رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الآخر 1425هـ - 9 يونيو 2004
العدد 1631

رأي في الجدل الدائر حول حديث "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"
زيد بن سالم الأشهب

يوم السبت 29/5/2004 كتب الشيخ الدكتور محمد سليمان الأشقر مقالا في جريدة "الوطن" يفند فيه ادعاء البعض بأن الشرع الإسلامي يمنع مشاركة المرأة في الولاية باستنادهم الى حديث رواه الصحابي أبو بكرة رضي  الله عنه وأخرجه البخاري في صحيحه يقول "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة ولاية المرأة فهي موضوع خلاف والقائلون بجواز ولايتها أكثر بكثير من القائلين بمنعها، كما أن المسلمين الذين ولوا أمرهم امرأة أكثر بأضعاف كثيرة من الآخرين الذين يمنعونها ذلك·· وشيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي صرح بمنتهى الوضوح في جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 14/9/2002 بحق المرأة في تولي رئاسة الدولة·· وقد تولت المرأة فعلا رئاسة عدة دول إسلامية هي الباكستان وبنغلاديش وتركيا وأندونيسيا·· وإذا كان البعض في دول الخليج العربية يرفضون ولايتها فهم لا يمثلون نسبة تذكر من المسلمين في العالم، ولا يبقى لمقولتهم المكررة بإجماع الأمة على المنع أي معنى على وجه الإطلاق·· بل لا يشكلون ثقلا في العالم الإسلامي وأصبحوا على العكس مخالفين لإجماع الأمة·· وعليهم الرجوع الى الحق الذي هو فضيلة وترك المخالفة والعناد والاستناد الى التأويل والتحويل والتمويه والمراوغة·· فهم يفسرون الآيات والأحاديث ويلوونها ليا لتتماشى مع أهدافهم السياسية الدنيوية المصلحية، وما الدين عندهم إلا المطية والوسيلة، وقد سمعت أن وزيرا معارضا لولاية المرأة قال عن شيخ الأزهر طنطاوي إنه "مخرف" وإنه - أي الوزير - لا يعترف إلا بفتوى الأوقاف الكويتية التي تعارض الولاية بحجة أن الأزهر أصبح حكوميا·· ناسيا أن الأوقاف أيضا حكومية·

ولكن المهم لدينا في هذا المقال هو الطعن في حديث أبي بكرة المذكور سالفا، ذلك أن الشيخ الأشقر يقول إن راوي الحديث سبق أن قذف الصحابي المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بالزنى فجلده عمر بن الخطاب رضي الله عنه حد القذف ثمانين جلدة تطبيقا لحكم الله تبارك وتعالى الوارد في الآية الرابعة من سورة النور "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون" ثم أتبعها بالآية الثالثة عشرة من سورة النور "لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون"·

وقد أجابه الكاتب أحمد محمد الفهد في مقالين مطولين يوم الاثنين 31/5/2004 ويوم الأربعاء 2/6/2004·· وأجابه الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق يوم الثلاثاء 1/6/2004 في مقال ثالث، وكلها نشرت في جريدة "الوطن"·

الكاتب الأول أجابه برد غير مقنع·· وربما مضحك في إحدى نقاطه حيث أبدى أسفه لأن الشيخ نشر على العامة ما قاله في حق الصحابي أبي بكرة من قذف وإسقاط الشهادة!! عجيب·· فهو يقر ما قاله الشيخ ولكنه ينكر عليه إعلانه على العامة·· ثم يأتي برأي للبيهقي بأن هناك فرقا بين الشاهد والقاذف·· أما باقي الأقوال التي ذكرها في مقاليه فهي حشو لا فقه فيه ولا طائل منه ولا تنطبق على قاذف ولو كان من الصحابة·

أما الكاتب الثاني فقد أجاب برد أكثر غرابة وعدم إقناع·· بعد أن مدح الشيخ وقال بأنه أستاذه ومعلمه·· فيقول هذا الكاتب إن الصحابي أبا بكرة لم يكن عند نفسه قاذفا وإنما شاهد·· ولذلك هو لم يرجع عن شهادته ولم يتب عن قذفه للمغيرة·· كما يستنكر الكاتب إسقاط حديث أخرجه البخاري ويرى أن ذلك من باب قول ابن مسعود "اتقوا زيغة الحكيم"·

وبعد الاستعانة بالله سبحانه أرد على هذين الكاتبين بما يلي:

أولا: إن الاستناد الى قول البيهقي - كما يقول الكاتب الأول - بالفرق بين الشاهد والقاذف·· أو بأن يظن المرء بنفسه أنه شاهد لا قاذف - كما يقول الكاتب الثاني - هو أمر لا معول عليه من كل أبوابه الشرعية:

أ - فالشهادة بالزنى إن ثبتت كان صاحبها شاهدا·· وإن لم تثبت يصبح صاحبها قاذفا·· هذه قاعدة شرعية معروفة لا يجوز للكاتبين أن يحيدا عنها·

ب - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جلد أبا بكرة·· إنما جلده على القذف واعتبار الكاتبين أنه شاهد لا قاذف يعرض أشد التعريض بعمر رضي الله عنه وبدينه وعدالته وحكمه وذلك أخطر بمراحل من التعريض بأبي بكرة أو البخاري·· فهو طعن مباشر صريح في الدين ذاته والقرآن وأحكامه·· لا يجوز للكاتبين أن يتجرآ عليه مهما بلغا من علم أو شهرة·

ج - لو أن أبا بكرة كان شاهدا لا قاذفا لما ضاره عمر رضي الله عنه الذي يعرف القاعدة الشرعية "لا يضار كاتب أو شهيد"·· وهو من هو بدرجته عند الله ورسوله·· ولا يسعنا المقام الى ذكر مناقبه العظيمة·· وهذا دليل على أنه اعتبر أبا بكرة قاذفا لا شاهدا·

د - إن الآية الكريمة المذكورة أعلاه تنص نصا محكما صريحا واضحا بينا لا لبس فيه ولا تمويه بجلد القاذف وعدم قبول شهادته أبدا·· فهل يطلب الكاتبان إلغاء نص صريح في القرآن·· هكذا دون حرج؟! هل يريدان أخذ نصف الحكم وهو الجلد وترك النصف الثاني وهو عدم قبول الشهادة؟ فهما قد تجاوزا أيضا قاعدة شرعية ثالثة وهي "لا اجتهاد مع نص" فلا اعتبار إذن لأي اجتهاد أو إجماع يخالف نصوص القرآن، خاصة أن الآية عمت وشملت بشكل قاطع أن لا تقبل شهادتهم أبدا·· وكلمة أبدا هنا تعني الى أبد الآبدين وعلى الإطلاق·· ويجب رفض الشهادة حتى بعد عشرات القرون والى يوم القيامة بغض النظر عمن صححها أو قبلها من قبل أو الآن، فالآية الكريمة لم تستثن الصحابة أو غيرهم ولم تفرق بين أحد·· ولو كان للصحابة ميزة على الآخرين في الأحكام الشرعية لما جلد عمر رضي الله عنه هذا الصحابي وطبق عليه حكم الله·· ولما جلد الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي حسان بن ثابت على القذف في حديث الإفك·

ثانيا: إن استنكار الكاتب الأول إعلان ذلك على العامة يعني أن يعتقد بوجود رجال دين خاصة·· ورجال آخرين عامة·· أو أنه يخشى فضح أمر ما يعرفه الخاصة ويجب ستره عن العامة·· أمر يدعو الى الضحك، أما الكاتب الآخر فهو يستنكر إسقاط حديث أخرجه البخاري·· فالشيخ يقول قال الله تعالى والكاتب يعترض ويرد عليه قال البخاري·· فالله سبحانه يقول لا تقبلوا لهم شهادة أبدا وهو يقول إن البخاري قبلها وصححها·· فهو يرى إذن إسقاط آية في القرآن وإلغاء حكم صريح واضح حتى لا يسقط أو يعرض بما ورد في صحيح البخاري، والبخاري رحمه الله ليس نبيا وليس من الصحابة·· وإنما هو مجتهد مخلص جامع للأحاديث أثابه الله·· ولكنه يصيب ويخطئ كأي من البشر·· جمع الأحاديث بناء على معايير وشروط وضعها هو وآخرون من البشر منها الإسناد والجرح والتعديل وعلم الرجال وشروط المعاصرة والمقابلة في الرواية·· ولكنه يبقى من البشر غير المعصومين عن الخطأ·· ومن ينكر ذلك فإنه يرفعه الى مرتبة الإله أو على الأقل الأنبياء·· وأستغفر الله العظيم من قول عظيم، وأرد على هذين الكاتبين قول ابن مسعود "اتقوا زيغة الحكيم" إن كانا من ذوي الحكمة وأردد قول الله تعالى في سورة النور نفسها "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين"·

�����
   

تداول السلطة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
كرتون أم واقع؟:
سعاد المعجل
قراءة في معرض لجنة التآخي:
محمد جواد عبدالجاسم ü
السفر والإرهاب:
محمد بو شهري
أنا أهم شيء في هذا الوجود:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
عندما يغيب القانون!:
فهد راشد المطيري
تجديد الخطاب!:
عامر ذياب التميمي
أم الهيمان وشركة إيكويت:
المحامي نايف بدر العتيبي
الإرهاب الآثم:
يحيى الربيعان
رأي في الجدل الدائر حول حديث "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة":
زيد بن سالم الأشهب
زيادة الرواتب:
عبدالخالق ملا جمعة
حقا المشاركة السياسية وتوريث الجنسية للمرأة:
د. جلال محمد آل رشيد
"العنف" أصل متجذر:
عبدالله عيسى الموسوي
انتصار الرياضة العراقية:
حميد المالكي
الحوار الفلسطيني الداخلي:
رضي السماك