رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 - 18 محرم 1420هـ 28 ابريل 4 مايو 1999
العدد 1374

ديمقراطية المزاج!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أثار انسحاب ستة من مرشحي انتخابات الرئاسة في الجزائر شعورا محبطا، وأدى الى ارتفاع معدلات خيبة الأمل بين الأوساط العربية المتطلعة لحياة ديمقراطية في كافة أرجاء الوطن العربي·· ولقد كان الشعور العام بين هذه الأوساط أن الانتخابات الرئاسية في الجزائر ربما تكون خطوة مهمة في تطوير الحياة السياسية في تلك البلاد التي تعاني من مأساة العنف وعدم الاستقرار والشمولية، وتطلعها نحو حياة سياسية تتسم بالتعددية والتسامح·· لكن ما حدث قبيل الانتخابات بأربع وعشرين ساعة جعل من تلك الآمال العظام تتبخر وترجئ التحول الديمقراطي هناك·· ولا شك أن معطيات الأوضاع التي أدت الى انسحاب أولئك المرشحين لا تزال غير مفهومة، وإن كان المرشحون المنسحبون قد برروا مواقفهم بمخاوفهم الجادة من تزوير الانتخابات الرئاسية وتجييرها لصالح الرئيس المنتخب، الآن، عبدالعزيز بو تفليقة·

ولا شك أن وجود العسكر في الحكم الجزائري يدفع أي مراقب للتخوف من إمكانية حدوث تدخلات في أي انتخابات تجري تحت أنظارهم، ولكن هناك مراقبين يعتقدون بأن المرشحين الستة المنسحبين قد مهدوا الطريق لتحقيق رغبات أولئك العسكريين·· فهل كان المرشحون من النوع النزق الذي يمكن إثارته لعدم توافر الخبرة السياسية، وعدم القدرة على التعاطي مع الأوضاع الصعبة؟ وهل هم من الذين لا يرغبون بالصبر لتحقيق الطموحات العامة؟ أم أن كل واحد منهم يرى أحقيته بالرئاسة دون الآخرين؟ هل هؤلاء المرشحون ضحايا للفكر المستبد السائد في المجتمع الجزائري، والعربي والإسلامي بشكل عام، والذي لا يقبل التسامح والمجادلة؟ كل هذه الأسئلة ربما تكون أساسا لتفسير بعض من الغموض الذي أدى الى الانسحاب من معركة الرئاسة·· بيد أن ذلك لا يعني أن السلطات الحاكمة قد وفرت أفضل المعطيات لعملية التحول الديمقراطي، هناك مصالح لمتنفذين في الحكم لا يمكن أن تسمح بتحول شامل يطول مصالحها ومناطق نفوذها الاقتصادية والسياسية·· وربما كانت هذه الحقائق وراء الاستقالة المبكرة للرئيس السابق الأمين زروال··

إن مأساة الديمقراطية في العديد - إن لم يكن في كل البلدان العربية - هي نتاج لثقافة وتراث شموليين لا يمكن تجاوزهما خلال الأمد القصير أو بالنوايا الطيبة·· ولا بد أن تتعثر العديد من المحاولات قبل أن تصل المجتمعات العربية الى أوضاع تسمح بعقد كافة أنواع الانتخابات وتحمل نتائجها·· وإذا نظرنا الى التجارب المحدودة للديمقراطية السياسية في البلدان العربية فإننا نجد تذمرا من نتائجها من الحكام ومن الشعوب، وكما هو معلوم فإن الحكام والذين لم تعمل هذه التجارب على تعرضهم لتداول السلطة لا يقبلون بالانتقادات الحادة لأدائهم، ولا يقبلون بالملاحظات حول الفساد وسوء الإدارة التي تجري في ظل حكوماتهم، ولذلك تظل هذه التجارب مهددة بالانهيار أو بالتدجين وفقدان المصداقية·· كذلك هناك عناصر واعية أو غير واعية من الشعوب العربية تتحامل على التجارب البرلمانية ونتائج الانتخابات على أساس أنها لا تأتي بأفضل عناصر المجتمع، وأن هؤلاء لا يراعون مصالح الشعوب بقدر ما يهتمون باستمرار وجودهم في المؤسسات التي انتخبوا لها··

وغني عن البيان أن الأعضاء أو الأفراد المنتخبين قد يكونون من عناصر انتهازية، أو يمثلون تيارات حزبية شمولية التفكير والرؤيا، لكنهم بالرغم من ذلك يمثلون طبيعة المجتمعات والفئات التي انتخبتهم·· ومن دون ريب فإن هناك إمكانات لتحسين الاختيار لكن ذلك مرهون باستمرار التجربة الديمقراطية وتعلم الشعوب من أخطاء اختياراتها السابقة، وتطور الوعي وازدياد ثقافة التسامح·· ومن المؤكد، أيضا، أن الأحوال الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها مختلف شعوب العالم العربي تؤدي الى الجنوح باتجاه التطرف وعدم اختيار أفضل المرشحين، كما أن هذه الأوضاع تدفع الى فوز العناصر الشعبوية التي توعد بالجنة·· إن تلك العوامل تدفع الى تشويه العملية الديمقراطية، ولكنها لا يجب أن توقفها·· كما أن هذه النتائج يجب أن تقبل لكي يجري استيعابها من دون عنف وضغط، ومن ثم فإن التطور مع مرور الزمن سوف يمكن من تحسين قدرة الناس على الاختيار··

وإذا عدنا لتجربة الجزائر فإننا نرى فيها فشل الحكام والمحكومين في التغلب على المأزق الذي تعيشه البلاد منذ إلغاء نتائج انتخابات عام 1992، وعدم قدرة الجميع على التفاعل مع استحقاقات العمل الديمقراطي·· لقد كان من واجب السلطة أن توفر الأمان وتطمئن الجميع بأن اللعبة سوف تحترم وأن اختيار المواطنين لن يتم التلاعب به·· في الوقت ذاته كان على كافة المرشحين المخاطرة ودخول حلبة السباق الرئاسية وتفعيل الشارع السياسي مع أطروحات كل واحد منهم ودفع الناس لحماية النتائج·· لكن ما حدث أن السلطة ارتاحت لاختيار المرشحين الستة الانسحاب قبل بدء الانتخابات، كما أن هؤلاء أقنعوا أنفسهم بأنهم أدوا واجبهم تجاه الشعب الجزائري·· كل ذلك يؤكد طغيان المزاجية السياسية على حساب مصالح الشعب وحقه بالتطور الديمقراطي وكذلك حق الشعب في أن يستظل بنظام تعددي حقيقي·· وإذا استمر هذا المسلسل السياسي العقيم فكم من الزمن سوف يمر حتى تتطور بلداننا الى الحكم الديمقراطي ومن ثم نتمكن من تحقيق التنمية في ظل الاستقرار السياسي؟

�����
   

جمع التبرعات والعمل الحزبي:
محمد مساعد الصالح
في ذكرى الإمام الحسين:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"جاب لو كتب":
د.مصطفى عباس معرفي
بمناسبة اليوم العالمي للكتاب:
يحيى الربيعان
ديمقراطية المزاج!:
عامر ذياب التميمي
برميل البارود:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
منطقة الفوضى الرمادية!!:
سعاد المعجل
حرب البلقان.. محاولة للفهم(1-2):
دبي الحربي
إشراقات وتفاؤل القارئة:
أنور الرشيد
الإمام الحسين عليه السلام والصدر.. ومنهج التضليل..!:
د· بدر نادر الخضري
تضامنوا مع السيدة أناهيد:
حميد المالكي
الذكرى الحسينية:
فوزية أبل
عزيز قوم ذل...!!:
المحامي فهد البسام