Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 ذي القعدة 5 ذي الحجة 1419هـ - 17-23 مارس 1999
العدد 1369

البعد السكاني للتنمية
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

كلما ظهر تقرير عن الحقائق السكانية في أية دولة عربية تتضح لنا معالم التنمية المستعصية، ذلك أن السكان هم العنصر الرئيس في عملية التنمية وكلما كانت المقومات السكانية متوازنة كان هناك أمل كبير في التنمية·· ومن البيانات التي أطلعت عليها مؤخرا ما نشر عن الواقع السكاني في لبنان حيث تظهر تلك البيانات أن المستقبل يبدو رماديا حيث ترتفع معدلات البطالة بين الشباب فهي تصل الى نسبة 18 في المائة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 الى 24 عاما، وهؤلاء إن وجدوا وظائف فهي تكون من النوع الهامشي المتدني الأجر· ولذلك فإن إمكانات الزواج لدى هؤلاء تظل شبه معدومة، مما يضطر بمعظمهم الى تأجيل مشاريع الزواج حتى سن متأخرة نسبيا، وينتج عن ذلك تأخر سن زواج الفتيات الى سن يقارب الثلاثين·· وقد لا تكون هذه الوضعية سلبية، بشكل عام، حيث إن الزواج للذكور والإناث في سن مبكرة قد لا يكون مجديا، ومن البيانات الإحصائية المنشورة في أكثر من بلد عربي تنتشر ظاهرة الطلاق بين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين··· وربما يساعد النضوج العمري في التحكم بنسبة التزايد السكاني ويخفض من معدلات الإعالة ويوفر المسؤوليات الاجتماعية على الدولة والأسر··

وقد لا يكون النموذج اللبناني، بالرغم من خصوصيته بسبب الحرب الأهلية وتدميرها للبنى التحتية والمجتمعية، نموذجا خاصا حيث إن البلدان العربية تعاني من تدهور أحوال الشباب وتراجع فرص العمل والحياة الكريمة أمامهم·· وربما سوف تواجه البلدان العربية صعوبات كبيرة في مرحلة التحول من الاقتصاد الموجه والمرتكز على الدور الأساسي للدولة الى اقتصاديات السوق، فمن المحتمل أن يتم تسريح الآلاف من العمالة الفائضة عن الحاجة مما يزيد من معدلات البطالة·· لكن هذه التحولات قد تكون ضرورية لإقناع المجتمعات العربية بأهمية مراجعة السلوكيات الاجتماعية المنتشرة والتي أدت الى زيادة أعداد الشباب وصغار السن من دون حساب، لكن هل يمكن أن تؤثر هذه التحولات المحدودة في معتقدات البشر وسلوكياتهم في هذه المجتمعات، عندما نتدارك الحقيقة التي تؤكد بأن المجتمعات العربية ما زالت تعاني من القيم الريفية، وما زالت درجات التمدين فيها منخفضة بشكل كبير··؟

وقد دلت الدراسات المحدودة التي أجريت في بلدان عربية أنه بالرغم من الهجرة من الريف الى المدن خلال العقود الخمسة الماضية، بفعل تجارب الإصلاح الزراعي والتسيير الذاتي وغيرها من تجارب اقتصادية في الزراعة، فإن هؤلاء المهاجرين لم يتحرروا من سلوكيات الريف ولم يتقبلوا عادات وتقاليد الواحات المتحضرة في بلدانهم·· قد يكون صحيحا أن هؤلاء قد ألحقوا أبناءهم وبناتهم في المدارس الحكومية مما زاد من مستويات التعليم في البلدان العربية وخفض معدلات الأمية الأبجدية، إلا أن الإناث مازلن يواجهن القيود على العمل في العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية·· بل إنه من المثير لانتباه أي باحث جاد أن يجد أن نسبة التعليم بين الإناث مرتفعة أكثر مما هي الحال بين الذكور في العديد من الدول العربية، وخصوصا دول الخليج العربية، ولكننا نجد أن نسبة الإناث في مراكز العمل ما زالت متدنية·· كما أن العديد من الأعمال مازالت مقتصرة على الرجال في حين أن النساء يمكن لهن أن يتصدين لهذه الأعمال بكفاءة·

من جانب آخر اطلعت على تقرير يشير الى أن هناك ما يقارب الى 12 مليون شخص في أعداد العاطلين عن العمل في العالم العربي·· ويمثل هذا العدد 14 في المائة من إجمالي قوة العمل في البلدان العربية والمقدرة بـ84 مليون شخص· ولا شك أن هذا العدد من العاطلين عن العمل يمثل قوة اقتصادية معطلة لا تقوم بأداء أي نشاط اقتصادي مفيد، وهي بالتالي لا تحقق دخلا يمكنها من الاستهلاك وزيادة معدلات النمو في الناتج الإجمالي للاقتصاد العربي·· يضاف الى ذلك أن هؤلاء العاطلين عن العمل يمثلون عبئا اجتماعيا كبيرا على الحكومات العربية وتتحمل إزاءه تكاليف كبيرة·· وإذا كان التوظيف في معظم البلدان العربية قد اعتمد لسنوات وعقود طويلة على الحكومات وإنفاقها فإن ذلك يعني أن السنوات المقبلة ستشهد تراجعا في عمليات التوظيف الحكومية·· هل يستطيع القطاع الخاص أن يحل في موقع الحكومات ويوفر فرص عمل مناسبة وأفضل مما وفرته الحكومات؟ لا بد من التأكيد على أن مسألة التوظيف تتطلب وعيا بأهمية الإصلاح الاقتصادي وضرورة أن تكون الوظائف المتاحة تتوافق مع متطلبات التنمية وشروط الجدوى الاقتصادية، ولذلك فإن بعض المصاعب ستنشأ في بداية عمليات الإصلاح حتى يتحقق التوازن بين النشاط العام والخاص وتتوافق مخرجات التعليم في احتياجات سوق العمل·

وهكذا فإن الحقائق الديمغرافية تؤكد بأن المجتمعات العربية ستواجه معضلات ناشئة عن طبيعة أوضاعها الاقتصادية، وطبيعة التركيبات السكانية·· ولن يتعلم أي من الأقطار العربية في تجاوز المرور بمعضلات التنمية الناتجة عن طبيعة تلك الهياكل المجتمعية والاقتصادية، ولذلك فإن قدرا مهما من الوعي والاستنارة يظل مهما لمواجهة هذه الإشكالات على مدى السنوات المقبلة·· وغني عن البيان أن طبيعة التعامل السياسي مع هذه المعضلات خلال العقود الماضية أدت الى تراكم الأزمات من دون معالجات موضوعية·· ويبقى علينا أن نأمل بتطور الوعي السياسي والمجتمعي لأهمية المعالجات الناجعة·

�����
   

مللنا مسائل الحيض و"المسواك" وتقصير "الدشاديش":
مسلم صريح
الدواء المر:
محمد مساعد الصالح
وعود أمريكية وإعدامات عراقية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الواردة:
د.مصطفى عباس معرفي
تهانينا للمرأة القطرية:
يحيى الربيعان
البناء التنظيمي لوزارة التربية.. هل حقق أهدافه؟:
خالد عبد العزيز السعد
البعد السكاني للتنمية:
عامر ذياب التميمي
النصف الأعذب:
إسحق الشيخ يعقوب
اللجنة الاستشارية ومشاريعها الانفصالية:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة التاسعة):
محمد سلمان غانم
التدمير الذاتي:
أنور الرشيد
التاريخ يعيد نفسه
...في ظل دكتاتور العراق..!:
د· بدر نادر الخضري
مشاهد من كردستان المحررّة!:
حميد المالكي
مجلس تشريعي أم شرعي؟:
فوزية أبل