رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 5 ذو القعدة 1426 هـ . 7 ديسمبر 2005
العدد 1706

العدو الأول للنهضة الفكرية··!!
مشاري الصايغ
al_sayeghq8@hotmail.com

لا يمكن تحقيق التقدم الاجتماعي والسياسي الحقيقي والإسهام الحضاري العربي دون إضفاء الطابع الديمقراطي على الحياة الاجتماعية والسياسية العربية ودون توافر الفرصة لممارسة النقد الذاتي في شتى المجالات ودون الاعتماد الفعلي للمنهج العلمي وليس التشدق بذلك الاعتماد· وتوجد في كل مجتمع بشري، وعلى وجه الخصوص المجتمعات النامية، قوى اجتماعية وسياسية تحاول الحيلولة دون إشاعة الديمقراطية·

ويمكن للكتاب أن يدبجوا عشرات الآلاف من المقالات المنتقدة لهذه الحالة دون أن تحقق تلك المقالات قدرا يستحق الذكر من الفائدة المتوخاة ما لم تصغ السلطات الحاكمة الى انتقادات أولئكم الكتاب· إن أسباب التخلف في العالم النامي باتت معروفة، لقد قتلها المحللون والمفسرون كتابة ودراسة ووصفا وتحليلا وتعليلا، إن ما تحتاج البلدان النامية إليه، فيما أعتقد، لم يعد تبيان أسباب التخلف، ولكن الإتيان بطرق تجعل الأوساط المتولية للسلطة تتخذ مواقف أكثر إيجابية من الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي وحرية ممارسة النقد وتجعل تلك الأوساط مهمته اهتماما إيجابيا بتشجيع نشوء المجتمع المدني·

وهذه الحالة البائسة في العالم النامي تتطلب اتخاذ رؤية كلية شاملة، رؤية تشمل كل الجوانب المتعلقة بحياة الشعوب النامية: المجتمع والاقتصاد والسلطة الاجتماعية والمالية والسياسية·

ومن الطرق التي من شأنها أن تفضي الى اتخاذ الرؤية الشاملة الطريق النقدي، إذ عن طريق النقد (والمقصود هنا النقد الموضوعي الجاد البناء وليس البهلوانيات اللغوية المرائية) تكتشف العلاقات السببية بين كل ظواهر حياة الشعوب النامية، وتستخلص الاستنتاجات، وفي ضوئها تقدم اقتراحات العلاج·

وعن طريق النقد الفكري يمكن الإشارة الى الفوائد التي تجنى من شتى الوسائل التي تسهم في إصلاح المجتمع برمته، ومن هذه الوسائل التنشئة والتربية السليمتان، ومحو الأمية والقضاء على التطرف (الفكري باسم الإسلام) وإضعاف أو إزالة الاستقطاب الاجتماعي ومقاومة العدوان الداخلي (الفساد)· عن طريق المعالجة النقدية يمكن البدء بتنفيذ أهداف كثيرة في الوقت نفسه· فلأن الظواهر الاجتماعية بالمعنى الأعم تترابط الواحدة منها بالأخرى ترابطا وظيفيا وبنيويا فلا بد من البدء بتنفيذ الأهداف حسبما تقتضيه استنتاجات النشاط النقدي· بسبب الترابط الوظيفي والبنيوي بين هذه الظواهر لا يصح الاهتمام بظاهرة، مثلا التنشئة السليمة، دون البدء بتحقيق الأمية أو بتحقيق نسبة عالية من محو الأمية، وعلى سبيل المثال: محو الأمية الوظيفية للرجال والنساء، وتحسين الوضع القانوني والاقتصادي والاجتماعي للمرأة· إذ كيف يمكن تحقيق التنشئة الصحيحة إذا كانت عقلية المرأة عقلية الخضوع بسبب تدني وضعها القانوني والاقتصادي والاجتماعي؟

والحل التربوي لا يتمثل في إنشاء المدارس والكليات والجامعات وفي زيادة عدد الطلاب والطالبات· هذه التطورات جيدة لكنها تحسن شكلي والهدف هو المضمون، ولأن الحل التربوي لا يتجسد بهذه الأمور فقط· بل الحل التربوي يتكون من أشياء أخرى كثيرة أهم من ذلك كثيرا· يتكون الحل التربوي من إلغاء طريقة تلقين الطلاب والطالبات وطريقة الاستظهار وطريقة الإرسال من المعلم الى الطالب والطالبة وطريقة تلقي الطالب والطالبة للعلم من المعلم· ويتكون الحل التربوي من التأكيد على تنمية ملكة التفكير، وتعزيز التفكير المستقل وعلى الحوار بين المعلم والطلاب وعلى الحوار بين الطلاب دون تدخل المعلم ولكن بتوجيهه عند الحاجة، والتأكيد على أهمية الخلوص الى الاستنتاج، وتحرر الطالب من الخوف من عاقبة رفضه لرأي المعلم، والتأكيد على معرفة العلة والمعلول وعلى الوصف والتحليل والتفسير، وعدم جعل الدين "مشنقة" قتل الإبداع·

وهذه الطرق التربوية لم تجرب، حسب معرفتي، في البلدان العربية· فإذا كانت هذه الطرق لم تجرب فكيف يمكن أن يقال عنها إنها فشلت؟ وما قلناه بالنسبة الى الطريقة التربوية والحل التربوي يقال مع بعض التعديلات التي يستلزمها الموضوع عن مذاهب وتيارات أخرى قال عرب إنهم يتبنونها، من قبيل النزعة العلمية والتكافل الاجتماعي والتضامن العربي· وفي الحقيقة أن السبب في عدم تحقيق العرب للنهضة عن طريق بعض هذه التيارات لا يكمن في عيب يعتور تلك التيارات ولكن في عدم تجريب العرب لها أو في عدم إحسانهم لتطبيقها· ولا يمكن لشعب أن يحقق أهدافه عن طريق تبني تيار من التيارات الفكرية دون تطبيقه السليم له، والشرط الأول في التطبيق الصحيح هو اعتماد النهج النقدي مما يتضمن الأخذ بالديمقراطية الاجتماعية والسياسية، مما يستلزم إجراء الحوار· ومن الجهل عزو الفشل في تحقيق هدف الى تيار فكري معين دون تطبيق ذلك التيار·

والشعب العربي أفرادا وجماعات وحكومات ودولا، شأنه شأن الشعوب النامية الأخرى، يواجه مهمة شاقة في تحقيق التخلص من الحالة البائسة التي يعاني منها والسيطرة الفكرية للمذاهب الدينية، وتعمل جهات داخلية وخارجية اجتماعية باتجاه معاكس لاتجاه تحقيق النهضة العربية· ويؤدي عمل هذه الجهات إلى تآكل بعض ما يتم تحقيقه في مجال النهضة·

والعرب، شأنهم شأن بشر آخرين، بحاجة لتحقيق نهضتهم الى نهج شامل يشمل الحل التربوي  الاقتصادي  الإنمائي، نهج يأخذ ويطبق ما هو أنفع بالنسبة الى العرب من كل هذه التيارات· ولا يمكن أن يحقق ذلك إلا باعتماد النهج النقدي الذي يضع أصبعه على الجرح، على مكان الألم، على الدمل·

ولن تحقق النهضة إلا عن طريق اتخاذ الرؤية الشاملة النقدية· والمقصود بالنقد النقد الهادف البناء· فعن طريق هذا النقد يجري الكشف عن العلاقات السببية بين الظواهر، الرؤية النقدية لا تقبل المحاباة الفكرية، في هذا العالم الذي نعيش فيه تقوم علاقات بين كل الظواهر وكل الأشياء· لا يوجد شيء لا علاقة له بالأشياء الأخرى· وفي هذه العلاقات هناك التأثر وهناك التأثير، وهناك التأثر والتأثير في الوقت نفسه· وشمول الرؤية معناه القبول بفكرة قيام العلاقات بين الأشياء· وشمول النهج معناه أن الطريقة في تناول القضايا تعترف بقيام العلاقات بين الأشياء وتراعيه· وشمول الحل معناه أنه لا حل دون مراعاة قيام العلاقات بين الأشياء· والشاملة في هذا السياق تعني التوازن· والتجزيئية تعني عدم التوازن· شمول معالجة أزمة المجتمع يعني مما يعنيه مراعاة جميع جوانب الحياة والوجود والثقافة والاقتصاد والتاريخ للمجتمع· وعن طريق الرؤية التجزيئية يجري الالتفات الى جانب على حساب الجوانب الأخرى، ويسبب إهمال الجوانب الأخرى تعطيل ما حقق من إنجاز في تناول ذلك الجانب·

ومعنى الأزمة في أي مجال من مجالات الحياة هو اختلال التوازن وفقدانه· الأزمة في الاقتصاد، على سبيل المثال، معناها انعدام نوع من التوازن بين العوامل المختلفة التي تدخل في وجود ظاهرة الاقتصاد· والحاجة الى الرؤية الشاملة أكبر في أوقات الأزمات أو المنعطفات أو التحولات لأن سمة انعدام التوازن أقوى في هذه الأوقات·

في النهاية علينا أن نعي بأنه لتحقيق النهضة فإن تبني فكر أو تيار واحد لا يراعي أو لا يتضمن الرؤية الشمولية النقدية والآلية الديمقراطية لن يمكنه أن يحقق النهضة·

 

al-sayeghq8@hotmail.com

�����
   

دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
في رثاء حمـد:
عبدالله النيباري
دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حلاق بيروت:
سعاد المعجل
هيبة القانون:
يوسف الكندري
الحكومة والإصلاح!!:
محمد جوهر حيات
التوطين مرة أخرى:
د· منى البحر
من منكم على نهج عبدالله السالم؟:
يوسف مبارك المباركي
من منكم على نهج عبدالله السالم؟:
يوسف مبارك المباركي
الفساد ليس في المالية فقط!!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
من يتحكم بالإنترنت؟؟:
د. محمد حسين اليوسفي
عباس يسأل ونحن نجيب:
عبدالله عيسى الموسوي
المثقفون ودورهم الريادي في المجتمع:
منصور السعيدي
خوف الأمة من كل شيء··:
علي غلوم محمد
خوف الأمة من كل شيء··:
علي غلوم محمد
شتبون··؟:
على محمود خاجه
العدو الأول للنهضة الفكرية··!!:
مشاري الصايغ
هل تنجح الحكومة في اختبار تطوير جودة التعليم؟! :
عبدالخالق ملا جمعة
الخطة الخمسية تدعو الى تطبيق الدستور!! :
مسعود راشد العميري