فيما يثور جدل بين القانونيين العراقيين حول شرعية محاكمة صدام، أبدى %80 من الشعب العراقي تأييدهم لإجراءات حكومة علاوي الأمنية، إذ لقيت الإجراءات الأخيرة المتمثلة بانتشار دوريات قوى الأمن والحرس الوطني في المدن العراقية وعلى الأخص مدينة بغداد ارتياحا من غالبية من أجريت عليهم استطلاع للرأي بإشراف جامعة بغداد، فالمواطن العراقي أشد ما يعاني من الانفلات الأمي المتمثل في كثرة "السلابة" أو "النهابة" بالمصطلح المحلي، فلئن كانت العمليات التي يشنها أزلام النظام البائد بالتعاون مع العناصر الأجنبية توقع خسائر فادحة بأرواح العراقيين وممتلكاتهم فضلا عن ترويعهم، فإن ذلك لا يعني شيئا إذا ما قورن بعمليات الخطف والقتل والسطو المسلح والسرقة التي انتشرت في المدن العراقية تحديدا بعد زوال النظام السابق، وتبث قناتا الشرقية والعراقية في الآونة الأخيرة صورا لأفراد عصابات يتم القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية، مما يعد نجاحا لها، وتقوم الأجهزة الأمنية حاليا بعمليات استباقية تنجم عنها معارك شوارع طاحنة كالتي جرت في الأسبوع الماضي في شارع حيفا ببغداد، ولا شك أن نجاح حكومة علاوي في توطيد الأمن واستتبابه سيعجل من عملية إعادة الإعمار التي طال انتظار العراقيين لها•
وتترافق مع العملية الأمنية عملية سياسية تتمثل في خطب ود عناصر المقاومة الشريفة والعناصر البعثية من الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين، وهذه السياسة بلا شك ستقلص دائرة الفعل والتأييد للعناصر المناوئة للنظام الجديد، وهذا واضح من المحاولات المستميتة لهذه العناصر باغتيال الشخصيات التي تتعامل مع العهد الجديد أو باختطاف العاملين الأجانب وذلك لإفشال عملية البناء وإعادة التعمير·
والعراقيون على موعد مع الانتخابات العامة التي ستجرى في أوائل العام المقبل، ويجري حاليا اتخاذ إجراءات التعداد السكاني العام وتحديد الدوائر ووضع قانون الانتخاب، وهذه موضوعات حساسة في ظل التوازنات الطائفية والقومية، لكن من دون تلك الإجراءات فضلا عن استتباب الأمن لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة تعبر عن إرادة الشعب العراقي الحقيقية·
ويبقى موقف دول الجوار موقفا حاسما لاستقرار العراق الأمر الذي يدعو علاوي للقيام بزيارة تلك الدول علما بأن الحكومة العراقية قد كشفت أسماء 29 من المقاتلين الأجانب معظمهم ينتمون الى دول الجوار، على أنه لا بد للحكومة الجديدة أن تطمئن الأنظمة المجاورة وبالذات إيران وسورية بأن العراق الجديد لن يكون قاعدة لإيذاء تلك الدول·
عمل كثير ينتظر العراقيين ودماء أكثر ستراق الى أن يصل العراق الى بر الأمان بتشكيل نظام ديمقراطي تعددي اتحادي·
alyusefi@taleea.com
|