رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 5 ذو القعدة 1426 هـ . 7 ديسمبر 2005
العدد 1706

التوطين مرة أخرى
د· منى البحر

أكدت معظم دراسات التنمية أنه كلما كانت عمليات التنمية قائمة ومستمرة في المجتمع، تغيرت المشاكل التي يواجهها المجتمع من زمن لآخر، وأنه كلما كانت المشاكل التي يواجهها المجتمع ثابتة وغير متغيرة، دل ذلك إما على ركود المجتمع أو عدم نجاح خطط التنمية· إن مجتمع الإمارات العربية المتحدة من المجتمعات التي تعيش حالة من التنمية المستمرة، وبناء عليه تتغير المشاكل التي يواجهها من فترة لأخرى· ففي السابق ومع بداية تأسيس الدولة كان المجتمع الإماراتي يعاني من قلة المتعلمين والمتخصصين من المواطنين في المجالات المختلفة، مما اضطر القائمين على الأمر الى الاستعانة بخبرات وأيدي عاملة عربية وأجنبية على حد سواء· اليوم تُخرج مؤسساتنا التعليمية سنويا آلافا من الطلبة المتخصصين في مجالات مختلفة لكنهم لا يجدون فرص العمل المناسبة نظرا لمزاحمة الوافدين لهم في مجالات العمل المختلفة، مما أدى في نهاية الأمر الى تزايد عدد المواطنين العاطلين عن العمل، لمواجهة هذا الموقف تعالت صيحات التوطين وضرورياته بشكل خاص في القطاع الحكومي· وأقدمت كثير من وزارات ومؤسسات الدولة على العمل على توطين الوظائف· بعض هذه المؤسسات نجح في ذلك والبعض الآخر ما زال يتخبط، وبعض هذه المؤسسات بدأت بتطبيق خطط التوطين ثم تراجعت عن إتمامها لأسباب غير معروفة وانتهجت بدلا من التوطين "التغريب" و"الأمركة"·

الحديث عن التوطين مرت عليه سنوات عدة ولكننا حتى هذه اللحظة لم نستطع حصر وإيجاد الحلول الشافية لهذه القضية الوطنية المؤرقة· القارئ المتأني لهذه القضية والمطلع على تجارب الدول المجاورة يصل الى نتيجة واحدة هي أنه لكي تحل هذه الإشكالية لا بد من تحقق بعض الأساسيات والتي من دونها سنظل في حالة من التخبط والتجريب مما سيفاقم من المشكلة وتداعياتها الاجتماعية السلبية· أولى هذه الأساسيات استصدار قرار سياسي ملزم لجميع المؤسسات الحكومية منها والخاصة بتوظيف المواطنين وبأن تكون الأولوية في التوظيف للمواطن، وكل حسب قدراته وتخصصه· أيضا يجب ألا ننظر الى قضية التوطين باعتبارها متطلبا طارئا فرضته علينا الأوضاع الاقتصادية ولكن كحق وطني، ومتطلب طبيعي لتحقيق خططنا الوطنية للتنمية الاجتماعية الشاملة، حيث إنه لا يمكن أن تحقق أية خطط تنموية وطنية إذا لم تواكبها وتتكامل معها خطط لتنمية واستثمار الموارد البشرية المواطنة· إن عملية التوطين لا يجب التعامل معها كعملية إحلال فرد مواطن محل فرد آخر وافد، بل ينبغي منا التعامل معها في إطار قضية وطنية أكبر وهي تنمية الموارد البشرية المواطنة حسب متطلبات الدولة وحاجاتها، والسعي لتوفير كل الظروف المساعدة لاستثمار قوة العمل الوطنية بحيث تصبح قادرة على إثبات وجودها والمنافسة على كل المستويات· يجب ألا تكون عملية التوطين مجرد عملية تسكين موقتة لحل مشكلة البطالة بين الخريجين الشباب، بل يجب أن تكون عملية تدريب وتأهيل لجميع المواطنين بحيث يشغل كل واحد منهم الوظيفة التي تتناسب مع إمكاناته وقدراته· كما يجب أن نحرص على توطين قطاع الموارد البشرية في جميع مؤسساتنا، خاصة مواقع اتخاذ القرار فيها، حيث إنه ثبت وبالتجربة أنه متى كان شاغل وظيفة صنع القرار في قطاع الموارد البشرية في كل المؤسسات غير مواطن كلما زادت نسبة غير المواطنين في المؤسسة وخاصة الذين هم من جنسية صانع القرار نفسه، فالهندي يستقطب الهنود والمصري يستقطب المصريين، واللبناني يستقطب اللبنانيين، والأمريكي يستقطب الأمريكيين وهكذا دواليك، وكل هذا يتم على حساب المواطن· صاحب قرار التوظيف هنا غير ملام لأنه وببساطة كل واحد منا يحمل في داخله التزاما وطنيا وأخلاقيا تجاه وطنه وأبناء ملته، والمسؤول عن قرار التوظيف، غير المواطن، ليس باستثناء من ذلك خاصة إذا لم يوجد هناك قانون يلزمه بعكس ذلك·

النقطة الأخيرة والأهم في قضيتنا هذه هي استعدادنا لتحديات ومتطلبات العولمة وشروط ومعايير منظمة التجارة العالمية، إن دولة الإمارات العربية تتطلع للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وقد قطعت أشواطا، كما صرحت وزيرة الاقتصاد، في ما يتعلق بمناقشة ومباحثة شروط المنظمة· نحن نعلم جميعا أن منظمة التجارة العالمية سوف تعمل على إقرار أنظمة ومعايير جديدة لتنظيم العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء، وسيكون جميع الأعضاء خاضعين لها دون استثناء· أول هذه المعايير تشجيع الانفتاح الاقتصادي، وإلغاء القيود التجارية والتي من ضمنها القيود التي تفرض على العمالة، وهذا في حد ذاته يشكل خطرا على العمالة الوطنية ويتناقض تماما مع خطط التوطين، خاصة وأن البرامج المستقبلية لمنظمة التجارة العالمية تهدف الى عرض الوظائف المتاحة في جميع الدول الأعضاء على الإنترنت موضحة الشروط المطلوب توافرها فيمن سوف يشغلها، وستتاح الفرصة لمن تتوافر فيه الشروط من أبناء الدول الأعضاء، مما سيشكل تهديدا وتحديا كبيرا لأبنائنا المواطنين الذين سيكونون فاقدين لكثير من شروط التوظيف العالمية التي تتطلبها المنظمة، والخوف هنا من أن تطبق علينا الدول الأعضاء في المنظمة برعاياها الذين يملكون التقنية والمهارات والخبرة الطويلة والتمرس في المهنة·

إن جهود التوطين تحدث اليوم في ظل ظرف دولي يتسم بشراسة المنافسة ولن يثبت فيه إلا من يملك المؤهلات والمهارات العالمية المطلوبة لشغل الفرص الوظيفية المستقبلية· بناء عليه، يتحتم علينا أن نأخذ هذه التحديات المستقبلية بعين الاعتبار ونحن نتعامل مع قضية التوطين، ويجب علينا ألا نعتبر التوطين مجرد إحلال بل قضية استثمار نوعي وكمي لكوادرنا الوطنية بحيث تكون مؤهلة وقادرة على خوض المنافسة المستقبلية، لأنه ببساطة دعم وتمكين العمالة الوطنية ما هو إلا دعم وتمكين للاقتصاد الوطني وتثبيت وتعزيز لهويتنا الوطنية·

* جامعة الإمارات

�����
   

دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
في رثاء حمـد:
عبدالله النيباري
دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
دولنا تُراقب من الخارج:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حلاق بيروت:
سعاد المعجل
هيبة القانون:
يوسف الكندري
الحكومة والإصلاح!!:
محمد جوهر حيات
التوطين مرة أخرى:
د· منى البحر
من منكم على نهج عبدالله السالم؟:
يوسف مبارك المباركي
من منكم على نهج عبدالله السالم؟:
يوسف مبارك المباركي
الفساد ليس في المالية فقط!!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
من يتحكم بالإنترنت؟؟:
د. محمد حسين اليوسفي
عباس يسأل ونحن نجيب:
عبدالله عيسى الموسوي
المثقفون ودورهم الريادي في المجتمع:
منصور السعيدي
خوف الأمة من كل شيء··:
علي غلوم محمد
خوف الأمة من كل شيء··:
علي غلوم محمد
شتبون··؟:
على محمود خاجه
العدو الأول للنهضة الفكرية··!!:
مشاري الصايغ
هل تنجح الحكومة في اختبار تطوير جودة التعليم؟! :
عبدالخالق ملا جمعة
الخطة الخمسية تدعو الى تطبيق الدستور!! :
مسعود راشد العميري