لا يمكن للمراقب المنصف للأحداث في فلسطين المحتلة إلا أن يقف جليا أمام عمليات المقاومة النوعية التي شكلت عودة لمبدأ "توازن الرعب" بين أبطال الانتفاضة من جهة وجيش العدو الصهيوني من جهة أخرى·
ولقد حققت هذه العمليات الكثير من أهدافها النفسية والمادية والمعنوية في كلا الجانبين وإن كانت نتائجها في الشارع الإسرائيلي مؤلمة، نظرا لاعتقاد البعض بأن المقاومة قد بدأت في التآكل الداخلي بعد سلسلة العمليات التي استهدفت قادتها·
وتعتبر عملية تفجير نفق تحت موقع عسكري صهيوني في مدينة خان يونس من العمليات النوعية نظرا لحساسية الموقع وقدرة منفذي العملية على العودة بسلام بعد تنفيذها بالرغم من أن المنطقة تعتبر من أشد المناطق تحصينا وأمنا في الجانب الصهيوني·
كما استطاعت هذه العملية التأكيد للعالم أجمع بأن الرد على جرائم اغتيال قادة حركات المقاومة قادم بصورة قاسية، حيث أكد أحد قادة حركة حماس بأن الحكمة تكون في الرد النوعي وليس الكمي، وقد حققت عملية خان يونس الأهداف المرجوة منها كاملة·
وزاد من تعزيز مبدأ "توازن الرعب" استمرار القصف الصاروخي على المدن الإسرائيلية، حيث سقط خلال الأسبوعين السابقين أكثر من 40 صاروخا من طراز القسام، أسفرت عن قتل ثلاثة مستوطنين وجرح 18 آخرين·
صحيح أن هذه الصواريخ بدائية، وتفتقر للتكنولوجيا الحديثة، إلا أنها قد أدخلت الرعب في قلوب الصهاينة الذين باتوا من دون وسائل حماية أو دفاع بالرغم من وجود السور الواقي ووسائل الحماية المتطورة الأخرى، ويكفي للدلالة على حالة الرعب ما صرح به أحد القادة العسكريين من أنه يتخوف أن تتحول المدن الإسرائيلية الى "كريات شمونة" جديدة في تذكير للمدينة التي أصابها الكثير من صواريخ "حزب الله" إبان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، ولعل سقوط أحد صواريخ القسام بمقربة من مزرعة رئيس الوزراء الصهيوني وهو بداخلها يعطي دلالة لحالة الرعب التي أصابت الإرهابي الأول نفسه·
لقد استطاعت المقاومة إعادة "توازن الرعب" للساحة من جديد، فهنيئا لها ذلك في زمن لا يعترف بغير الأقوياء ومبدأ "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"·
abdullah.m@taleea.com |