ما زالت ذكرى استشهاد أبي الشهداء الإمام الحسين عليه السلام تتجدد عاما بعد عام وتزداد انتشارا في بقاع العالم مصداقا لقول السيدة زينب أخت الحسين حين خاطبت زياد ابن أبيه في مجلسه بعد مقتل الحسين: "فاسع سعيك ونابذ جهدك فوالله لن تميت ذكرنا"·
وهكذا كان·· فبالرغم من أن الظالمين تصوروا أنهم بقتل الحسين عليه السلام ينتهي أمره وينطفئ ذكره ونوره، إلا أن استشهاده وتفجر دمه الزكي قد أشعل الثورة والنضال في قلوب محبيه وأنصاره وهم عامة المسلمين وكافة الأحرار فجعلهم يواصلون دربه عطاء وطريقه نماء وخطه تقوية وأهدافه وضوحا·
ويتذكر المجاهدون الإمام الحسين وتضحياته في كل مكان يتم فيه الصراع بين الحق والباطل، وفي كل زمان يريد المرء أن يقاوم الظالمين·
فها نحن نتذكر الإمام الحسين في جنوب لبنان حين يصمد أهله في مقاومتهم للعدو الإسرائيلي فيأخذون من ذكراه وقودا لهم لمقاومة الأعداء والانتصار عليهم مرة بعد أخرى رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد بين الطرفين ورغم مساندة الاستكبار العالمي للصهاينة·
ونتذكره وأهلنا يصارعون الظالمين في كوسوفو هذا البلد المسلم الصامد أمام أعتى ظلم وأقسى ظالمين حيث يريدون استئصالهم من أرضهم وإبعادهم عن أموالهم وديارهم·
ونتذكر الحسين عليه السلام وما حدث له في كربلاء حين تأتينا أخبار الأعمال البطولية التي يقوم بها المجاهدون في جنوب العراق رغم قلة العدد وندرة الناصر ورغم الحصار الإعلامي على تحركاتهم وجهادهم ومقاومتهم·
كما يتذكر المسلمون صبر الحسين وتحمله ومعاناته وهم يرون صبر إخوانهم في البوسنة والهرسك وجنوب الفلبين وداخل فلسطين المحتلة·
يرى المسلمون كل هذه الصور والأحداث السياسية الدامية هنا وهناك، فيأخذون من سيرة الإمام الحسين وذكراه دروسا وعبرة، لتكون لهم قوة وإيمانا لمقاومة الظلم ومحاربة الظالمين ومد يد العون للمحتاجين أينما كانوا··
كيف لا·· وهم يقرأون أحداث كربلاء فيرون الإمام الحسين عليه السلام يبذل مهجته وروحه ويقدم أبناءه وإخوانه وأنصاره في سبيل نيل رضى الله سبحانه وتحقيق أهداف الثورة في الانتصار على الظلم ومحاربة الظالم ونصرة المظلومين·
وأصبح الإمام الحسين عليه السلام حقا كما أطلق عليه الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه الموسوم "أبو الشهداء" للأحرار رمزا·· وستبقى ذكراه تتجدد في كل عام وكل زمان لتبقى كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء·
وليتذكره أهل الأسرى فيكون لهم خير معين في تحمل مأساة مضى عليها من السنين تسع، نسأل الله أن يفرج عنهم ويترحم على شهدائنا الأبرار· |