العراق ما بين نظامين
من خلال انفتاح الساحة العراقية على العالم يتضح أن مرحلة نظام صدام حسين لم تؤثر على العراق كبلد ولم يكن لها دور في التحديث السياسي والاجتماعي، بل إن العراق وكأنه مازال في مرحلته التاريخية وبدايته عام 1920·
فصدام حسين حكم العراق بداية من خلال حزب البعث ثم جماعة تكريت ثم عائلته المقربة وعزل الآخرين نهائيا·
ولقد اهتم نظامه بالإعلام وأصبح العراق يعرف من خلال إعلامه الداخلي والخارجي والذي لا يحاكي الواقع·
وأصبح إعلانه صاحب الصدارة خاصة بعد شراء الإعلاميين العرب بدءا من دول الخليج ومنها الكويت أيام الحرب العراقية - الإيرانية والإعلام العربي في فترة الغزو والذي مازال صداه حتى اليوم في بعض الفضائيات العربية·
واستمر العراق من خلال صورة شخص واحد هو صدام حسين دون الاهتمام بأي مركز قوة آخر ناهيك عن مؤسسات المجتمع المدني التي لم يكن لها وجود·
فلا أثر لمجلس الثورة أو لمجلس الوزراء أو البرلمان أو الصحافة المستقلة أو الهيئات والجمعيات الشعبية·
وبعد سقوط نظامه وجدنا التغيير الاجتماعي قد حدث بقوة حيث برز دور العشائر العراقية وعلماء المساجد وأعضاء الأحزاب السياسية·
وبالرغم من ضرب صدام للحوزة العلمية في النجف الأشرف إلا أنها برزت كقوة لها مكانتها واحترامها في المجتمع العراقي وبرز دور الفقهاء وولايتهم في المجتمع الإسلامي·
كما برزت التركيبة العراقية التي تتكون من الشيعة الذين يمثلون أكثر من نصف المجتمع ثم الباقي من الأكراد والسنة والمسيحيين والتركمان والذين اجتمعوا بطريقة ودية واتفقوا على الخطوط العريضة لبناء العراق الجديد دون أي توتر أو خلاف يذكر مما يعني أن الشعب العراقي بمختلف فئاته استطاع إدارة أموره منذ البداية دون أي مشكلة·
ولعل أبلغ ما في الأمر أن يمثل وزارة الخارجية أحد المواطنين الأكراد والذين كان يراهن البعض على أنهم يرغبون بالانفصال عن الجسم العراقي، إلا أن الواقع أوضح غير ذلك·
وإذا ما استمرت الأمور بهذا الشكل وتجسد ذلك في الدستور المرتقب ومن خلال الانتخابات المقبلة فإن العراق كبلد سيكون نموذجا لبقية الدول في التعايش السلمي بين الفئات المختلفة وبالأخص تلك الدول العربية التي مازال مواطنوها يشعرون بالغبن أحيانا وبالظلم أحيانا أخرى من دون أن يكون لهم تمثيل يعادل نسبة عددهم في بلادهم· |