حينما نقول إن الحكومة ستصفق إذا أسفرت نتائج الانتخابات عن ولادة مجلس ضعيف، بل هي تسعى من الآن بكل ما في وسعها لتجني مثل هذه النتيجة، وهذا الأسلوب ليس بجديد على المتابعين لما يجري هذه الأيام على الساحة السياسية الكويتية، والحكومة حينما تعمل من أجل تدشين مجلس هش، فإن مقاصدها من ذلك مفهومة، وهي أن المجلس الضعيف سهل قيادته·
إن هذا التصرف من جانب الحكومة يعتبر تصرفاً مشروعاً، حيث إن جميع الحكومات العربية - على الأقل - التي يقودها حزب سياسي، كمصر بحزبها الوطني، أو كسورية التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي، منذ أن تولى هذان الحزبان سدة الحكم·
إن مثل هذه الأحزاب التي تسعى - دائماً - للحصول على أكثرية برلمانية بهدف الهيمنة المشروعة على مسار مجالس الشعوب، وحكومة الكويت تفعل الشيء ذاته مع مجلس الأمة، حيث إن هذا المنهج تبنته الحكومة منذ قيام مجلس الأمة الأول، وهي تفعل ذلك بشكل مستتر لأنه ليس لديها حزب وطني، لذلك نراها تستعين ببعض أزلامها بشكل مستتر، تدفق عليهم الأموال، ولأزلامها أزلام آخرون تقدم لهم الأموال، وكل ذلك يتم عبر حلقة اتصالات، كل حلقة لا تعرف شيئاً إلا عن الحلقة التي تليها، أما التي تسبقها فلا، وهذه الحلقات أشبه ما تكون بالخلايا الحزبية·
ولا أظن أن المرشحين الذين يتلقون دعماً من الحكومة يخفى أمرهم على الناخب اللبيب، ومطلب الحكومة من وراء ذلك الدعم مفهوم للجميع، فهي تريد أن تضمن أغلبية أعضاء المجلس بحيث يكونون من الموالين لها، حتى تسهل قيادة المجلس، كما كان يحدث ذلك في مجالس الستينيات، حيث في تلك الحقبة التي صدر فيها مرسوم أميري بتأليف أول وزارة في يناير 1962، التي تألفت من أربعة عشر وزيراً، منهم أحد عشر وزيراً من أبناء الأسرة الحاكمة، باستثناء رئيسها المغفور له الشيخ صباح السالم·
على كل حال إن أنظمة الحكم الديمقراطي تستوعب كل الآراء والناشطين السياسيين، وهذه ظاهرة تدل على صحة الأمة، ولكن مع ذلك نريد ناخباً واعياً يستطيع أن يمارس حقوقه الديمقراطية بعقلانية فاعلة وشجاعة، فالمجلس أولاً وأخيراً هو مجلس الشعب، ويتألف بإرادة الشعب· |