رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 جمادى الأولى 1425هـ - 14 يوليو 2004
العدد 1636

عودة إلى اليمن!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

قمت خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو (حزيران) الماضي بزيارة إلى اليمن والتي لم أزرها منذ أخر زيارة عمل لي هناك عام 1979، ولا شك أنني وجدت تغييرات مهمة في اليمن، وخصوصا صنعاء التي اختصرت زيارتي الأخيرة عليها·· يبلغ عدد سكان اليمن في الوقت الحاضر ما يربو على العشرين  مليون نسمة، وهي الآن تضم الشطرين الشمالي والجنوبي، وكما يتضح من الملامح البشرية آن غالبية السكان، كما هو الحال في البلدان العربية والدول النامية  الأخرى، هم من الشباب دون سن الثلاثين، وما دمت أتطرق لأمور البشر فإنني لاحظت ظاهرة لم تكن موجودة في السبعينات من القرن الماضي، وقد بدأت أزور اليمن منذ عام 1974،  الظاهرة هي مظهر المرأة، خلال سنوات السبعينات كنا نرى المرأة تلبس الملابس الملونة الزاهية سواء كانت في طرقات مدينة صنعاء أو في أرياف  "تعز" لكنني في الزيارة الأخيرة وفي عام 2004- أي في القرن الحادي والعشرين - رأيت المرأة مغلفة بالسواد وهي تتنقب، وقد استغربت من هذ الظاهرة الجديدة إلا أن أحد الأصدقاء في اليمن ذكر لي بأن هذه الظاهرة مستوردة  وهي بدأت في الظهور بعد الغزو العراقي للكويت وبعد اضطرار مئات الآلاف من اليمنيين للعودة إلى اليمن من السعودية، وبقية دول الخليج·· لا يعني ذلك أن لباس المرأة في سنوات السبعينات من القرن الماضي لم يكن محتشما بل كان كذلك لكنه لم يقضي على مظهرها وعلى شخصيتها·

 بالرغم مما سبق ذكره فإن التطورات السياسية في اليمن لا تخلو من إيجابيات كثيرة، بعد أن تحققت الوحدة اليمنية ومعاناة الحرب بين الشمال والجنوب اعتمد النظام اليمني الديموقراطية والإنتخابات لتمثيل مختلف التيارات السياسية هناك، ويتمثل الآ ن في البرلمان اليمني عدد من الأحزاب·· من الصحيح الزعم بأن اليمن لا تختلف عن بقية الدول العربية والتي تعتمد الإنتخابات فهي لا تزال تحكم من قبل حزب المؤتمر وهناك تهميش لتمثيل الأحزاب الأخرى مثل حزب الإصلاح أو الحزب الإشتراكي، وليس هناك تداول للسلطة السياسية، كما أن الرئاسة مستقرة منذ زمن سحيق، كل هذه الحقائق لا تعني عدم حيوية المجتمع  السياسي في اليمن، فكما هو معلوم أن التنوع الجغرافي والخلفيات الثقافية لليمنيين وتباين تجارب السياسيين في الشمال والجنوب قد تدفع نحو خلق تعددية سياسية مهمة خلال  السنوات القادمة، ولابد أن يكون القاسم المشترك بين المثقفين اليمنيين في الوقت الحاضر هو كيفية تطوير هذا النظام السياسي ليصبح ديموقراطيا بمعنى الكلمة وتعزيز دور مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بحيث تتمكن من المساهمة في صياغة برامج التنمية الاقتصادية في البلاد·

إن من أهم المظاهر التي يمكن أن يراها المرء في شوارع صنعاء  تفشي الفقر الذي ينتج عن انخفاض فرص العمل وارتفاع معدلات النمو السكاني، هذه المعادلة الصعبة التي تواجه التنمية الاقتصادية في الكثير من البلدان العربية والنامية لا يمكن لحكومة اليمن من مواجهتها من دون الاستعانة بالمعونات العربية، والخليجية أساسا والدولية، فكما هو معلوم أن الإمكانات الاقتصادية الذاتية لليمن لا تزال محدودة، وربما راهن اليمنيون على البترول إلا أن الحقائق الدامغة تؤكد بأن المسألة تتطلب وقتا قبل أن يكون البترول أهم مصدر للإيرادات السيادية، من جانب آخر، لا يزال "القات" من أهم الظواهر السلبية التي تعطل عملية التنمية في البلاد حيث قام المزارعون بزراعة شجر "القات" بدلا من البن، والذي كان من السلع المصدرة إلى الخارج، يضاف إلى ذلك أن استهلاك "القات" بدرجة كبيرة من قبل أهل اليمن لابد أ يقضي على قدرات وطاقات إنتاجية هامة ويعطل النشاط الاقتصادي لفترات زمنية طويلة، ولا أعلم كيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة في بلد يستمتع معظم الناس بما فيهم المسؤولون بالتخزين، ولحسن حظ أهل اليمن أن "القات" منبه وليس بمخدر، كما أنهم يستطيعون الاستغناء عنه، حيث أنه لا يدفع إلى الإدمان، عندما يغادرون اليمن، لكن ذلك لا يعني أن الأمر لا يستدعي المعالجة واكتشاف سبل  للقضاء على هذه الظاهرة غير التنموية·

 هناك مظاهر تستدعي الملاحظة في الحياة اليمنية المعاصرة وأهمها نشاط القطاع الخاص ودوره المتنامي في العمل الاقتصادي، كما هو معلوم أن اليمنيين من الشعوب التي نشطت بالتجارة وأبدع هؤلاء  في بلدان المهجر، خصوصا أّهالي حضرموت وعدن، ويتذكر الكويتيون وغيرهم من الخليجيين أن اليمنيين الذين عملوا في بلدان المنطقة كانوا من أنشط العرب الذين وفدوا إليها وكانوا من أحرص الناس على مصالح الذين عملوا معهم أو شاركوهم في الأعمال، ويبدو أن القطاع الخاص اليمني قد استثمر أموالاً هامة في قطاع العقار في صنعاء حيث يلاحظ المرء ارتفاع الكثير من العمارات السكنية ومباني المكاتب والمتاجر والفنادق، كذلك ارتفعت أسعار الأراضي لدرجة كبيرة حيث أن الأرض التي كان سعر المتر المربع فيها قبل 25 سنة يساوي دولارا أصبح الآن يساوي خمسين دولارا، كذلك فإن مظاهر الحياة العصرية أصبحت حاضرة بدليل الاستخدام الواسع لشبكات الهاتف النقال وانتشار أجهزة تلك الهواتف، وغير ذلك من المظاهر الاستهلاكية·

 أخيرا لا يبدو أن اليمن قد تعافت بعد من مظاهر العنف والإرهاب والدليل على ذلك وجود جيوب للمتطرفين الإسلاميين في الجنوب والشمال، وإن كانت الحكومة اليمنية جادة في تعاملها مع هؤلاء المتطرفين، لكن يجب دعم جهود التنمية وتوسيع رقعة التعاون بين دول الخليج واليمن لتطوير القدرات الاقتصادية الذاتية هناك وتمكين القطاعات الاقتصادية من توفير فرص عمل لأبناء اليمن، ويمكن للمرء أن يلمس ظاهرة هامة وهي أن الحكومة في اليمن تريد أن تعالج معضلات التنمية على أسس مهنجية وقد بدأت بمراجعة أنظمة التعليم للتمكن من توفير مخرجات من الجامعات والمعاهد تتوافق مع متطلبات الاقتصاد، هذه المعالجات يجب أن تشجع وتعضد بتمويلات خليجية ودولية حيث إن استيعاب اليمن ضمن منظومة الاقتصاد الحر وتطوير علاقاته السياسية والاقتصادية تظل مرهونة بتطور أوضاعه السياسية تجاه المزيد من الديموقراطية والتعددية وتعزيز القدرات التنموية، وإذا سارت الأمور إيجابا في هذه المنطقة واستطاعت أن تضع حدا للتطرف والعنف فإنه ليس من الصعب تصور اليمن ضمن منظومة اقتصادية واسعة تشمل دول الخليج والعراق بعد عقد من الزمن!

 

tameemi@taleea.com

�����
   

خلجنة الإسلام:
سعود راشد العنزي
العراق···
ومحنة ليلة الزفاف:
عبدالخالق ملا جمعة
في غير صالح الصهاينة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
أضحوكة "المستقلين":
د·أحمد سامي المنيس
الكويتي عاشق الكراسي:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
حلقات الذكر وحلقات الفكر(4):
فهد راشد المطيري
عودة إلى اليمن!:
عامر ذياب التميمي
حكومة علاوي:
د. محمد حسين اليوسفي
الحكم المطلق:
يوسف مبارك المباركي
تسييس الغرفة:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
محامو الأردن ومحاكمة صاحبهم:
د. جلال محمد آل رشيد
عودة توازن الرعب:
عبدالله عيسى الموسوي
المعارضة حين تصبح على خير!:
عقيل سوار
نساء العراق بريئات من صدام حسين
دفاعنا عن الكويت يعني دفاعنا عن الحقيقة :
حميد المالكي