رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 9 رجب 1424 هـ - 6 سبتمبر 2003
العدد 1593

العراق والكويت: ماذا بعد؟
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

بعد الخلاص من النظام البعثي في العراق والذي تسبب في القطيعة بين الكويت والعراق أثر الغزو والاحتلال في عام 1990 كيف يمكن أن تكون العلاقات الكويتية العراقية؟ لا شك أن العلاقات بين الشعبين الكويتي والعراقي يجب أن تكون أقوى العلاقات بين أي شعبين عربيين، حيث هناك الجوار الجغرافي والتواصل التاريخي وعلاقات الأصول والنسب بين الكثير من أفراد الشعبين، كذلك كانت العلاقات الاقتصادية بين الكويت والبصرة من أهم العلاقات في شمال الخليج العربي خلال السنوات والعقود التي سبقت عصر النفط، عندما كان تجار الكويت يعتمدون البصرة مركزا أساسيا لأعمالهم، كما تملك الكثير من الكويتيين مساحات شاسعة من مزارع النخيل في جنوب البصرة، وهم مازالوا يملكون هذه العقارات الزراعية بالرغم من المشاكل القانونية التي أثارتها العهود الانقلابية في العراق، يضاف الى تلك العلاقات الاقتصادية القديمة ما تحقق من علاقات تجارية بعد عهد النفط عندما أصبحت الكويت سوقا مهمة للتبضع للكثير من تجار ومواطني العراق، وعمل تجار الكويت على إعادة تصدير السلع والبضائع الأساسية المستوردة من الدول الصناعية الرئيسية وغيرها، هذا وقد استفاد العراقيون من البنية التحتية في الكويت من موانئ ومطارات وطرق لنقل سلع متنوعة الى أسواقهم، كل هذه العلاقات يمكن استئنافها بعد توقف دام ما يقارب ثلاثة عشر عاما، وربما تتوسع هذه العلاقات الاقتصادية لتشمل إمكانات واسعة للاستثمار والاستفادة من الخبرات الكامنة في البلدين·

ولا يجب أن يغيب عن البال أن عددا من الكويتيين المخضرمين قد درسوا في مدارس وجامعات العراق وتعاطوا مع الثقافة العراقية قبل أن تقمع في ظل النظام الديكتاتوري البائد، وقد يكون من حسن طالع الكويتيين أن ثقافتهم ظلت أكثر تسامحا سياسيا وفكريا، نظرا لطبيعة الحياة السياسية في الكويت وعدم توترها، وبالرغم من كل النقد والملاحظات التي يثيرها الكويتيون بشأن أوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنهم ظلوا حريصين على استقرار الكويت، وربما كان بإمكان المجتمع العراقي أن يكون أكثر تسامحا وميلا للديمقراطية والانفتاح السياسي لولا استيلاء العسكر على السلطة في عام 1958 وبداية عهود الشمولية والاستبداد منذ ذلك الحين، من الصحيح القول إن النظام الملكي القديم لم يكن ديمقراطيا ومتسامحا إلا أن إمكانات الإصلاح المتدرج كانت متوافرة وكانت هناك بوادر لتطوير مجتمع مدني يتمتع بالحيوية، وقد يستفيد الكثير منا في الكويت للتعرف على أوضاع العراق والعراقيين لو قمنا بالانكباب والاطلاع على دراسات جواد علي، وكذلك دراسات علي الوردي، أو دراسات حديثة لفالح عبدالجبار، وهي دراسات في علم الاجتماع تمكن من التعرف بعمق على أوضاع المجتمع العراقي وسيرورته التاريخية، هناك دراسات متميزة للباحث الفلسطيني الأصل "حنا بطاطو" حول "الطبقات الاجتماعية القديمة في العراق والحركات الثورية"، وقد لا يستطيع أو يستسيغ الكثير من الكويتيين قراءة هذا الكم من الدراسات بيد أن المتخصصين والباحثين ومراكز الدراسات عليهم التزامات للمعرفة الجادة بشأن العراق والعراقيين إذا ما أرادوا بناء علاقات صحيحة ومفيدة·

وإذا انتقلنا الى الوضع الراهن فإننا نجد حالا من عدم الوضوح، وأحيانا الإيهام، لما يجري في العراق لدى الكثير من أبناء الكويت، عندما سقط النظام السابق اندفع الكويتيون، أو عدد لا بأس به منهم، لتطوير علاقات سياسية وثقافية واقتصادية، وأسسوا لجنة "التآخي بين الشعبين العراقي والكويتي" والتي ضمت عناصر مهمة وأساسية من رموز الحركة الوطنية في الكويت، وترأسها الأستاذ جاسم القطامي وضمت الدكتور أحمد الخطيب والأستاذ جاسم الصقر وغيرهم، ومما لا شك فيه أن هذه اللجنة تمكنت من إنجاز فعاليات أساسية وساهمت مع الهلال الأحمر الكويتي في إيصال المعونات الإنسانية والمعيشية والطبية الى العراقيين في مناطق الجنوب في البصرة والناصرية والعمارة وغيرها، كذلك ساهمت اللجنة في تأسيس رابطة للعراقيين المقيمين في الكويت وأقامت أمسيات شعرية وتبنت مسرحية مهمة "ذوبان الجليد" وتأمل اللجنة أن تطور أعمالها لدفع التواصل بين الشعبين من خلال لقاءات بين العاملين في منظمات المجتمع المدني في البلدين مثل المسرحيين والكتاب والنساء والاقتصاديين، أو تطوير علاقات بين المنظمات السياسية العاملة في البلدين، وقد يتيسر للجنة بعد وقت معقول وبعد استتباب الأمن في العراق أن تعقد مؤتمرات لمناقشة الأمور المتعلقة بتطوير العلاقات بين الشعبين·

لكن برزت في الآونة الأخيرة تداعيات غير مشجعة، منها ما برز من تصريحات لعراقيين يدعون أن الكويتيين لم يقدموا أي مساعدات أو أن عددا منهم ساهم في التخريب داخل العراق، ومما لا شك فيه أن هذه الادعاءات عارية عن الصحة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة، وليس لدي أي شك بأن أجهزة إعلام عربية، منها الفضائيات، قد ساهمت في المبالغة من أجل توتير العلاقات بين الطرفين، وقد يتقبل مثل هذه الادعاءات أطراف لهم مواقف محددة مسبقا من الكويتيين، سواء داخل العراق أو في بلدان عربية أخرى، أو ربما يصدقها غير المطلعين على الحقائق أو السذج، لكن يجب أن لا تفوت على المختصين والمتعلمين والمثقفين بين العراقيين، ومما يطمئن بأن هذه التخرصات لن تنطلي على الكثير من العراقيين أو الكويتيين، أن الكويت بذلت الجهود الكبيرة من أجل استقرار الأوضاع في العراق ودعمت مجلس الحكم الانتقالي وسعت لدى الكثير من الدول العربية للاعتراف به، وبالرغم من أن هذا المجلس يمثل التيارات الرئيسية في المجتمع العراقي إلا أن هناك أهمية لقيام الكويت ببذل جهود أساسية للتواصل مع العراقيين من خلال النشاط الإعلامي والتواصل الشعبي، لقد سعت الكويت لتغطية أحداث العراق منذ بداية الحرب إلا أن المرء يلمس ضعفا في الأداء الإعلامي في الآونة الأخيرة، وتواضعا في الإمكانات البشرية التي تتصدى لهذا الجهد الأساسي·

ربما كانت التوقعات بأن الأمور سوف تستتب على الأرض سريعا في العراق بما يسمح لتطوير العلاقات السياسية وبناء قواعد اقتصادية تزيد من الترابط لكن لا يجب أن تسمح الأوضاع الآنية المتوترة في العراق لتعطيل التفكير الاستراتيجي في الكويت والذي يهدف لبناء علاقات مستقرة على الأمل الطويل، قد يضخم الإعلام من الأحداث الجارية في العراق لكن يجب أن نقر بأن ما حدث للعراقيين على مدى خمسة وثلاثين عاما من كبت وما تعرضوا له من طغيان واستبداد أو بطش، ثم الكيفية التي أسقط بها النظام بوساطة قوات أجنبية لا بد أن يحدث مثل هذا الارتباك، ومهما يكن من أمر فإن التطورات تشير بإمكانات واعدة لبناء عراق ديمقراطي مستقر يمكن أن يساهم في تنمية المنطقة بأسرها، يملك العراقيون إمكانات بشرية جيدة، خصوصا بين المغتربين منهم، وهم يقدرون أن يبنوا بلادهم إذا توافرت الأموال اللازمة، والتي ستعمل على توفير الأمن والمعيشة الملائمة، وإذا صيغت قوانين ملائمة فإن الكثير من الكويتيين وغيرهم سوف يساهمون في إنماء العراق، ويظل علينا في الكويت أن ندفع نحو علاقات بناءة في كل المجالات، وإن كان ذلك بحذر وعلى أسس واضحة ودون تفريط بالتفاؤل غير الواقعي، أهم من ذلك يجب أن نفهم المشكلات التي يعاني منها العراقيون في الوقت الراهن لكي نتجاوز معهم المعضلات التي عانيناها معهم خلال العقود الماضية·

�����
   

في خطبة صريحة لوداع السياسة والعودة للثقافة
هافيل: كنت متردداً ·· خائفاً ·· و فقدت الثقة في نفسي!:
حمد عبد العزيز العيسى
آفاق ورؤية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
بعد أن جيرتها السلطة لصالح مشروعها
تفعيل مؤسسات المجتمع المدني يعيد التوازن للساحة السياسية:
ناصر يوسف العبدلي
حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل:
المحامي د.عبدالله هاشم الواكد
هل تنفع معهم الثنائية؟
الإشكال في النقد الثنائي للفكر السياديني:
خالد عايد الجنفاوي
الشتات العربي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
التنمية الثقافية في الكويت:
يحيى الربيعان
العراق والكويت: ماذا بعد؟:
عامر ذياب التميمي
الموت الإكلينيكي:
عبدالله عيسى الموسوي
ندوة لندن وتداعياتها
"سقوط الأقنعة":
عبدالمنعم محمد الشيراوي
سياسة "خذوه فغلوه" تجاه الگويتيين البدون!!:
د. جلال محمد آل رشيد
حملة انتخابية مستمرة:
المحامي نايف بدر العتيبي
محاكمة المجرمين العراقيين الصداميين ضرورة إنسانية وقانونية وأخلاقية:
حميد المالكي