الحدث الأبرز منذ حل مجلس الأمة هو من دون ريب الإعلان عن الرغبة الأميرية السامية بتعديل الوضع الدستوري لمسألة مشاركة المرأة في العملية الانتخابية بشقيها تصويتا وترشيحا· وردود الفعل التي طفت على الساحة المحلية كانت متوقعة وتعكس ذات الآراء التي أبديت خلال الفصول التشريعية المختلفة عند مناقشة الموضوع لأكثر من مرة· فالإسلام السياسي انشق على نفسه بين مؤيد جزئي ومعارض كلي وذلك تبعا للمدارس الفقهية المختلفة وتبعا لفهم هذه المدارس لمعنى الولاية العامة، هذا على الرغم من أن تيار الإسلام السياسي سيكون أكبر الرابحين من مثل هذا التعديل على المدى القريب على الأقل· وفي مقابل ذلك رحبت القوى الليبرالية بكل ألوان طيفها بالمبادرة السامية وإن تباينت الآراء حول مدى ملاءمة صدور المرسوم بقانون خلال هذه الفترة مع مقتضيات المادة 71 من الدستور، وبخاصة أن المشاركة الفعلية للمرأة في الانتخابات لن تسنح إلا في الانتخابات التي قد تجري بعد فبراير المقبل·
المبادرة السامية سخّنت أجواء الحملة الانتخابية ووفرت مادة دسمة للنقاش في المخيمات الانتخابية· لكن وبغض النظر عن العاصفة التي بدأت تلوح في الأفق فإن المبادرة السامية جاءت في وقتها لتضع الجميع أمام حقيقة الحاجة الى تعديل العديد من القوانين في البلاد بحيث تبعد عنها الشبهات الدستورية التي تحيط بها· قانون الانتخاب واحد من القوانين التي تجافي الدستور نصا وروحا، فإضافة الى مخالفة القانون للدستور في حصره الترشيح والانتخاب بالذكور، فإنه يحتاج الى عدد من التعديلات الأخرى والتي ستجعله منسجما مع روح الدستور· فقد يكون الوقت مناسبا لطرح كل التعديلات اللازمة جملة واحدة، فمن ناحية لا يعقل أن يمنع الشباب ممن هم في سن الثامنة عشرة من المشاركة في الانتخابات في الوقت الذي يجندون فيه لخدمة الوطن ويدعون للموت في سبيله بدءا من هذه السن· ومن ناحية ثانية فإن من الإجحاف منع العسكريين من غير الحرس الوطني من التصويت فقط لكونهم يعملون في إحدى أشرف ساحات العمل الوطني، وكأننا بذلك نعاقبهم على الانخراط في هذا المجال الحيوي·
وطالما أن الحكومة بدأت تنظر في إصدار قوانين بمراسيم مستندة الى المادة 71 من الدستور فقد يكون مفيدا أيضا أن تراجع قوانين أخرى تتعلق بالحريات العامة والمطبوعات والنشر والتي يعتبر وجودها بصورتها الحالية خرقا لمبادئ الدستور وانتهاكا لروحه· ولو فعلتها الحكومة فإنها من دون شك ستسحب البساط من تحت أقدام العديد من المرشحين، وحينها قد يصدق المثل العربي القديم "رب ضارة نافعة"· |