حاصل جمع إخفاقات السلطة، في ملفات الفساد، والتمييز، والتجنيس والبطالة والأمن، يعادل بالضبط حاصل إخفاق المعارضة في هذه الملفات، ويوفر في نهاية اليوم بيئة صالحة للوصول بالشأن السياسي ذروة شبيهة بالذروة التي تفجرت عندها الأمور في منتصف التسعينات وكلفت البحرين إضافة الى ما نعرف من خسارة في المال والأرواح والقيم التي عبث بها بعض الفاسدين في أجهزة الأمن، كلفتها ما ندفعه اليوم من تسيد خطاب مزايد يدور حول نفسه في أوساط المعارضة، ويصل أحيانا مستويات سوقية تتيح لأي "دلال" مزايد أن يتسيد على منافذ الخطاب، ومراكز القرار في جمعياتنا السياسية·
صحيح أن هامش المناورة في يد السلطة اليوم هو أكبر مما كان في تلك الأيام، لكن الصحيح أيضا أنه نصيب مقضوم من نصيب المعارضة وليس تحصيلا مستحقا بكفاءة، فالغالبية الأعظم من العلمانيين والليبراليين، الذين يمثلون المزاج الحقيقي للمجتمع وطلائعه المؤهلة لعمل سياسي خال من أدران الأيديولوجيا الدينية والحزبية والطائفية غير المستجيبة لشروط الزمن، هي اليوم خارج حراك "السلطة المعارضة" وتقف على الحياد في أحسن الأحوال، متفرجة على لاعبين يمارسان السياسة بعقلية فرجان أول، حيث يتم التراشق بالكلام في أي مناسبة حتى تلك التي يصبحون فيها على خير، ثم يمسون على شيء آخر، وليس حالنا اليوم في مناسبة ما يسمى بالحوار بين الجمعيات والسلطة "ممثلة في وزير العمل" سوى إنموذج صارخ لهذه النزعة (الفرجانية)، فالمعارضة التي تصف الحكومة بأنها تتصرف بعقلية متخلفة ثلاثمئة سنة لمجرد اعتراض السلطة على إقامة المعارضة لندوات أو لقاءات تلفزيونية في الخارج "راجع خطبة لحسن مشيمع"، وتسمعنا ملاحم عن ضرورات الشفافية في الحوار وفتح أجهزة الإعلام، هذه المعارضة ما تلبث بعد أيام أن تنقلب على نفسها، فتصور مقابلة تلفزيونية "لوزير العمل" يتحدث فيها عن وقائع ما يسمى بالحوار الوطني، تصورها شيئا خارجا على الأعراف ومحاولة لإجهاض الحوار، ويتم هذا بالمبررات الفوقية نفسها التي تتداولها السلطة، ومن أمثلة هذا، ما ساقه الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق في خطبة الجمعة الأخيرة التي انتقد فيها ضمنا ظهور الوزير العلوي على شاشة إحدى الفضائيات، ودعوته، "أي الشيخ علي سلمان" للجمهور أن يتفهم عدم كشف تفاصيل الحوار(!!)·· ضاربا بهذا، كما يفعل غيره من كتاب جمعيات المعارضة وحرسها، عرض الحائط ليس بأغنية الشفافية الأثيرة لدى المعارضة، ولكن بمعنى الحوار الوطني المطلوب، الذي تتنافس على وأده السلطة والمعارضة التي هي اليوم عكس توهم بعض الضالعين فيها "ضلوع الكسيرة وما ترك السبع" أكثر عزلة عن الناس من أي يوم مضى وأقل حولا وقوة، بدليل "إضافي"، هو بحث التجار عن دور سياسي لهم في جمعية سياسية أو لوبي داخل المجلس النيابي، فهذا دليل يضاف للأدلة القديمة الجديدة الدامغة، التي نحصي منها على عجل: تفكك جمعية عبدالله هاشم، عجز الوفاق عن استقطاب غير الشيعة، ضياع برنامج سياسي واضح لجمعية المنبر التقدمي، عشق جمعية العمل العلمانية ونومها مطمئنة في فراش الوفاق التي تمثل أغلبية، صح! لكن قرارها، وقرار من يحالفها في كف رجل واحد!
alhewar@yahoogroups.com |