في يوم 23 أبريل الماضي احتفل العالم باليوم العالمي للكتاب، وهذه الاحتفالية العالمية، تدل على أهمية المحتفى به، نظرا لما له من أهمية كبرى في حياة البشر جمعاء، ومما يؤكد دوره وتفضيله على سائر وسائل الإعلام الأخرى سواء المرئي منها أو المسموع، علما بأن الكتاب سبقها بالظهور بسنوات طويلة، إلا أن دوره كقيمة يبقيه بالصدارة دائما·
ومن هذا المنطلق يمكننا القول أن احتفالنا بهذا اليوم ينبغي ألا يكون احتفالا تقليديا، مجرد إقامة محاضرة بجامعة الكويت، ومعرض لمنجزات المجلس الوطني الطباعية في مركز عبد العزيز حسين، "ودمتم سالمين"·
إن احتفالنا بهذا اليوم ينبغي أن يكون على مستوى البنية التحتية والسقف، وتخصيص يوم دراسي كامل للحديث فيه عن قيم الكتاب وأهمية القراءة، وتخصيص برامج تلفزيونية وإذاعية تؤدي الغرض نفسه، وكذلك خطب المساجد وكتاب الزوايا في الصحافة اليومية، والجمعيات الأهلية والجمعيات التعاونية الاستهلاكية، الكل عليه أن يشارك بهذه المناسبة الثقافية المهمة ورفع شعارات في كل مكان ضد العزوف عن القراءة، وأن تكون الهدايا التي تتبادلها في ذلك اليوم وفي كل مناسبة هي عبارة عن كتاب، بدلا من زجاجة عطر أو طبق حلوى·· وغيرهما من صنوف الهدايا المتعارف عليها بين الناس·
إن فضائل الكتاب كثيرة وكبيرة في حضارتنا العربية وفي صدر النهضة العربية، لكن وللأسف لقد تراجعت حركة القراءة كثيرا في زماننا هذا، وكان يفترض العكس كما هو الحال مع الشعوب الحية والحرة التي تنشد المجد دائما·
فيما يلي سنذكر نماذج من شغف العرب أيام زمان بمطالعة الكتب، حيث كان شغفهم بالمطالعة إلى حد لا يخطر على بال وذلك ناجم من تقديرهم للكتب والحرص عليها، كما يقول صاحب كتاب "الكتاب في الحضارة الإسلامية" عبد الله الحبشي·
لقد بلغ الحرص الشديد عند علمائنا من المسلمين على مطالعة الكتب حتى أصبح بعضهم لا يترك القراءة حتى أثناء المرض·
فهذا العلامة ابن تيميه لم يترك القراءة حتى أثناء المرض، فكان يضع الكتاب عند رأسه إذا أفاق قرأ فيه وإذا غلب عليه المرض وضع الكتاب جانبا، على الرغم من نصائح الأطباء له بترك القراءة أثناء المرض·
ولقد بلغ ولع هذا العلامة على مطالعة الكتب، أنه إذا دخل الخلاء أمر حفيده أن يقرأ له في الكتاب ويرفع صوته حتى يسمع·
وكان الجاحظ من أكثر الناس شغفا بمطالعة الكتب، حتى أنه كان يبيت في دكاكين الوراقين·
ويذكر عن الخطيب البغدادي أنه كان يمشي وفي يده كتاب يطالعه·
ومنهم من لم يترك المطالعة لافي حضر ولا في سفر، ومنهم من انشغل بالمطالعة عن الزوجة والأهل، حتى أن زوجة أحدهم قالت يوما:
"والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر"·
ومنهم من استمر بالمطالعة حتى وهو على فراش الموت·
هذه هي مجرد نماذج لما كانوا عليه أسلافنا بالأمس، فأين اليوم من الأمس؟؟ |