزين·
ومع كل عدائهم للمشروع العراقي الجديد الواضح وتلكئهم في الاعتراف بمجلس الحكم والحكومة الموقتة وما يفعلونه لإسقاط التجربة العراقية، يقوم رئيس الحكومة الموقتة إياد علاوي بشكرهم والثناء على مواقفهم وكأنه يشجعهم على التمادي أكثر وأكثر، ويتناسى عن عمد وإصرار ذكر دولة الكويت وهذا لا شك مؤشر جد خطير وبداية لم نكن نرجوها ونتعجب من هذا الفعل ولا نملك تفسيرا مقنعا لهذا التجاهل وأسبابه·
هذه الحادثة ليست الأولى خلال أسبوع بل إن الإساءة الثانية تمثلت في بث مقاطع منتقاة على شاشة الفضائيات من جلسة التحقيق مع رئيس النظام العراقي البائد صدام حسين يشتم ويسيئ لدولة الكويت وهذا الأسلوب غير مستغرب من الطاغية، لكن المستغرب هو من الذي سمح ببث هذا المقطع بالذات بالصوت والصورة عن عمد وقصد وحجب الصوت عن باقي أحداث جلسة التحقيق، وماذا يقصد من ذلك وما الهدف من كل هذه الإساءات والتجني على دولة الكويت؟
التسريبات الأولية تشير الى أن رئيس الحكومة العراقية إياد علاوي هو الذي أمر ببث هذا المقطع كرد فعل على بعض الأصوات الكويتية الوطنية التي أثارت الموضوع بعدم ذكر دولة الكويت في خطابه وأن ردة الفعل الكويتية المؤدبة جدا أزعجته فما كان منه إلا القيام بهذا الفعل البائس، وإن كانت هذه التسريبات حقيقية فإننا وكما يقول المثل الشعبي "لا طبنا ولا غدا الشر" أما إذا كان الأمريكان وراء هذا الفعل المشين فتلك هي الطامة الكبرى الأمر، الذي يتطلب منا وقفة تأمل وتفكير مع النفس في كل خطواتنا السابقة، وأيا كان من وراء هذه الإساءات والنكران والجحود لمواقف الكويت المبدئية فإن المطلوب من الكويت أن تؤكد ريادتها وسبقها في نشر الديمقراطية وتطبيقها والحرية والتعددية وعلينا الإسراع بالقيام بعمليات الإصلاح على كل الأصعدة وأن نعي أن هذا هو السبيل الوحيد لصد الهجمات المتتالية والأطماع المتوالية والمصالح المتلاشية، فالوحدة الوطنية وتماسك الشعب وحب الوطن والتضحية من أجله والدفاع عن مصالحه وتغليب المصالح العليا للوطن وعدم نسيان الاحتلال وآثاره والأهم هو تطبيق الديمقراطية بمفهومها الصحيح هي الأجنحة التي تحلق بنا عاليا في سماء العزة والكرامة، فتبدل المصالح أمر وارد في السياسة الدولية، لكن السور الواقي للوطن ودعائم بقائه هم أبناؤه، فلماذا لا نتسابق مع إخواننا العراقيين من غير البعثيين في نيل شرف البلد الذي يكون مركزا للإشعاع الديمقراطي في المنطقة؟ ونحن نتفوق عليهم بحكم تجربة ديمقراطية عمرها يزيد عن أربعين سنة وهم بالكاد يخطون خطواتهم الأولى التي نتمنى لهم النجاح في بدايتها·
nayef@taleea.com |