رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 جمادى الأول 1425هـ - 7 يوليو 2004
العدد 1635

صدام في قفص الاتهام
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

يوم الأول من يوليو 2004 يوم مشهود في ذاكرة الكويتيين والعراقيين على حد سواء، إنه اليوم الذي مثُل فيه صدام حسين وزمرته أمام القضاء ليأخذ بحقهم القصاص العادل، وإذا كان الشارع العراقي قد انقسم حول هذه المحاكمة على أساس طائفي - كما ظهر من ردود أفعال الناس حسب مناطقهم فضلا عن تعليقات أئمة المساجد في خطب الجمعة في اليوم التالي لظهور صدام وأزلامه أمام القضاء - أقول، إذا كان الشعب العراقي قد تباين في ردود أفعاله على أساس طائفي، فإن الشعب الكويتي قد اتحد في وجهة نظره حول صدام ووقوفه أمام العدالة، فالكل في الكويت كان فرحا ويطالب بإنزال القصاص العادل بحقه، ثم إن الكويتيين كانوا أيضا حانقين حينما استخدم صدام بحقهم كلمات نابية لا تليق بنيافة المحكمة أو برجل يدعي أنه ما زال رئيسا شرعيا للجمهورية منتخبا من الشعب "حصل على %100 من الأصوات!!"·

وبعيدا عن الاتهامات الموجهة لصدام، وهي اتهامات كبيرة وجسيمة ومنها تصفية الخصوم وحربه مع إيران وعمليات الأنفال وضربه لحلبجة بالكيماوي وغزوه للكويت وقمعه لثورة الجنوب وقتله لرجال الدين، أقول: بعيدا عن هذه الاتهامات وعدم التقليل من أهميتها وجسامتها، فإن من أكبر التهم التي لا بد للجماهير العربية أن تحاسبه عليها تاريخيا هي "وأد المشروع القومي" وأبرز معالمه تحقيق الوحدة العربية، فكيف وأد صدام شخصيا هذا المشروع؟

جرت في أواخر السبعينات من القرن الماضي مفاوضات بين القيادتين البعثيتين في كل من العراق وسورية على توحيد البلدين في ظل أجواء خروج مصر من المواجهة مع إسرائيل بعد توقيعها لاتفاقيات كامب ديفيد في العام 1977، وتوصلت القيادتان على اتفاق حول الوحدة بين البلدين لتصبح دولة واحدة ذات عمق استراتيجي تمتد من الخليج العربي الى البحر المتوسط، وأتذكر أنني كنت في الولايات المتحدة آنئذ - طالبا في الدراسات العليا - حيث تصدرت خريطة الدولة الوليدة غلاف مجلة التايم الواسعة الانتشار، حيث كان هذا الموضوع شغلها الشاغل بالنظر الى تأثيره الاستراتيجي في تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط وبالذات في خلق تحد جدي لإسرائيل عقب خروج مصر من المواجهة·

لكن ما لم يكن بالحسبان أن يأتي "شخص" اسمه صدام حسين وينتمي الى حزب قومي ويكون حزبه قاب قوسين أو أدني من تحقيق حلمه ثم يقوم هذا الشخص تحديدا بوأد هذا الحلم الذي كاد أن يصبح واقعا بحجج واهية سيلعنه التاريخ عليها، ففي اجتماع حضرته القيادات القطرية والقومية وترأسه صدام حسين في العام 1978 حيث كان لا يزال في ريعان الشباب، ظهر على المنصة وهو يدخن سيجارا كوبيا مناديا أسماء بعض رفاقه وآمرا الحرس لأخذهم الى خارج القاعة الى ساحة الإعدام حيث كانوا يلقون مصيرهم في الحال دون محاكمة أو توجيه تهمة·

وفي هذه الأثناء كان صدام يسب هؤلاء حينما ينادى بالاسم عليهم وتعلو الصيحات: "ألعن أبو هذا الشنب"!! ونحمد الله أن هذه المشاهد المثيرة قد صورت وحفظت على شريط فيديو، لا بل أمر صدام بتوزيعها على الرفاق إمعانا في ترهيبهم وتخويفهم، وبعد هذا الاجتماع بأشهر معدودات طوق منزل رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر وأجبره على التنازل عن السلطة بمسرحية لا يمكن أن يصدقها عقل أي عربي لأن الحاكم العربي لا يتنازل عن السلطة طوعا بل كرها، وبعد أن أسس "شرعيته" كرئيس للجمهورية أدخل العراق وشعبها المسكين في أتون حربين وحصار جائر وعاش العراقيون في ظل قمع يهون عنده قمع حمورابي والحجاج!!

ولعل أطرف ما سمعت حول محاكمة صدام هو ذاك الرأي الذي أدلى به وزير العدل العراقي الحالي مالك دوهان الحسن، إذ قال: يجب محاكمة صدام بموجب القوانين التي أصدرها صدام بنفسه ومن ضمنها مادة تقول إن أي عسكري ينسحب من أرض المعركة يعاقب بالإعدام، وقد نفذ صدام ذلك في عدد كبير من القادة العسكريين، فالأولى الآن أن يطبق عليه حكم الإعدام لأنه هرب من أرض المعركة واختبأ في حفرة!!

 

alyusefi@taleea.com

�����
   

ضاحية علي بابا:
عبداللطيف الدعيج
هذه محاكمة لما يمثله الطاغية:
د·أحمد سامي المنيس
أغلال في يدي الرئيس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
المسيرة في العراق:
زيد بن سالم الأشهب
هم ونحن وإياد علاوي:
المحامي نايف بدر العتيبي
لا تقرأ هذا المقال بعد السفر(2):
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
غنائم الحرب الحالية:
عويشة القحطاني
هل من نهوض؟!:
عامر ذياب التميمي
صدام في قفص الاتهام:
د. محمد حسين اليوسفي
إتلاف أموال عامة:
مطلق العتيبي
هل هي أزمة نظم أم أزمة مصطلح؟!:
يحيى علامو
جدول زمني لرحيل القوات الأمريكية:
د. جلال محمد آل رشيد
الشعب المرهون في البيت المسكـون:
عبدالخالق ملا جمعة
الكونغرس الإسرائيلي!!:
عبدالله عيسى الموسوي
نداء عاجل
فشلت المؤامرة وانتصر العراق:
حميد المالكي
"الحزبان" الغائبان في البحرين:
رضي السماك