رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 - 18 محرم 1420هـ 28 ابريل 4 مايو 1999
العدد 1374

بلا حــــدود
منطقة الفوضى الرمادية!!
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

سيدة كويتية تعرضت لحادث تصادم كان الخطأ فيه على الطرف الآخر، وعلى الرغم من أن الحادث كان بسيطا، إلا أنه تسبب في ازعاج تلك السيدة، وأدى الى خوفها الذي امتد الى طفلها الذي أخذ يبكي بحرقة وذعر!! وبينما كانت سيدتنا تلك مشغولة بطمأنة ابنها، وتحسس رأسها ويديها، إذ بالسيارة المخطئة تتجاوزها وتطل منها امرأة، تهدد وتزمجر بأسلوب لا يصدر عن إنسان مسؤول وواع وملتزم ومتحضر وكما لو كانت مجنيا عليها لا جانية!! ومن دون أن تكلف نفسها حتى الاطمئنان على السيدة وولدها· الحادث كان بسيطا وكما ذكرنا آنفا، لكن تلك السيدة أصرت على أن تسلك القنوات المشروعة والقانونية للحفاظ على حقها وأن تتوجه الى مخفر شرطة المنطقة المعنية بالحادث، وأن تسجل قضية ضد السيارة المخالفة وصاحبتها بعد أن دونت رقم تلك السيارة الجانية·· ولم يكن تصرف تلك السيدة تحديا للسيارة المخطئة، ولا تهديدا لصاحبتها، وإنما جاء ليعبر عن وعيها وإدراكها لحقوقها القانونية والتي لا يحق لها ولا لأي مواطن التفريط بها!! فعلى الرغم من أننا جميعا كمواطنين نتحدث عن حقوقنا المهضومة، ونتذمر دائما من سطوة البعض على القانون· ونكاد نتفجر يأسا حين نراقب الانتهاكات اليومية المتكررة لقوانين المرور ولشروط القيادة الآمنة!! إلا أننا لا نتفاعل ولا نتعامل مع القانون إلا في حالة الحوادث الجسيمة التي لا نطيق تحمل تبعاتها المالية والمعنوية!! ونتكاسل أن نلجأ الى فيصل القانون حين تتحمل شركة التأمين عبء الخسارة المالية!! وبذلك نكون قد تراجعنا عن حقوق يكفلها القانون المكتوب، ويشاركنا تبعاتها أفراد آخرين في منظومة المجتمع!! ولا يختلف تنازل البعض عن حقوقهم المرورية عن أي تنازل آخر لحقوق أخرى في مجالات كثيرة ومتعددة!! وإن كانت أكثر وضوحا في حالة الحقوق المرورية، لكونها حقوقا مشتركة للآخرين فيها نصيب أيضا!! والتجاهل الذي يمارسه البعض تجاهها يعني أن هنالك آخرين سيقعون تحت طائلة مخاطرها!!

إن دولة القانون التي نحلم بها، لا يمكن أن تقوم من طرف واحد، فنحن كمواطنين مساهمون رئيسون في إرساء تلك الدولة والمحافظة على أسسها وقواعدها سواء من خلال التقيد بقوانينها ونظمها أو من خلال التمتع بحقوقها المطروحة والممنوحة!! ولو أننا جميع سلكنا مسلك تلك السيدة الفاضلة ولم نتحجج بضيق الوقت أو بتفاهة الحادث لحققنا نظاما ورقابة مستمرة سيخشاها المخالفون وسيضعون نصب أعينهم أن للقانون حماة ومراقبين لا يرتدون الزي الرسمي، ولا يقودون سيارات الشرطة!!

يقال إن الحقوق أيا كانت لا تُعطى ولا تُمنح وإنما تُؤخذ عنوة!! وسواء أكانت حقوقا اجتماعية أم سياسية فإن الحصول عليها لا يكون إلا بتنمية الوعي والإدراك لأهميتها ووجوبها لضرورة الإبقاء عليها فاعلة!! والقوانين ما هي سوى أساليب وطرق تضمن تلك الحقوق وتحافظ عليها وتعمل على استمرارها من خلال الممارسة المستمرة!!

ونحن في هذا الوطن لا نفتقد تلك القوانين الضامنة لحقوق المواطنين وإن كنا نجهلها أحيانا ونتجاهلها في أحيان أكثر، حتى أصبح الكثير منها شكليا في أدائه وفاعليته!! فكم واحدا منا يعلم حقوقه الوظيفية؟ وكم واحدا يدرك حقوقه الفكرية؟ وكم مواطنا يصر على حقوقه السياسية؟! ثم من منا يحتكم الى القضاء والمؤسسات العقابية والرقابية في سبيل الإصرار على حقوقه تلك؟! هم ندرة وقلة يكونون كالنشاز ويثيرون دهشة الجهات المسؤولة·· وهي دهشة لا تخلو من نبرة استهزاء وسخرية كالتي أثارتها سيدتنا الفاضلة بإصرارها على المضي في شكواها على الرغم من تعجب ضابط المخفر لذلك الإصرار، حيث إن الحادث كان بسيطا جدا ولم يترك أثرا واضحا على سيارتها وكما قال الضابط معلقا!! بالرغم من أن صاحبة السيارة المتهمة قد اقترفت خطأين يعاقب عليهما القانون·· خطأ الاصطدام، وخطأ الهروب من موقع الحادث!! وهو أمر كان الأجدى بالضابط أن يكون أكثر إصرارا على متابعته من سيدتنا تلك!! إن المشكلة الحقيقية التي نعاني منها كدولة ومجتمع تكمن في أننا دائما ما نعتمد تصنيفا نسبيا للأخطاء والتجاوزات، يجعلنا نتجاهل الأخطاء الصغيرة في سبيل الإصرار على الكبيرة منها!! وهو تصنيف مؤسف وضيق الفكر على مجالات كثيرة، وعبث بأخلاقياتنا المجتمعية!! فأصبحت السرقات نسبية، وأصبح هنالك لصوص صغار وآخرون كبار· وحوادث مرورية جسيمة تستدعي العقاب، وأخرى صغيرة يمكن تجاهلها حتى وإن اخترقت القانون!! وأصبح التسيب الوظيفي كذلك نسبيا· والذي يحضر ولا يؤدي عملا، أفضل نسبيا من الذي يتهرب من الحضور ويتغيب!!

لا توجد مناطق وسطى بين الخطأ والصواب حين يتعلق الأمر بالقانون!! وإن حدث فإنها تكون منطقة فوضى لن يضمن أحد حياته واستقراره فيها!! ونحن جميعا في هذا الوطن أسرى لمنطقة الفوضى تلك، حيث لا قوانين تنفذ ولا حقوق تحترم!! وسنبقى جميعا رهن تلك الفوضى حتى ندرك أن أول حقوقنا كمواطنين تكمن في مساهمتنا الشخصية للانتقال من رمادية الفوضى·· الى وضوح الرؤية والبصيرة!!

�����
   

جمع التبرعات والعمل الحزبي:
محمد مساعد الصالح
في ذكرى الإمام الحسين:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"جاب لو كتب":
د.مصطفى عباس معرفي
بمناسبة اليوم العالمي للكتاب:
يحيى الربيعان
ديمقراطية المزاج!:
عامر ذياب التميمي
برميل البارود:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
منطقة الفوضى الرمادية!!:
سعاد المعجل
حرب البلقان.. محاولة للفهم(1-2):
دبي الحربي
إشراقات وتفاؤل القارئة:
أنور الرشيد
الإمام الحسين عليه السلام والصدر.. ومنهج التضليل..!:
د· بدر نادر الخضري
تضامنوا مع السيدة أناهيد:
حميد المالكي
الذكرى الحسينية:
فوزية أبل
عزيز قوم ذل...!!:
المحامي فهد البسام