رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الآخر 1425هـ - 9 يونيو 2004
العدد 1631

تجديد الخطاب!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

ماذا نعني بتجديد الخطاب؟ هل نعني بذلك الخطاب السياسي أو الخطاب الثقافي أو مقومات الفكر بكل طروحاته؟ إن المطلوب هو التوقف أمام الأزمة الحضارية التي يعاني منها العرب في جميع أقطارهم والتي تتجلى بخطاب المثقفين في المحافل والندوات والمقالات والكتب والأعمال السينمائية، وكذلك التوقف أمام الأزمات المجتمعية الناتجة عن التخلف وتعطل القدرات الذهنية وتوقف الإبداع وهيمنة القيم التراثية التي لا يمكن أن تخلق مجتمعات منتجة وذات قدرة على الإبداع·· هذه الأزمة التي يعاني منها العرب لا يمكن أن نحيلها على الآخرين مثل المستعمرين والصهيونية، كما يحلو لعدد من القادات العرب والمفكرين أن يطرحوا عندما نواجه بمشكلات أو أزمات أو اضطرابات أو اختلالات أمنية، الأزمة هي نتاج نمط حياتي ومعتقدات ثقافية وتراثية دعمت الفكر الانعزالي والعدمية ومعاداة معتقدات وأنماط الحياة لدى الآخرين·· وبالرغم من استهلاكنا لمنتجات الدول المتقدمة ومحاولة نسخ وسائل الحضارة الغربية وتطوير القدرات الإنتاجية ومعالجة المشكلات والمعضلات من خلال تعزيز الفكر الحر والتعددية الفكرية والسياسية·

وقد أثرت مؤخرا من خلال حوار مع عدد محدود من الأصدقاء مسألة تجديد الخطاب السياسي العربي بما يتلاءم مع هذه المرحلة التي نعيشها والتي تعج بالتحديات المطروحة علينا كعرب·· وأثار عدد من هؤلاء الأصدقاء مكونات الخطاب السياسي العربي على مدى الخمسين عاما الماضية مثل مسألة الصراع العربي الإسرائىلي وقضية الوحدة العربية وأشاروا إلى أن مسألة الصراع بين العرب والإسرائىليين اتخذت طابعا دوماغوجيا، وليس هناك من داع لإثارة مسائل مثل عدم قبول قرار التقسيم أو التهور في دخول حروب غير متكافئة ودون إعداد سياسي وعسكري وهيمنة المزاجية في اتخاذ القرارات منذ بداية الصراع وحتى يومنا هذا من الصحيح القول إن العرب قد جنحوا لمواجهة الأمور بأساليب مختلفة بعد حرب 1976 والتي ألحقت هزيمة مريرة للخطاب القومي بالعربي وأوجدت مناخا لنمو الحركة الأصولية، لكن هل تمكن العرب من الاستفادة من فرص تاريخية أتيحت لهم لإنهاء الصراع بشرف الانتقال بعد ذلك لمواجهة متطلبات التنمية والتحضر وبناء مجتمعات تستطيع أن تضاهي مجتمعات أخرى في دول نامية تمكنت من مواجهة تحديات التنمية مثل ما حدث في عدد من بلدان آسيا الشرقية، على سبيل المثال؟ أما مسألة الوحدة العربية والتي توجت بالوحدة المصرية السورية في عام 1958 ثم انتهت بالانفصال عام 1961، هذه المسألة أيضا، خضعت للمزاجية وسوء الإدارة لدرجة أهملت العناصر الأساسية التي يمكن أن تكون أسسا صحيحة لبناء وحدوي قابل للديمومة·· لم يتمكن العرب من تطوير علاقات اقتصادية تمكن تكريس مصالح مشتركة بين الشعوب وتعزيز تواصلهم المصلحي·· لقد تمكن الأوروبيون وهم شعوب وأمم مختلفة من العمل بتأن، وهم مازالوا يعملون، من أجل بناء صرح وحدوي يؤكد المصالح بينهم ويقويها ولا يهدد مكاسب ومزايا تتمتع بها أي من الشعوب الأوروبية، بل إن الدول الآن تحاول أن تلتحق بالاتحاد الأوروبي وتبذل الجهود وتستعطف الدول الرئيسية في هذا الاتحاد من أجل أن تحظى بالعضوية·· لكن هذا البناء الشامخ والذي عمل الأوروبيون على تشييده خلال خمسة عقود من الزمن وضع شروطا والتزامات على الأعضاء لابد من قبولها قبل الانخراط في العضوية·· لكن هل كان العرب قادرين على تحقيق نمـــوذج مشابه في ظـــل أنظـــمة حكـــم غـــير ديمقراطية ولا تمثــل شعوبها بشكل شرعي والكثير منها جاء إلى الحكم بعد انقلابات عسكرية فوقية؟

إن ما هو مطلوب من القوى الديمقراطية أن تطرح خطابا سياسيا وثقافيا مع قيم الحضارة الإنسانية الجديدة ويعزز الطروحات المتسامحة مع الفكر الآخر ويؤكد أحقية الإنسان في التفكير الحر والإبداع، هل تتمكن هذه القوى والتجمعات في الدول العربية من أن تصبح فعلا أدوات تغيير ديمقراطية غير مزيفة وتجتهد في ميادين الثقافة والفكر والسياسة لبناء مجتمعات حية غير مغيبة حضاريا؟ هذه التساؤلات وتداولها والتعامل معها سوف يكشف لنا المدى الذي نستطيع به أن نقطع مسافة في طريق التحضر والتمدن والانعتاق من فكر الانغلاق والعزلة·· ولا شك أن المقصود بهذا التحدي هو كل القوى التي انخرطت في العمل السياسي منذ بداية عهود الاستقلال مثل الحركات قومية وحركات اليسار والتيارات الإسلامية المعتدلة وأصحاب الرأي المستقلين·· هؤلاء جميعا لابد أن يراجعوا الكثير من القيم والمواقف من أجل التحرر من الاستبداد الفكر والانغلاق الإيديولوجي والتوجس من الآخرين، وكذلك عليهم أن يعملوا لمواجهة التيارات المعادية للحضارة والتقدم في مجتمعاتنا من جانب آخر إن أي خطاب سياسي جديد يجب أن يتعمق من خلال توسيع قاعدة المشاركة السياسية وأجواء الديمقراطية النشطة وتوفير مناخ الحريات الثقافية والفكرية·

إن التضحيات والآلام التي قدمها وعاناها المثقفون في الكثير من البلدان العربية لا يمكن أن تعوض دون تحقيق تقدم حقيقي تستفيد منه شعوب المنطقة، هذا التقدم يعتمد على رؤية جديدة تأخذ بنظر الاعتبار حقائق الحياة كما هي وتعمل على تجاوزها من خلال العمل الدؤوب والصبور واعتماد أساليب ناجعة في مواجهة المعضلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لا يمكن أن تتحقق الأهداف دون جعل الشعوب أطرافا فيها حيث إن المحاولات الفوقية قد باءت بالفشل كما أن تجاوز القدرات لن يجني سوى الهزيمة كذلك لا يجوز لأي طرف أن يتعامل بنزق مع طروحات الآخرين أو محاولة التسفيه حيث إن قوة أي خطاب ثقافي أو سياسي تعتمد على قدرته على التفاعل مع الطروحات الأخرى دون توجس أو إلغاء·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

تداول السلطة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
كرتون أم واقع؟:
سعاد المعجل
قراءة في معرض لجنة التآخي:
محمد جواد عبدالجاسم ü
السفر والإرهاب:
محمد بو شهري
أنا أهم شيء في هذا الوجود:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
عندما يغيب القانون!:
فهد راشد المطيري
تجديد الخطاب!:
عامر ذياب التميمي
أم الهيمان وشركة إيكويت:
المحامي نايف بدر العتيبي
الإرهاب الآثم:
يحيى الربيعان
رأي في الجدل الدائر حول حديث "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة":
زيد بن سالم الأشهب
زيادة الرواتب:
عبدالخالق ملا جمعة
حقا المشاركة السياسية وتوريث الجنسية للمرأة:
د. جلال محمد آل رشيد
"العنف" أصل متجذر:
عبدالله عيسى الموسوي
انتصار الرياضة العراقية:
حميد المالكي
الحوار الفلسطيني الداخلي:
رضي السماك