| أجهزتنا الإعلامية الرسمية لا تتوقف عن الحديث عن إيماننا بالديمقراطية، لكن الديمقراطية التي تعنيها هذه الأجهزة ديمقراطية مفصلة حسب مقاس ثوبنا· والرسميون في حكومتنا مستمرون في الحديث عن المجتمع الكويتي الذي عرف الديمقراطية من قدم وارتضاها نهجا له في تسيير شؤون حياته منذ القدم، لكن ما يعنيه هؤلاء الرسميون هو ديمقراطية مؤطرة في حدود لا يمكن أن تتعداها· هذا التناقض في الفهم الحقيقي للديمقراطية والمفهوم المحلي هو السبب الأول وراء أزماتنا السياسية، والسبب الرئيس لضيق صدر حكوماتنا المتعاقبة بمراقبة المجلس التشريعي، ومحاسبته للسادة الوزراء·
ومن منطلق هذا التناقض أيضا ضاق صدر الحكومة اليوم بأحاديث المخيمات الانتخابية الحادة أحيانا، فقررت تحويل القضية الى إدارة الفتوى والتشريع لبحث السبل القانونية الكفيلة بمعالجة الوضع·
فهمنا الخاص للديمقراطية جعل "حكومة الانتخابات المؤقتة" تعتقد أنها حكومة أزلية دستوريا، وهذا الفهم الخاص أيضا دفع المرشحين الى الاعتقاد بديمومة هذه الحكومة، فأخذوا يصبون جام غضبهم على هذه الحكومة "اللي تكسر الخاطر"· أما على النطاق الدستوري البحت فإن الحكومة الحالية ليست إلا حكومة مؤقتة مهمتها تنحصر في الإعداد للانتخابات المقبلة· ولذلك فهي دستوريا ليست مسؤولة عن أداء أو برنامج الحكومة التي ستشكل بعد ظهور نتائج الانتخابات· والمرشحون "ما عندهم سالفة" بالهجوم الشرس على الحكومة، بل الأجدى لهم أن يعرضوا لجمهور الناخبين ما لديهم من بضاعة من خلال تبيان توجهاتهم، وليس برنامجهم، حتى يتمكن الناخب من تحديد التوجه الأنسب له·
الحكومة من جانبها "ما عندها سالفة" في اشتطاطها غضبا على ما يبديه المرشحون في حملاتهم، فهي دستوريا محصنة من مساءلة المجلس المقبل لها· لكن يبدو أن الفهم الخاص للديمقراطية الكويتية هو المسيطر على الحكومة والمرشحين على حد سواء· |
