يحق للمراقب لما جرى في مخيم رفح من تدمير هائل وانتهاك للقانون الدولي والأعراف الإنسانية أن يتساءل: هل العنف أصل متجذر في العقلية الصهيونية خصوصا أنها تمارسه بصورة يومية بحق الفلسطينيين منذ قيام دولة "إسرائيل"؟!!
يجيب عن هذا السؤال "حزقيل يوسي" الباحث الصهيوني المتخصص في علم المجتمعات الحديثة الذي يرى أن الجريمة والعنف متأصلان في المجتمع الإسرائيلي، حيث يقول في دراسة قيمة نشرت مؤخرا: "يقف خلف هذا الواقع أسباب كثيرة أهمها يتمثل في أن الطفل الإسرائيلي يتربى على مصطلحات ومفاهيم تعتبر "أبقار مقدسة" للدولة العبرية تعتمد أساسا على العنف من قبيل: الأمن، الجيش، الأعداء، حرب البقاء، وما إلى ذلك"·
وبرأيي، إن هذه المصطلحات التي ترافق الأطفال منذ بداية تعليمهم إلى وصولهم لسن الخدمة العسكرية التي يمارسون فيها معتقداتهم الإرهابية بحق المدنيين وفق تعليمات واضحة من قادتهم وعقيدة تربوا عليها منذ الصغر·
وعليه، فإننا لا نستغرب قيام أحد الضباط المسؤولين عن عملية تدمير مخيم "رفح" بالتصريح - بكل سعادة - لصحيفة "هآرتس" العبرية بعد انتهاء العمليات: "لقد تصرفنا في رفح كالثور الهائج"·
إزاء هذه الحالة الشاذة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي، نتساءل هل يمكن للسلام أن يشق طريقه وسط هذه العداءات والعقلية التي تتجذر فيها أعنف أنواع الإرهاب؟
يجيب عن هذا التساؤل الكم الهائل من التنازلات العربية التي قدمت بدءا من مؤتمر مدريد وحتى قمة تونس الأخيرة التي تنازلت عن ثوابت كثيرة في الصراع العربي - الإسرائيلي وعلى رأسها حق مقاومة المحتل وهو حق كفله القانون الدولي واتفاقيات جنيف ليأتي القادة العرب ويتنازلون عنه بسهولة وفي المقابل، فإن الطرف الصهيوني يزداد غطرسة وعنفا بعد كل تنازل عربي جديد·
إن كرامة مدينة القدس المباركة وآثارها الإسلامية والمسيحية ليست مجالا للتفاوض أو التنازل حتى لو تخلى قادة فلسطين عن هذه الحقوق المشروعة، فإننا وكل الشرفاء في العالم لن نقبل بالتنازل عن حقوقنا الشرعية والقانونية والعقلية في فلسطين التاريخية، من البحر إلى النهر وكفانا الله العلي القدير ناصرا ومعينا وسندا·
abdullah.m@taleea.com |