رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 جمادى الأول 1425هـ - 7 يوليو 2004
العدد 1635

هل من نهوض؟!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

قد يتساءل المرء عن إمكانية حدوث نهوض عربي يمكن من الانتقال إلى حال من الحيوية والنشاط ويدفق الدماء في شرايين الحياة في مختلف الأنشطة السياسية والثقافية والاقتصادية·· لكن حال السكون وتعطل التغيير وهيمنة الأفكار المحافظة وعدم تبدل القيمين على مختلف الأعمال والأنشطة لا يمكن أن يبعث بروح التفاؤل، ولا يقتصر أمر السكون على الأوضاع السياسية ولكنه يمتد إلى مختلف الدوائر والمؤسسات والمنظمات المجتمعية لذلك فإننا نرى منظمات لا يتغير قادتها على مدى يزيد عن العقدين أو الثلاثة، كذلك فإن استمرار هيمنة جهة واحدة على ملكية منشأة اقتصادية يجعلها غير قابلة للأفكار والمقترحات العملية أو الاستثمارية، هذا حتى في كونها مملوكة من قبل القطاع الخاص، فما بالك إذا كانت الملكية للدولة والتي تخول البيروقراطية إدارة مثل تلك المنشأة؟ واليوم في الاقتصادات المتقدمة لا نرى تداولا للسلطة في هرم العمل السياسي وقمته ولكن نرى ذلك، أيضا، في تملك المنشآت الاقتصادية وانتقالها من خلال آليات الاقتناء والاندماج من طرف إلى آخر مما يجعل أعمالها عرضة للتغيير والتحويل·· أكثر من ذلك لم يعد للملكية العائلية السيادة في مجال الأعمال وتطورات الملكية المؤسسية لتصبح الأساس للتوسع في قاعدة الملكية، بل إن أصحاب الشركات العائلية يبحثون عمن يشتري حصصهم ليحققوا العوائد الرأسمالية أو يحصلوا على شركاء ذوي كفاءة لتنويع الأعمال وتحسين أداء الإدارة·

يكمن داء السكون في العالم العربي في التراث الذي يؤكد أهمية التوارث وتفضيل القرابة على الكفاءة والاهتمام بالولاء الشخصي أو القبلي أو الطائفي، وفي أحسن الأحوال الحزبي، على نزعات الولاء للمصالح الوطنية أو العامة، وبالرغم من تبدل الأنظمة السياسية على مدى السنوات الخمسين الماضية في أكثر من بلد عربي فقد جاءت تلك التحولات دون شرعية ودون آليات مؤسسية تعتمد على إثبات الجدارة السياسية والقيادية·· لذلك تحول القادة إلى آلهة على الأرض يعبدون بشكل أو بآخر، وهم مهابون خوفا من البطش والاستبداد، وقد يعتقد البعض منا أن البطش لم يكن بذات الدرجة في مختلف الأنظمة أو البلدان فهناك قادة ربما كانوا متسلطين ولا يرغبون بوجود تيار معارض، مهما كان سلميا أو متواضعا، وربما لم يستمعوا للرأي الآخر وقد يكونون ممن زج في السجون أفرادا وجماعات لأسباب غير وجيهة إلا أنهم دافعوا عن مصالح بلدانهم وراعوا حقوق مواطنيهم، مثل هذا الاعتقاد لا يلغي الحقيقة الواضحة بأن المواطنين لم يملكوا حق الاختيار وأن البطش مهما كانت درجته لا يمكن تبريره وأن المصالح الوطنية لا تعني شيئا إذا كان المواطن غير قادر على اختيار قادته والتعبير عن وجهات نظره·· وليس هناك معنى للسيادة الوطنية في ظل غياب حرية الفرد والجماعة، وإذا أخذنا الكويت نموذجا لمحاولة تطبيق الديمقراطية، فماذا نجد؟ لقد سعى الرواد وعلى رأسهم المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح - طيب الله ثراه - سعوا لبناء نموذج سياسي ديمقراطي يمكن الكويتيين من التفاعل سياسيا وصناعة القرار بإرادة حرة تسمح لكل مواطن من خلال ممثليه في مجلس الأمة وعلى أساس دستور 1962 بالمشاركة في البناء والتنمية في جميع المجالات لكن الأمور تعقدت بعد فترة وجيزة وانتقلت عملية الاختيار من التركيز على الأهلية السياسية عبر دوائر انتخابية إلى التركيز على اختيار ممثلين يعتمدون على الولاء القبلي والطائفي واعتماد المصالح المحدودة على حساب المصالح الوطنية الأساسية·· جاء ذلك التحول بعد حل مجلس الأمة في عام 1976 وقبل انتخاب مجلس الأمة في عام 1981، هذا التغيير لابد أنه يمثل نكسة للتجربة الديمقراطية ويعطل التطور نحو توسيع قاعدة المشاركة، حيث لم تتمكن تلك التطورات السلبية، والاختيارات التي جاءت على أساسها، من السماح للمرأة بممارسة حقوقها السياسية التقليدية، والتي تمارسها المرأة في جميع بلدان العالم التي تعتمد الديمقراطية والانتخابات، سواء كانت تلك البلدان عربية أم إسلامية أم غير ذلك· يضاف إلى ذلك أن عمليات الإصلاح في مجالات الحياة الأخرى اقتصادية، واجتماعية وحقوق مدنية أهملت نظرا لعدم أهميتها لمجالس نيابية تحتمي بالولاءات الفئوية المتخلفة·

إذا فإن المطلوب هو نهوض في الثقافة والوعي على جميع المستويات ويتطلب ذلك إدراكا لأهمية الانتقال إلى أوضاع ديناميكية متفاعلة مع ما يحدث في بقية المجتمعات الإنسانية التي نزعت من تجاربها التراثية كل المعوقات وعززت عناصر التطور والحركة، ولا يكفي الادعاء بوجود نظام ديمقراطي أو مؤسسات تشريعية أو رقابية منتخبة دون تعزيز عناصر التجديد والكفاءة·· ليس معنى التغيير هو إحداث حال من عدم الاستقرار بل على العكس من ذلك فإن المجتمعات التي تتمتع بآليات ديمقراطية للتغيير تعتبر من أكثر المجتمعات تماسكا واستقرارا·· تلك المجتمعات تتجادل في جميع الأمور وتناقش القضايا لآماد زمنية، أحيانا تكون طويلة، لكنها تصل إلى القرارات الملائمة وتعتمدها بتوافق بين جميع الأطراف وبقبول من المعارضين أنفسهم·

ما يثير الاهتمام أن يجد المرء أن العرب أصروا على العناد والرفض لكل المقترحات الهادفة للإصلاح، بل حتى أولئك المثقفون الذين ادعوا معارضتهم للأنظمة لم يتأخروا في إبداء معارضتهم لمقترحات الإصلاح التي طرحها الآخرون علينا·· لقد أيقن الآخرون أن العرب يمثلون الخطر إذا لم يجددوا ويصلحوا أحوالهم، ولم يعد تغيير هذا الواقع ترفا إعلاميا أو دعائيا، بل المسألة تمثل، لديهم، خطرا أمنيا يجب التحوط له والعمل على إصلاحه وقاية لمصالحهم، فهل يستطيع هذا التطور أن يخرجنا من حال السكون؟

tameemi@taleea.com  

�����
   

ضاحية علي بابا:
عبداللطيف الدعيج
هذه محاكمة لما يمثله الطاغية:
د·أحمد سامي المنيس
أغلال في يدي الرئيس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
المسيرة في العراق:
زيد بن سالم الأشهب
هم ونحن وإياد علاوي:
المحامي نايف بدر العتيبي
لا تقرأ هذا المقال بعد السفر(2):
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
غنائم الحرب الحالية:
عويشة القحطاني
هل من نهوض؟!:
عامر ذياب التميمي
صدام في قفص الاتهام:
د. محمد حسين اليوسفي
إتلاف أموال عامة:
مطلق العتيبي
هل هي أزمة نظم أم أزمة مصطلح؟!:
يحيى علامو
جدول زمني لرحيل القوات الأمريكية:
د. جلال محمد آل رشيد
الشعب المرهون في البيت المسكـون:
عبدالخالق ملا جمعة
الكونغرس الإسرائيلي!!:
عبدالله عيسى الموسوي
نداء عاجل
فشلت المؤامرة وانتصر العراق:
حميد المالكي
"الحزبان" الغائبان في البحرين:
رضي السماك