خلال الأسبوع الماضي، ومع الذكرى السنوية الرابعة للعمل الإرهابي الذي قتل الآلاف في برجي التجارة في نيويورك، ودمر البرجين الشهيرين، انشغلت عدة قنوات فضائية، في استعادة حدث الجريمة هذا، وسيطرت على الشاشات صور البرجين اللذين صدمتهما طائرتان على التوالي، ثم بدأ كلاهما بالانهيار تدريجيا كأنما ابتلعتهما الأرض·
الرواية الرسمية الأمريكية كما هو معروف قالت، ومازالت تقول حتى اليوم بأن هذا الهجوم، والهجوم الآخر الذي رافقه باصطدام "طائرة" بأحد أجنحة مبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) كان بفعل الجماعة الإرهابية المسماة "القاعدة" التي اتخذت من أفغانستان غرفة عمليات لها، ومع مرور عدة سنوات، ورغم قيام الحكومة الأمريكية بإسقاط حكومة طالبان في أفغانستان، مازالت هذه "القاعدة" تتخذ من أفغانستان أو من مناطق مجاورة لها غرفة عمليات بدليل أنها ما زالت تواصل إصدار بيانات عبر شبكات الإنترنت وأشرطة فيديو عبر بعض الفضائيات، وتشن أعمالا إرهابية في مناطق متفرقة من العالم·
إلا أن الأفلام الفضائية الأخيرة وبخاصة ما بثته قناة "الجزيرة" وقناة "العالم" بدأت تقدم روايات مختلفة الى حد ما، بعضها يركز على ثغرات في الرواية الرسمية الأمريكية، وبعضها يحاول أن يعيد فيلم حدث 11 سبتمبر ويدقق في التفاصيل وشهادات شهود العيان، بل يقوم بتحليل تقني للصور التي التقطت ساعة وقوع الحدث، ليصل الى القول بأن هناك ألغازا لم تحل حتى الآن رغم مرور أربع سنوات تحيط بهذا الحدث، وهناك أسئلة لا أجوبة عنها·
هل هذا "الإرهاب" الذي تشن الولايات المتحدة حربها الآن لمقاومته، ويتنبأ أصحاب المناصب الرفيعة في حكومتها بأن الحرب عليه ستمتد لسنوات·· وسنوات، بالغ الغموض الى درجة يتعذر معها الإمساك ولو بطرف خيط من خيوطه يتجاوز بيانا على الإنترنت وشريطا على شاشة فضائىة؟!·
أعتقد أن تعدد التأويلات والروايات أمر طبيعي، وسيتزايد التعدد بمرور السنوات، لسبب جوهري وبسيط، وهو أن جذور الإرهاب أصبحت أشد غموضا مما يبدو للوهلة الأولى في عالم معولم، بل وتزداد غموضا رغم القول الشائع بأن العالم أصبح قرية، واحدة، إذ يبدو أن سكان هذه القرية كلما تقاربت مساكنهم زاد جهل بعضهم ببعض وتقطعت بينهم الطرقات والجسور، واحتلت أفعال الأشباح هذه الزاوية أو تلك، وصار من النادر أن تقع العين على إنسان حقيقي من لحم ودم!· |