رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

إنفلونزا الطيور تعود من جديد
د. فاطمة البريكي
sunono@yahoo.com

قبل مدة في نهايات عام (2003م) تقريبًا داهم خطر إنفلونزا الطيور بعض دول العالم، وبدأت نواقيس الخطر تُقرَع في مناطق مختلفة، في محاولة للتنبيه إلى الكارثة التي قد تنجم عن هذا المرض إن أخذ فرصته الكاملة في الانتشار، دون وجود وعي حقيقي بين الناس بمختلف فئاتهم وتصنيفاتهم، ودون وجود دواء يساعد في الوقاية منه، أو يحدّ من انتشاره حتى لا يتسبب في كارثة أخرى تُضاف إلى رصيد الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي تطوّق الكرة الأرضية·

وينجم مرض إنفلونزا الطيور عن مجموعة كبيرة من مختلف فيروسات الإنفلونزا التي تصيب الطيور في المقام الأول· ويمكن لفيروسات الطيور هذه أن تنقل العدوى، في حالات نادرة، إلى أنواع أخرى تشمل بعض الحيوانات والإنسان· بيد أن الغالبية العظمى من فيروسات إنفلونزا الطيور لا تسبب العدوى لبني البشر· وتحدث جائحة الإنفلونزا عند ظهور نمط جديد لم ينتشر من قبل بين البشر·

ويعكف العلماء وخبراء الصحة على رصد الفيروس الخطير الذي تسبب في انتقال العدوى إلى الإنسان خلال هذه الجائحة الأخيرة، وقد ظهرت أولى الحالات في هونغ كونغ، ولا يبدو أنهم قد توصلوا إلى نتيجة تبث شيئًا من التفاؤل في النفس حتى الآن· لذلك تصل أخبار هذا المرض إلينا بين حين وآخر من دول مختلفة· وقد مثل منتصف عام (2003م) البداية الفعلية للجائحة الحالية على مستوى الدواجن والبشر، خصوصًا أولئك الذين تعرضوا للطيور المريضة·

عندما بدأ ينمى إلى سمعنا اسم إنفلونزا الطيور في المرات الأولى -تقريبًا خلال عام (2005م)- دبّ الرعب في قلوبنا جميعًا، وامتنع معظمنا عن أكل الدواجن ومشتقاتها، وتخلص عدد كبير من الناس الذين يربون الطيور في منازلهم ومزارعهم من طيورهم، وكسد سوقها حينًا، ثم لم يلبث الخوف أن تلاشى، ولم يلبث الوضع أن عاد كما كان عليه قبل أن نسمع عن هذا المرض فعليًا·

إن سؤالا محيّرًا بالفعل قد يخطر على ذهن أي منا وهو يفكر في هذا المرض، وهو: لماذا ترتفع موجة الحديث عن هذا المرض حينًا، وتهبط حينًا آخر؟ لماذا نجده يحاصرنا أحيانًا في كل مكان، في الصحف والبرامج الفضائية والإذاعية وغيرها، وأحيانًا لا نرى له أثرًا؟

هل تمّ القضاء على هذا المرض حتى يختفي ذكره فجأة؟ لا أظن ذلك؛ فقد جاء في موقع منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات خلال عام (2007م) بلغ حتى الآن أربعًا وعشرين حالة، منها عشر وفيات! ونحن لانزال في بداية العام، ولايزال أمامنا أكثر من تسعة شهور حتى نبلغ نهايته·

هل أخذنا احتياطاتنا وفعلنا كل ما يجب فعله كي نضمن عدم وصول هذا المرض إلينا؟ لا أظن ذلك أيضًا؛ فهذا المرض متحرك وعابر للدول والقارّات؛ لأنه يملك جناحين يطير بهما دون حواجز أو تأشيرات، فهل أعددنا له العدّة؟ وهل نحن في كامل استعدادنا النفسي والمعنوي له؟ وإذا كانت احتمالية وفاة %40 من سكان العالم بسبب هذا المرض واردة، فهل نحن على يقين من أننا من ضمن الـستين في المئة الباقية؟

لقد اشتكت دول شرق آسيا من عدم تفاعل الدول الكبرى معها منذ أن بدأت أعراض هذا المرض بالظهور، وعند نفوق أعداد يسيرة من الطيور، ربما ظنًّا منها أنها بمنأى عن هذا الخطر، ولكن يبدو أن حدود المرض الجغرافية آخذة في الاتساع، وكل الدول التي تظن أنها بعيدة عنه ستصبح قريبة بفضل أجنحة هذه الطيور المصابة·

الحالات التي سقطت في هذا العام (2007م) تتوزع ما بين دول تتناثر على مواقع مختلفة من الخارطة الجغرافية للعالم، هي: الصين ومصر وإندونيسيا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية ونيجيريا·

وإذا عدنا لبدايات ظهور المرض في هذه الجائحة الأخيرة، أي ابتداء من عام (2003م)، سنجد أن عدد الحالات آخذ في التزايد، ففي ذلك العام كان عددها ثماني حالات فقط منها أربع وفيات· ثم أصبح العدد في (2004م) ثمانية وسبعين حالة، ثم تزايد في (2005م) ليصبح مئة وتسعًا وثلاثين حالة، وبلغ أقصى حدوده في العام الماضي (2006م) لتُسجَّل خلاله مائة وست وسبعون حالة!

لا يزال عام (2007) في بداياته، ولا يزال الرقم المسجَّل حتى الآن مقبولاً، ولكن علينا أن نفعل شيئًا كي يبقى معقولاً ومقبولاً كما يبدو الآن· جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية أنه بمجرد أن يظهر فيروس ما يكون قادراً على التسبّب في العدوى، فإن انتشاره في جميع أرجاء العالم يعدّ أمراً لا مناص منه· ويمكن للبلدان -باتخاذ تدابير كإغلاق الحدود وفرض القيود على السفر- أن تؤخر وصول الفيروس إليها، إلا أنها لا تستطيع الحيلولة دون وصوله·

والدليل على ذلك هو أن الجوائح التي حدثت في القرن الماضي عمّت العالم كله خلال فترة تراوحت بين ستة وتسعة أشهر، على الرغم من أن معظم السفر الدولي كان عن طريق البواخر· وبالنظر إلى سرعة وحجم السفر جواً على الصعيد الدولي اليوم، فإن هذا الفيروس يمكن أن ينتشر بسرعة، وقد يصل جميع القارات في أقل من ثلاثة أشهر· هذا بالطبع على مستوى انتقال العدوى من الإنسان المصاب إلى إنسان آخر· لكن المشكلة الحقيقية ستكون في كيفية اتخاذ تدابير مناسبة للحد من انتقال الطيور المصابة التي لا يمنعها حاجز تفتيش، أو مركز جمركي عن بلوغ المكان الذي تريده·

ومما يجدر ذكره هو أن هذه الجائحة هي الجائحة الرابعة التي عرفها التاريخ البشري خلال القرنين الماضيين على مستوى إنفلونزا الطيور· وقد يكون في الإحصائيات المتعلقة بها ما يبعث الأمل في النفس؛ ففي عام (1918م) حدثت جائحة الإنفلونزا الإسبانية، وقضى فيها ما بين أربعين إلى خمسين مليون نسمة في جميع أنحاء العالم· وفي عام (1957م) حدثت جائحة الإنفلونزا الآسيوية، وقضى فيها مليونا نسمة· وأخيرًا في عام (1968م) حدثت جائحة إنفلونزا هونغ كونغ، وقضى فيها مليون نسمة· أي أن أعداد الوفيات آخذة في التناقص في كل مرة تحلّ فيها هذه الجائحة، ونستطيع قياسًا على ذلك أن نتوقع أن يكون عدد وفياتها هذه المرة أقل من مليون شخص!!

وأخيرًا بقيت الإشارة إلى أن المناطق المتضررة حتى الآن هي تلك التي يمكن أن نصفها بأنها أشد مناطق العالم فقرًا وعدم القدرة على مواجهة داء عضال كهذا في ظل عدم وجود إمكانات مادية وبشرية كافية وقادرة على درئه· ولكن ماذا يمكن لغيرها من الدول أن تفعل إزاء مرض لا يزال العلماء عاجزين عن التوصل إلى دواء يقي منه؟

* جامعة الإمارات

 sunono@yahoo.com

�����
   
�������   ������ �����
الأشقاء الأشقياء
القارئة الصغيرة
الامتلاء من أجل العطاء
كيف نسكت ضوضاء نفوسنا
التفكير من أجل التغيير
تطوير العقول أو تغييرها
تطوير العقول أو تغييرها
انتقال الحذاء من القدم إلى الرأس
الكبيرُ كبيرٌ دائمًا
إنفلونزا الطيور تعود من جديد
معنى التجربة
السلطة الذكورية في حضرة الموت
الطيور المهاجرة
"من غشنا فليس منّا"
كأنني لم أعرفه من قبل
ثلاثية الحضور والصوت والكتابة
المطبّلون في الأتراح
بين الفعل.. وردة الفعل
التواصل في رمضان
  Next Page

الوزارة الجديدة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
التجار والسياسة!!:
سعاد المعجل
حينما تحكم عليّ بشعب!!:
على محمود خاجه
إصلاحية:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
لك الله يا وطن:
المهندس محمد فهد الظفيري
التعددية وصراع الأضداد:
فيصل عبدالله عبدالنبي
لماذا الجحود لدور التجار؟:
يوسف مبارك المباركي
عجائب..
من عجائب الحركة الدستورية!!:
محمد جوهر حيات
الشيخ والشاب الطيب:
المحامي نايف بدر العتيبي
المشروع الاستيطاني الأخطر :
عبدالله عيسى الموسوي
كوب لبن أم كوب ماء؟:
د. لطيفة النجار
إنفلونزا الطيور تعود من جديد:
د. فاطمة البريكي
الإنسان هو الأقوى:
د. محمد عبدالله المطوع
أسماء ومحاصصة
..وإصلاح!:
خالد عيد العنزي*
الجنة كما تخيّلها خورخي:
ياسر سعيد حارب