| الحرية والديمقراطية هما جناحان لطائر واحد، والرجل والمرأة صنوان وهما جناحا الأمة، هكذا هي منظومة كل التجمعات السكانية البشرية·
واليوم حينما صححنا خطأ مارسناه بعناد شديد (37) عاماً ضد المرأة والرجل معا، باعتبار أن كل ما من شأنه يسبب ضرراً أو يعطل مسيرة الجنس الثاني هو بالتأكيد يسبب ضرراً تنموياً ومفصلياً في بنية الجنس الأول·
فعندما نالت المرأة الكويتية حقها السياسي بعد جهاد كبير وصبر طويل وضغط شعبي وربما دولي، وعاشت تترقب نتيجة معاناتها ومطالبها الشعبية بين الخشية والأمل، وبعد أن أشرقت عليها شمس المساواة، تحركت ضدها أصوات شعبية، صنفت نفسها كمرجعية إسلامية على أبناء هذا الوطن، وأخذت تدلي بدلوها معربة عن استنكارها تجاه هذا الحق الذي نالته المرأة، ومطالبتها بتهميش دور المرأة وإبعادها عن المعترك السياسي، وللأسف إن من بين هذه الأصوات النشاز نرى هناك حفنة من النساء تنضوي تحت هيمنة الآخر الذي يعتبر إعطاء المرأة حق الترشيح يجعلها تقع في المحظور ألا وهو (الولاية العامة) وهذا لا يجوز لها شرعاً!! وقد فسروا (قضية الولاية) على هواهم، وأظهروا دخول المرأة البرلمان وكأنها ستحكم الكويت بمجرد قيامها مع زملاء لها في مجلس الأمة بسن بعض التشريعات·
لقد تناسوا أن ولاية الرجل على المرأة لا تنطبق إلا على المرأة غير العاملة والتي ليس لها مصدر من الرزق، فالرجل بذاته ليس ولياً على كل النساء بل إن ولاية الرجل لا تنسحب إلا على أهل بيته، وفيما ينفق عليهم من ماله·
إن تلك الأصوات المناهضة لمشاركة المرأة ترى في ذلك الأمر فرصة مناسبة لا تعوض، ولا يجب أن تفوت من دون أن تستثمرها بمقايضة مع السلطة التنفيذية ربما باستوزار أحدهم·
إن الجميع يعلم أن حركة الإخوان المسلمين حينما نشأت في الأربعينيات بمصر بزعامة حسن البنا، كانت لا تؤمن بالديمقراطية كبديل عن الشورى في المشاركة بالحكم، لكنها بعد سنوات قليلة نراها قبلت بالديمقراطية التي كانت تعتبرها نظام حكم علماني وافداً من الغرب، فأخذت تساهم بالانتخابات الديمقراطية، مستهدفة من وراء ذلك الوصول إلى سدة الحكم، وإذا وصلت إلى مبتغاها حكمت بالأسلوب الذي تبتغيه، وقد رأينا ذلك في بعض الدول الإسلامية والعربية، عندما وصل الإخوان إلى سدة الحكم فيها قلبوها على هواهم·
وفي الكويت في أواخر الستينيات ظهرت على الساحة أصوات غريبة أشعلت حرباً ضد الربا والبنوك الربوية، ولم تضع هذه الحرب أوزارها إلا بعد أن سمح للتيار الإسلامي بفتح بنوك إسلامية يديرونها بمعرفتهم مقابل سكوتهم على (منكر يسمى الربا) وكان أول حصيلتهم إنشاء بيت التمويل الكويتي، ثم سكتوا نهائياً عن طرح موضوع الربا وكأن الربا انقطع حينما غنموا وأقاموا مصارف إسلامية غير ربوية وأطلقوا على الفوائد أسماء حركية بعيدة عن الإسلام·
واليوم نجدهم وقد عادوا لنا باستنكاراتهم على عضوية المرأة في مجلس الأمة وكأن الأمر بدعة وحالة غير مسبوقة، بينما هي حالة موجودة في الكثير من الدول العربية والإسلامية·
لكن نحن على ثقة بأنهم سيتراجعون عن مواقفهم هذه بمجرد ما يحصلون على رشوة سياسية تشكل لهم صفقة مع الحكومة، ربما تكون على شكل حقيبة أو أكثر في الوزارة الجديدة، أو دعم انتخابي أو ما شابه ذلك من الصفقات السياسية على حساب الدين·
إن كل ما ندعو إليه هو تفعيل دور المرأة وتدعيم وعيها السياسي خلال الفترة المقبلة حتى عام 2000م، وتأسيس قواعد شعبية لها من خلال تشكيل تنظيمات أو لجان جديدة تواجه بها التيار المعادي لمسيرتها·
كما ينبغي لها تفعيل عضويتها ودورها في التجمعات السياسية العاملة في الساحة، ومن خلال عضويتها في جمعيات النفع العام، خصوصاً وهي مقبلة على تجربة سياسية مهما كانت خبرتها تبقى بالنسبة لها تجربة جديدة تتطلب منها الوعي والدهاء السياسي، وربما تدخل المرأة في التشكيل الوزاري المقبل· |
