رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 جمادى الآخر 1426هـ - 27 يوليو 2005
العدد 1688

التوراة فوق السياسة.. والعقل
أحمد حسين

في تصريح حاسم اعتدناه على ألسنة صهاينة القرن التاسع عشر، أعلن رئيس وزارة حكومة الاحتلال الإسرائيلي أرييل شارون، أن التوراة فوق كل الاتفاقيات السياسية والمواثيق، وما الى ذلك، ومضى هذا الإعلان الذي جاء مباشرة بعد مغادرة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندي التي تسمي شارون جريا على ما كرره الرئيس الأمريكي بوش، رجل السلام، وقبل ما يقارب الأسبوعين على الاندحار الإسرائيلي وانحسار مده الاستعماري عن جزء من فلسطين يعرف بقطاع غزة·

لا أعتقد أن رفع شارون لتوراته فوق كل شيء قرار الأمم المتحدة بالتقسيم (1947) وقرار 194 القاضي بعودة اللاجئين الى أراضيهم وقراهم (1948)، واتفاقيات الهدنة (1949)، وكل ما عاقد عليه العرب والفلسطينيون هذا الكيان الغريب القائم على %94 من أرضنا فلسطين التاريخية الثابتة ملكيتها للفلسطينيين في وثائق لجنة التدقيق الدولية والمحفوظة في أدراج الأمم المتحدة نفسها التي أصدرت قرار التقسيم العجيب الذي منح من كان يمتلك %6 من أرض فلسطين أكثر من %80 منها دفعة واحدة، وببساطة ما بعدها بساطة، لا أعتقد أن هذا الخطاب التوراتي موجه الى العرب أو الفلسطينيين بالدرجة الأولى فهم، بمعظمهم أعطوه شيكا على بياض ليرسم الخريطة التي يشاء منذ أن قرروا دعم مشروعه الاستعماري سياسيا واقتصاديا وماليا، أو دعمه بإشاحة البصر والذهاب للجهاد في أفغانستان في الثمانينات، ثم في جزر الواق واق في التسعينات، وها هم يعودون من جهادهم ليجدوا مدنهم تهزها انفجارات من دفعوا لهم المليارات وجندوا لهم أجهزة الإعلام وصناديق التبرعات·

خطاب شارون موجه بعصبية واضحة (حتى قيل أن عصبيته كادت تودي به، وأشاع بعضهم أن جلطة ضربته) الى العالم الخارجي والشعوب الغربية تحديدا التي تنهض فيها الآن وتتنامى حركة مناوئة للاحتلال الصهيوني، بل وبدأت ترفع شعارات تحرير فلسطين من الصهيونية وإرهابها المتواصل منذ نصف قرن أو أكثر·

الحقيقة أن تحويل كتاب ديني الى انجيل للإرهاب ليس أمرا خاصا بالمتأسلمين وتجار الدين، فالتوراة كما هو واضح من عصبية شارون يمكن أن يتحول الى انجيل إرهاب، والسوابق كثيرة لعل القارئ العربي لا يتذكرها أو لم تمر عليه بعد أن جعلته الفضائيات العربية، وبأحدث تقنياتها ينسى التاريخ تماما، بل يعتبر كل من يتطرق الى تاريخ بعيد أو قريب، مجرد إنسان من الماضي، لا علاقة له بالعصر ولا متطلباته، هذا التاريخ يقول إن إبادة الهنود الحمر، في كندا وأمريكا الشمالية والجنوبية على حد سواء كانت تتم بمزاعم توراتية، يزعم حملتها القادمون من أوروبا أنهم يسعون الى إقامة "مملكة الرب" أو مملكة السماء، أو إقامة "أورشليم جديدة" بتعبيرهم، وكذلك الأمر حصل مع المجرمين الذين قذفت بهم انجلترا القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر الى أستراليا، ليقتلوا سكانها الأصليين حرقا، وليصنع بعضهم من جلود أهاليها أكياس التبغ إمعانا في الإخلاص لتعاليم "الرب" المزعوم أنهم يخدمونه·

وحدث الأمر نفسه في جنوب أفريقيا حين غزاها المتعصبون للتوراة من كالفينيين وبروتستانت وشياطين إلخ، وبدأوا باصطياد سكانها الأصليين مثلما يصطادون الحيوانات، وأيضا لإقامة "أورشليم جديدة"، حتى أن بعضهم حين حضرته الوفاة طلب أن توضع بندقية بجواره ليأخذها معه الى السماء، والسبب هو اعتقاده أو إيمانه التوراتي بأنه لا بد سيحتاجها·

فلا شك أن غابات السماء سيكون فيها "سود" أيضا يحتاج الى أن يصطادهم·

ولا ننسى بالطبع "مملكة الرب" التوراتي التي جاء الصليبيون أجداد شارون وبيرسكي "بيريز" وبرديافسكي "شامير" لإقامتها في فلسطين·

هذا هو تاريخ توراة شارون التي ألحق بها 200 رأس نووي غفلة وهبلا، لأنه لم يتوقع لا هو ولا بقية المجرمين الصهاينة أنها لن تنفعه حين لا يتزحزح الفلسطيني وبيته يهدم فوق رأسه، وحين يقبض أولاده وأحفاده على أحشاء دولته العنصرية، فلا يجد منهم فكاكا حتى بعد أن خضع من خضع له من حولهم من أمم، وحتى بعد أن وصلت سفارته الى الصين وبلاد الواق واق·

�����
   

التوراة فوق السياسة.. والعقل:
أحمد حسين
تسريبات صحافية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
المغفلون في الأرض:
محمد بو شهري
واقع مؤلم:
مي حمد العليان
مأساة:
عامر ذياب التميمي
مأزق التعددية الثقافية في الغرب:
د. محمد حسين اليوسفي
د. حسن.. إلغاء التوفل ليس الحل:
على محمود خاجه
جدار حول القدس:
عبدالله عيسى الموسوي
أول إنجازات المجلس البلدي..!؟:
عبدالله العبدالعالي
مشروع الضرائب والمبدأ الديمقراطي(2-2):
علي غلوم محمد
يوليو الأسود:
فيصل أبالخيل
على أجندة الإصلاح:
راشد الرتيبان*
المقالة ليست مسألة رأي!:
عبدالخالق ملا جمعة