رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 جمادى الأول 1425هـ - 30 يونيو 2004
العدد 1634

مشروع خطير لتقسيم العراق!
أ•د•عبدالمالك خلف التميمي

نشرت مجلة نيوزويك - النسخة العربية - في عددها الصادر في 22 يونيو 2004 مقالا بعنوان "إعادة رسم الخريطة" وعنوان فرعي يقول "من أجل سلام يدوم في الشرق الأوسط يجب تقسيم العراق الى ثلاث دول"، والمقال بقلم الكولونيل مايك تيريز وهو ضابط متقاعد كان مساعدا لشوارتزكوف ومقره في الرياض في النصف الأول من تسعينات القرن العشرين·

نستعرض أهم ما جاء في المقال ثم نقوم بتحليله·

"وحتى الآن فإننا نفترض مقدما إعادة تشكيل العراق كدولة ديمقراطية واحدة داخل حدودها التي فرضها البريطانيون عام 1918 غير أن ذلك بصراحة مهمة مستحيلة·· إن الفرصة الحقيقية التي أمامنا بعد خلع صدام حسين هي أن نسمح بإقامة ثلاث دول تضم ما نطلق عليه العراق الحديث، أي دولة للأكراد، ودولة للسنة، ودولة للشيعة، فماذا لو بدلا من فرض مفهومنا الغربي في إقامة عراق حديث احتضنا مفهوما عمليا يتناسب أكثر مع الأوضاع الإقليمية يقضي بإقامة ثلاث دول منفصلة، إن الأتراك سيسعدهم تماما أن يقيموا دولة كردستان المستقلة في الشمال، أما الأكراد فلن يسعدهم ذلك وعلينا نشر قوة أمن أمريكية عبر فجوة ضيقة في الشمال تمتد من تركيا الى شمال العراق وأن ذلك سيكون سهلا نسبيا فتركيا لن تخاطر بوضعها في حلف الأطلسي بمهاجمة القوات الأمريكية التي ستقوم بحماية الدولة الكردية الجديدة، ويمكن للسنة في وسط العراق أن يحكموا بغداد ويمكن بسهولة أن تسندها قوات أمن دولية صغيرة تابعة للأمم المتحدة لا تشترك فيها القوات الأمريكية، وماذا عن الشيعة؟ إنهم على الأرجح سيتحالفون مع إيران، إن دولة شيعية صغيرة على جزء من العراق (جنوب العراق) تتحالف مع إيران لن تؤثر كثيرا في موازين القوى في المنطقة لاسيما مع ازدهار دولة كردية في الشمال على الحدود الإيرانية أيضا، إن هذا الترتيب قد يذهب بعيدا فكبح جماح العناصر الشيعية الأكثر تطرفا في الجنوب، سيمكننا أن نقصر مهمتنا العسكرية على مساندة شعب واحد يرحب بنا وهم الأكراد، دول ذات هدف سياسي قابل للتحقيق، وهدف عسكري محدود في الشمال، وخطة خروج سهلة من العراق، وضمان حقيقي للتأييد الدولي، إنه حل بسيط مذهل"· الآن بعد أن استعرضنا أهم ما جاء في المقال لا بد من تحليله ومعرفة مدى خطورة مثل هذه الأفكار (الخطة)·

ما الخلفية التاريخية لمثل هذه الخطة أو الأفكار؟ في نهاية السبعينيات من القرن العشرين نشرت خطة إسرائيلية لتقسيم عدد من الدول العربية الرئيسية على أساس عرقي وطائفي وضعها بروفسور أود الأستاذ في الجامعة العبرية في إسرائيل وتبنتها الدولة الصهيونية ترجمها ونشرها باللغة الإنجليزية إسرائيل شاهاك وهو يهودي من أنصار السلام بين العرب واليهود، ونشرناها باللغة العربية في كتابنا "الاستيطان الأجنبي في الوطن العربي" الذي صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة في نوفمبر 1983، وتضمنت الخطة تقسيما للدول العربية على أساس عرقي وطائفي·

إن فكرة تقسيم كل دولة كبيرة ورئيسية في المشرق العربي الى دول صغيرة عدة هي مشروع إسرائيلي مدعوم من الأمريكان والهدف قيام دول صغيرة ضعيفة في المنطقة تساعد إسرائيل على التعايش في المنطقة من دون خوف من جهة، ولتكون إسرائيل بإمكاناتها هي الدولة الكبرى فيها، وهذا المقترح من وجهة نظر صهيونية يعد حلا استراتيجيا لأمن إسرائيل في المستقبل·

والخطة "الفكرة" التي نحن بصدد مناقشتها والتي عبر عنها المقال الذي ذكرنا تلخيصا له أعلاه للكولونيل مايك تيريز تقع ضمن تلك الأهداف التي يروج لها كلما سنحت الفرصة وفي فترات تدهور الوضع العربي، إن التجارب التاريخية ليست بعيدة عن ذهن هؤلاء المخططين والمفكرين الإسرائيليين فإن الدول التي قامت على أساس طائفي وعرقي قامت على أرضية الصراع فيما بينها ثم قضت على بعضها وانتهت كما يكسر الفخار بعضه بعضا فأين إمارات الأندلس الإسلامية؟ وأين إمارات شبه القارة الهندية الإسلامية؟ وغيرها والتي انتعشت في العصور الوسطى وبداية العصر الحديث؟·

إن الذي يجعل الدول الصغيرة اليوم متماسكة ومستمرة عاملان: الأول، لعبة التوازن الدولي، والى حد ما القانون الدولي ثم الوضع الاقتصادي وبخاصة النفط لكن لا نعرف ماذا سيحدث في المستقبل، إن البعض قد يفسر ما ذهبنا إليه على أننا نفسر الأمور انطلاقا من نظرية المؤامرة، ماذا يمكن أن نسمي طرح مثل هذه الخطة حول العراق في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العراق بعد سقوط نظام حكم الديكتاتور صدام حسين؟ وهل يمكن تفسير ذلك على أنه مجرد مقال في مجلة، أو في إطار وجهة النظر؟!

إن كثيرا من الأفكار الاستراتيجية والخطيرة التي نفذت على أرض الواقع قد بدأت هكذا، فمشروع الوطن القومي لليهود في فلسطين طرح في بداية القرن العشرين بعد المؤتمر الصهيوني الأول كفكرة ثم تطورت الى حركة ثم إلى حركة فدولة على حساب شعب عربي هو صاحب الأرض، إن الحدث التاريخي في أي مرحلة له من يصنعه، كما له من يستفيد منه بطريق مباشر أو غير مباشر وفيه الخاسرون، فإسقاط النظام الديكتاتوري في العراق لا شك قد حقق أهدافا لجهات كثيرة في المنطقة وخارجها، فالولايات المتحدة لها أهدافها ومصالحها وأجندتها في منطقة الشرق الأوسط مثل النفط والتجارة والنفوذ السياسي وحماية إسرائيل، والشعب العراقي له أهدافه ومصلحته الوطنية في الخلاص من ذلك النظام الفاشي والفاسد وإعادة بناء بلده، ودول الحوار الجغرافي للعراق لها كذلك أهدافها من سقوط ذلك النظام أساسها أمنها الوطني، وإسرائيل ليست بعيدة عن مثل هذه التطورات فلها أهدافها من سقوط ذلك النظام بحيث يأتي نظام لا يشكل خطرا عليها من جهة وتستطيع التعايش معه من جهة أخرى كذلك إن وضعا يجعل العراق في صراع داخلي يستنزف قدراته يسرها ويحقق أهدافها على المدى البعيد·

إن الهدف تقسيم الدول العربية الرئيسية على أساس عرقي وطائفي ويريدون العراق نموذجا لذلك التقسيم ليصمم على دول عربية أخرى، مثل مصر والسعودية وغيرهما، الموضوع في غاية الخطورة فهم يتحركون في فترة اضمحلال وتفكك الوضع العربي، ولا سبيل الى جيل جديد وتنوير جديد وفكر متجدد يضع ملامح مشروع للنهضة·

وقد يبدو لنا اليوم أن مثل مشروع تقسيم دول عربية معينة على أساس عرقي وطائفي مستحيلة التحقيق في المستقبل لكن التاريخ علمنا أن ذلك صعب لكنه ليس مستحيلا، فيا أيها المثقفون العرب انتبهوا·

�����
   
�������   ������ �����
 

ديمقراطية جابر المبارك:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
خطوط حمراء:
زيد بن سالم الأشهب
الإصلاحان اللذان لا ينفصمان!:
د·أحمد سامي المنيس
الشيخ محمد عبدالله المبارك
·· لا تلوموني فيه!!:
عبداللطيف الدعيج
حلقات الذكر وحلقات الفكر(3):
فهد راشد المطيري
البدون بنظرة عادلة:
المحامي نايف بدر العتيبي
لا تقرأ هذا المقال بعد السفر(1):
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
قصة الدوائر والإصلاح!:
عامر ذياب التميمي
سياسات عربية عمياء:
عويشة القحطاني
مشروع خطير لتقسيم العراق!:
أ•د•عبدالمالك خلف التميمي
الحكومة ونوابها·· مَن "يستعرّ" ممن؟:
د. جلال محمد آل رشيد
"عرفات" واللعب المزدوج:
عبدالله عيسى الموسوي
هل ينوي مجلسنا أن يحل نفسه بنفسه؟!:
عبدالخالق ملا جمعة
الوحدة وتسليم السلطة في العراق:
حميد المالكي
قمة "الثماني" والإصلاح العربي:
رضي السماك